قضت محكمة في دبي بسجن أحد مواطني الامارات 3 سنوات مع دفع غرامة قدرها 17 مليون درهم بعد ثبوت عمليات فساد واسعة ضده تلخصت في فرض عمولات غير نظامية ذهبت إلى جيبه الخاص، العمولات فُرضت على بيع وتأجير الأراضي في مدينة دبي الصناعية. وبالرغم من إنكاره للجرم، إلاّ أن القضاء حكم عليه بموجب الأدلة الدامغة ضده. ولقد جرت العادة في عالمنا الثالث أن لا تصل هذه الحالات إلى المحاكم إطلاقًا.. ربما واحد في المليون شريطة أن يكون (الواحد) هذا بلا ظهر ولا سند، وحتى هذا (الواحد)، سيدخل السجن عدة أيام وربما شهور قليلة ليصدر بعدها قرار بإطلاق سراح سيادته نظير أخلاقه وادبه بشهادة شهود (ما سمعوش حاجة)! وطبعًا ستذهب (شوية مئات الملايين) في خبر كان لأن هناك مائة شاهد وشاهد سيبصمون بالعشرة على إعساره وفقره وحاجته إلى الصدقات والزكوات وشيء من بيت مال المسلمين كذلك. لكن لأن دبي غير، فإن صاحبنا (الفاسد) لن تنطلي له حيلة، ولو شهد معه الشرق والغرب، إذ أعلنت المحكمة أن كل 100 درهم لا تسدد تعني مكوث صاحبنا في السجن مدة يوم إضافي، وعليه لو عجز عن سداد كامل المبلغ المثبت ضده، فإنه سيبقى في السجن 465 عامًا لا غير. وهنا بيت القصيد: لا استمتاع أبدًا بالمال المختلس، وحتى ذلك الذي أنفق سيدفع مقابله أيامًا وشهورًا وسنوات في السجن، صاحبنا الذي يبلغ من العمر حاليًا 32 عامًا لن يتمكن من الهرب من فعلته أبدًا، الحد الأدنى 3 سنوات سجن والزيادة مفتوحة حتى ساعة الموت إن لم يُعِد المال الذي استولى عليه سحتًا وإثمًا وفجورا. بغير هذا التشدد الواضح في الأحكام القضائية ضد (الحرامية) الكبار، لن ينتهي مسلسل الفساد أبدًا، بل سيتضخم وينمو ويأكل معه الأخضر واليابس ويفسد معه الصالح والطالح. المبلغ المختلس هنا 17 مليون درهم فقط، وفي ديار أخرى اختلس مواطنون مئات الملايين وانتهوا بحمد الله وجهاء وعظماء. يا للمفارقات العجيبة!!