ما زال الحديث عن الصحف والمجلات الإلكترونية، ما أثير من أجلها قضية الآن في الوسط الإعلامي حول مواد هذه الصحف وما يحدث في هذه الصحف وعن السياسات والجزاءات، هناك من يطالب بتدخل من الرقابة للتحكم في هذه المجلات والصحف الإلكترونية كي تحكمها قوانين إعلامية ثابتة كما هو الحال مع الصحف و المجلات الورقية. إن فكرنا في المثاليات وما نود أن يحدث فهذا كلام مرغوب به بالتأكيد، لكن لو نظرنا إلى الواقع وما يحكمه من ظروف سنجد أن هذا مستحيل الحدوث خاصة أننا نتحدث عن فضاء واسع جداً يستطيع أي شخص فيه النشر دون حسيب أو رقيب بكل سهولة و من النادر جداً أن يجد من يحاسبه ما عدا لو كان الأمر يتعلق بالمنتديات. عندما كان الأمر يتعلق بالصحف والمجلات الورقية لن توزع إلا عن طريق منافذ بيع، ومنافذ البيع هذه لن تبيع أي صحيفة دون أن تكون مرخصة و تخضع للقوانين (إلا إذا عدنا للعهد القديم كما كان يحدث إبان الأزمات السياسية في الدول حين كانت المنشورات المخالفة توزع في السر)، لكن في الإنترنت، ما الذي سيحكم انتشار مجلة تجاوزت قوانين الرقيب؟ وتجاوزت القوانين الإعلامية؟ وكيف ستتم السيطرة على كل هذا العدد المهول و الكبير جداً من المجلات والصحف الإلكترونية؟ إن ما حدث في الآونة الأخيرة في أكثر من موقع إلكتروني و أكثر من مدونة من تجاوزات ومشكلات و صل حدها إلى التدخل الواقعي من قبل القضاء (كما حدث للمدون فؤاد الفرحان على سبيل المثال)، حرك القضاء لوضع قوانين وجزاءات وعقوبات تخص قضايا الإنترنت بسبب كثرة القضايا الكبيرة التي بدأت تحدث بسببه، والتي أثبتت فيها أن الإنترنت فعلياً ما عاد عالماً افتراضياً فقط بل عالماً مسانداً للواقع، في رأيي لو تحال إليها قضايا الصحف والمجلات الإلكترونية على اعتبار أنها ضمن نطاق الإنترنت و تخضع لذات الطريقة في الرقابة و ذات القوانين. نعم هناك تجاوزات كبيرة تحدث في هذه الصحف الإلكترونية، هناك خرق للقوانين، هناك مشكلات تثار، هناك ادعاءات كاذبة واتهامات كبيرة، لكن من الصعب التحكم فيها كما بالصحف الورقية، حسناً تم افتتاح مجلة إلكترونية وحدث فيها الكثير من التجاوزات ولنفرض أنه كجزاء تم حظر المواقع في السعودية، ثم ماذا؟، حتى القارئ والمتابع نفسه لن يستطيع تقبل فكرة وجود رقابة حتى في الصحف الإلكترونية وسيلجأ (كما يفعل البعض مع الكثير من المواقع) إلى برامج فك الحظر ليصل إلى الصحف الهاربة. المشكلات والقضايا التي حدثت وتحدث الآن وستظل تحدث لن يستطيع مجابهتها سوى القضاء بقوانينه التي سنها من أجل الإنترنت، مهما كان مضمون هذه الصفحات تظل صعبة السيطرة إلا على القضاء. عن صحيفة الإقتصادية