عندنا ابتلي بعضنا بتقديس هذه الكلمة اكثر من تقديسه للحلف بالله عز وجل، ترى احدهم اذا اراد ان يعظم قسمه حلف بالطلاق فلا يستطيع من يسمعه ان يحنثه في قسمه خوفا من ان تطلق امرأته.. وكثيرا ما سمعت من يقسم بالله تعالى مرات عديدة فلا يؤبه به، ولا يقام له وزن، بل ويتهم بأنه لو كان جادا في حلفه لحلف بالطلاق.. وهذا غاية الخذلان. وكم وقعنا في حرج كبير من جراء إطلاق هذه الكلمة الشنيعة، يأتي احدهم إليك قاصدا الإكرام فيبتدرك بكلمة (علي الطلاق أن تأكل ذبيحتك عندي) فتسود الدنيا في عينيك ولا تستطيع الاعتذار ولن يقنع بأعذارك وارتباطاتك ومواعيدك ولا تملك إلا أن تلبي صاغرا ذليلا خوفا على (كيلوباترا) ربة البيت حرمه المصون ان تذهب في خبر كان فحياتها معلقة بهذه الكلمة ولا تعلم ما نيته هل يقصد طلاقها ام انه لم يخطر على باله الطلاق.. وهكذا ندخل في دهاليز فقهية لا تنتهي ولو ذهبت اذكر لكم القصص المبكيات لتعجبتم من ذلك. اني لاغضب جدا ممن يحلف بهذه الكلمة ويعظمها ويقدمها على حلفه بالله تعالى.. واني لاحتقر بشدة من يحلف عليه بالله وأسمائه الحسنى وصفاته العلى فلا يجيب واذا تفوه احد الحمقى ب (علي الطلاق) لبى ذليلا.. انه الجهل المركب الذي غطى على العقول وجعل منها مطية لإبليس الرجيم وأنساهم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت). استطيع أن احلف بالله تعالى ولا أثم ان بعضهم قد بانت زوجته منه وطلقت وذهبت الى غير رجعة وهي لا تزال الى الان في عصمته (كما يتوهم) بل اني لأعرف بعضهم لا يقوم ولا يقعد ولا يمزح الا ب (علي الطلاق) واذا نصح قال اني لا اقولها صراحة وانما اقول (الطباق) انظر الى أي مدى وصل الذكاء بهذا المكابر, حلف رجل على اخر بالطلاق كي يتعشى معه الليلة فرد الاخر بالطلاق الا يتعشى معه.. حلها الان. لست اعلم لماذا يلجأ بعض الأغبياء الى جعل الزوجة تعيش على أعصابها مهددة في أي لحظة بان تذهب ضحية عشاء او غداء.. يتحدث عندنا العامة بقصة فحواها ان القاضي منع مرة من الحلف بالطلاق وان من حلف به يسجن فقيل إن القاضي بلغه عن رجل انه حلف بالطلاق فاستدعاه.. فقال له أأنت حلفت بالطلاق؟ قال لا، قال القاضي قد شهد عندي عدول انك حلفت بالطلاق فقال الرجل: علي الطلاق إني لم احلف بالطلاق! لقد أزعج هؤلاء المجانين علماءنا ومحاكمنا بكثرة مشاكلهم الناتجة عن حمقهم وحلفهم بالطلاق وبكائهم وعويلهم اذا قيل لأحدهم قد بانت منك امرأتك. وضعوا أنفسهم في مأزق هم في غنى عنها. لي أخت من الرضاعة سهرت عندها مرة احدث بناتها وأبناءها عن اهمية الايمان باليوم الاخر ووصف الجنة والنار ثم ذهبت ففوجئت بها في اليوم التالي تخبرني بان البنات لم ينمن من خوفهن الا بعد ان صلين الفجر.. حتى ان بنتا منهن نامت على سجادتها. فقلت لإحداهن: هل صليت الفجر اليوم وانت سهرانة من البارحة لم تنامي؟ قالت أي والله وعلي الطلاق اني صليت الفجر انا واختي فضحكت وقلت كفى بهذا دليلا. وهذه ابنة اخي الصغيرة ذات مرة تريد ان تلزمنا انا وأباها بالذهاب معنا فلما أبى أبوها ان تذهب أخذت تبكي وتتوعد وتهدد وتقول: (علي التلاك.. اروه معكم). وأظن ترجمتها واضحة فقلت لأخي أنت الذي جنيت عليها حتى طلقت زوجا لم تره بعد.