الصورة لا تكذب، والصورة اليوم هي أصدق وأخطر وأبلغ وأسرع وأهم وسيلة إعلامية على الإطلاق، وقد حاول محترفو \"الفوتوشوب\" و \"الدوبلاج\" تشويهها وتزويرها حيناً من الزمن عندما وظفوا مهاراتهم الفائقة وأساليبهم الملتوية في استخدامات هدفها الإساءة فقط، لكنهم فشلوا أخيراً عندما أصبح ممكناً كشف ألاعيبهم، ومع أن هذا الكشف يواجه صعوبات فنية أمام دقة ومهارة المحترفين في فنون التزوير إلا أنه أصبح ممكناً، وأتصور أنه مع الوقت وتطور العلم سيكون سهلاً عما قريب، لتبقى الصورة كما هي الآن فوق عرشها المبجل المجلل بالمصداقية والبلاغة والسرعة والخطورة. وعلى مر التاريخ الحديث شهد العالم مصورين محترفين وعباقرة وبعضهم فازوا بجوائز عالمية ومازالوا يفوزون مقابل اللقطات النادرة في تعبيرها وبلاغتها وخطورتها والمصورون الصحفيون خاصة يتعرضون لمخاطر جمة سيما في الحروب والكوارث والحوادث التي تتطلب مغامرة لتصويرها تصل أحياناً لدرجة الموت، وقد حدث أن مات بعضهم وقتل بعضهم الآخر، وفي الظروف العادية يتعرضون لمشكلات قد تصل أحياناً لدرجة الإهانة، ولعل ما يحدث لهم في بعض المؤتمرات والمناسبات خير دليل على ذلك، مع أن الجميع في حاجتهم والجميع يتطلع إلى فلاشاتهم ولكنهم مع الأسف كالشعير \"المأكول المذموم\" كما يقال. ومن بين هؤلاء المهمين الخطرين المتميزين الموهوبين الواعين لدور الصورة، هذا الشاب الحائلي مصور حادثة الإنقاذ الشهيرة في حائل \"شبيب عودة الشمري فهذا الشاب الرائع عرف قيمة وأهمية التطور الهائل للعلم الذي مكنه من أن يحمل جوالاً بكاميرا، فسجل به أهم حدث قد يمضي عليه في حياته، وهو أهم حدث في مجاله تتناقلته الفضائيات ومواقع \"النت\" والصحف، لكن هذا الشاب المبدع الذي لولاه لم يعرف أحد عن الحدث أصلاً أصبح في طي النسيان وقاع التجاهل. لقد تفضل خادم الحرمين حفظه الله فمنح أبطال الإنقاذ الثلاثة وسام الملك عبدالعزيز، ومنح زوج المرأة التي أنقذوها سيارة بديلة، كما كرمهم جميعاً ولي العهد متعه الله بالصحة وكذلك فعل الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية، وأيضاً أمير حائل، وهؤلاء الأبطال جديرون بالتكريم، وجديرون بالاهتمام، وجديرون بكل ما نالوه مادياً ومعنوياً ووظيفياً وهذا أمر ليس غريباً على بلادنا، فالتكريم للمبرزين والمميزين ديدن ولاة الأمر، وقد سبق أن كتبت ذلك في مقالي يوم الثلاثاء الماضي، ولكن الحقيقة الساطعة تقول، إنه لولا \"كاميرا شبيب \"لما عرفنا الأبطال نهائياً، بل لما عرف أحد عن الحدث من أصله، فقد كان ممكنا أن يحدث بكل تفاصيله دون أن يعلم عنه سوى الحضور القليل، ولما كان \"رشيد الهمزاني وسيف الشمري، وعمر الفقيه على منصات التكريم أبداً. إن تكريم المصور الرائع الشجاع \"شبيب الشمري\" لن يكون تكريماً له وحده، بل سيكون حافزاً هائلاً لتوجيه كل شباب الوطن إلى استخدام \"الكاميرا\" المتاحة لكل إنسان اليوم إلى تسجيل وتخليد أحداث الوطن الرائعة إنسانياً واجتماعياً واقتصادياً وتنموياً، بدل استخدامها في أمور هامشية أو مسيئة، وهو أقصد تكريم شبيب تكريم لكل المصورين وتقدير عظيم لأهمية وخطورة الصورة وتعبير حضاري عن وعي الوطن بكل مواهب أبنائه وقدراتهم في كل مجال. إنني أشعر شخصياً بالغبن الذي يشعر به الآن شبيب وهو غبن لن يرفعه سوى التفاتة هؤلاء الكبار قدراً ومكاناً ووعياً الذين بادروا إلى تكريم الأبطال الثلاثة، وعلى رأسهم وفي مقدمتهم ملك الإنسانية والتحضر والإنجازات التاريخية، والإبداع الملك المحبوب عبدالله بن عبدالعزيز وفقه الله \"إن تكريم \"مصور بطولة الإنقاذ\" في حائل تكريس لقدوة وطنية مضيئة للشباب السعودي كله، ووطننا جدير بتلمس \"القدوة\" النابهة وتشجيعها.