الذين راهنوا على نجاح معالي الشيخ الدكتور صالح بن حميد في موقعه الجديد رئيسًا للمجلس الأعلى للقضاء هم الفائزون -بإذن الله- فالشيخ على قدر التحدّي.. ويزيد. ولا أحسب أن تحديًا يواجه بلادنا كما تحدّي إصلاح القضاء، وتطوير أداء القضاة، فكل إصلاح آخر مرتبط بالقضاء. القضاء الحر النزيه العادل هو صمام الإصلاح الأقوى، وهو ملجأ المصلحين بعد الله عز وجل. الدكتور صالح وقد أكمل شهورًا أربعة في المنصب الساخن، أثبت أنه الحصيف الأريب، الذي يعمل بهدوء، لكن بفعالية. هو رجل يؤمن بأن الحل سيأخذ بعض الوقت، وأنه ليس مجموعة من الإجراءات، ولا رصيدًا ضخمًا من الميزانيات، ولا هو محصور في إنشاء المباني وإدخال التقنيات، بل الأهم من ذلك كله إصلاح المفاهيم، وتغيير العقليات ارتقاء بها نحو التحرر من قبضة استشعار بيروقراطية العمل مجردًا من المعاني العظيمة، والقيم السامية التي تحيط به، كونه ممثلاً للعدالة، وموقّعًا عن الشريعة، ومسؤولاً أمام الله مباشرة. بدأ معالي الدكتور بوضع لوائح وقواعد لاختيار القضاة، مبنية على الكفاءة والأهلية لا غير، ووسّع أبواب الاختيار لتشمل خريجي جميع الكليات الشرعية في المملكة، بعد أن كانت موصدة إلاّ أمام واحدة فقط. معايير اختيار القضاة في نظر معاليه أشمل من اشتراط التفوّق، أو التقدير، أو الخلفية الثقافية، أو المناطقية، أو المذهبية، ولذلك كان حرصه أيضًا على تطبيق مفهوم جديد هو (الاعتماد القضائي).. ربما هو أشبه بترخيص العمل المحايد الذي يناله مَن تنطبق عليه الشروط والمعايير، ويجتاز الاختبارات والمقابلات المحددة سلفًا. ومؤخرًا حضر الدكتور صالح بعض جلسات القضاء في الرياض؛ ليقف بنفسه على الذي يجري داخل أروقة المحاكم، وليطّلع على الآليات التي قد تتباين من مجلس قضاء لآخر، وعلى درجات الالتزام وطبيعة الأداء التي تختلف من قاضٍ لآخر، وللاستماع إلى شرائح من المتقاضين، بعضها يشكر، وبعضها يشكو.. خاصة النساء والضعفاء الذين لا يجدون حيلة، ولا يهتدون سبيلاً. امضِ يا شيخنا الكريم ويا دكتورنا الفاضل، والله معك بفضله وإحسانه، ونحن معك بالدعاء والأمل.