لدينا عدد لابأس به من الصحف اليومية التي يكتب فيها عدد كبير من كتابنا ومفكرينا الافاضل، والتي تؤدي دروا كبيرا تشكر عليه في متابعة هموم الشأن العام وشؤون الوطن بصفة عامة. ولكن الملفت للنظر ان هذه الصحافة لا تخضع للنقد من قبل بعضها البعض، ولا من قبل جهة معينة رسمية او غير رسمية وحيث ان النقد والنقد الايجابي بالذات ذو اهمية قصوى من اجل التطور وتصحيح بعض الافكار او المسارات التي قد تأخذ طابع الديمومة وتصبح من العادات التي يصعب التخلص منها. الذي دعاني لكتابة هذه الاسطر المتواضعة هو ما يكتب في اعمدة الصحف المحلية بشكل يومي حيث لاحظت في معظمها الا ما ندر افكاراً مستهلكة ومكررة ومع انها مكتوبة بمفردات جيدة الا انها لاتسمن ولاتغني من جوع. ومن بين الاسئلة التي تدور في ذهني الاتي: هل الاشكالية تكمن في عدم وجود مادة اجدى بالطرح ام ان الصحف تتضامن مع بعض الكتاب بمجاملات من اجل الوجاهة والمحسوبية التي ينادي بعض كتاب الاعمدة بمحاربتها وفي نفس الوقت يستثنون انفسهم من نقد الذات حيث تصب اهتماماتهم على نقد الغير وخاصة منسوبي الادارات الحكومية او المؤسسات العامة. لقد احسنت وزارة الثقافة والاعلام باعطاء مساحة كبيرة لكل من يريد ان يكتب في الصحف المحلية دون المساس بالثوابت وبعد ذلك تركت للصحف مسؤولية اختيار المادة التي تراها مناسبة للنشر وهذه المسؤولية يترتب عليها ان يكون لدى الصحيفة منهجية معينة في مستوى ما يطرح في اعمدتها اليومية او الاسبوعية والتمحيص فيما اذا كان الطرح يأتي بشي ذي قيمة تبرر اشغال المساحة التي يحتلها في المطبوعة ناهيك عن المبالغ المدفوعة لهذا الكاتب وذاك اذا كان بالفعل يتقاضى مكافأة مالية على عموده اليومي او الاسبوعي.انا ادرك انني هنا اتعرض لموضوع شائك وقد يثير حفيظة بعض الكتاب المتمرسين في هذه المهنة العريقة التي لم تنعت بالسلطة الرابعة عبثا والذين نكن لهم كل الاحترام والتقدير ولكنني اعتقد بان هناك مواضيع احرى بان تنال أهمية وعناية أوفر بدلا من المواضيع المعادة والمكررة والتي لاتضيف الى المعرفة جديداً واسهامها في تنوير الرأي العام محدود جدا ولكنها تحتل تلك المساحات على حساب مواضيع اهم اتمنى ان نرى منبر اعلامياً اسبوعياً محايداً على احدى القنوات التلفزيونية يسمى «الصحافة في اسبوع» تكون مهمته النقد الايجابي... يقوم باستعراض ما ينشر ويذاع من منظور اعمق واوسع... ويثري الساحة الادبية والاجتماعية.. بعيدا عن النرجسية والاعجاب بالذات حتى تكون المؤسسات الاعلامية اكثر فعالية لمعالجة هموم المجتمع والشأن العام في كافة المجالات وتكون مشاركتها في برامج الاصلاح اجدى واكثر فعالية. وحيث ان فكرة كهذه تحتاج الى راع مكين يتبناها ويخرجها الى حيز الوجود.. ولا ارى افضل واقدر من وزير الثقافة والاعلام الاستاذ اياد مدني الصحفي المخضرم.. الذي بمقدوره ان يضيف استحداث منبر «الصحافة في اسبوع» الى انجازاته البارزة في مجال الاعلام. لعله يستجيب من اجل الرقي بمستوى الاداء الصحفي ودعم التركيز على هموم الشأن العام وفك حصار الركود الذي يسيطر على اعمدة الصحف المحلية.