نحن نعيش الآن في عصر جديد يختلف تماماً عن العصر الذي عشناه في القرن العشرين. فالعالم ينتقل من مجتمع صناعي إلى مجتمع من نوع جديد. ويتميز هذا العصر بالإنتاج غزير المعرفة وإنتاج خدمات وأفكار معرفية ويعتمد في تخطيطه على الحاسوب والإنسان الآلي ويقوم على اقتصاد المعرفة. وبذلك فإن التنمية البشرية تقع على قمة الأولويات، بحيث يكون للعقل البشري دور كبير في الابتكار والإبداع لضمان الوصول إلى القدرة التنافسية مع باقي الدول المتقدمة، خاصة بعد تفعيل مبدأ العولمة والانفتاح على العالم الخارجي، وإزالة الحواجز بين الدول ومواجهة التحديات التي تواجه كل الشعوب في الحاضر والمستقبل. وفي هذه الظروف التي نعيشها نتيجة الحاجة إلى المهارات والخبرات والأفكار الجديدة، تبرز رغبة كل أمة إلى وجود مبدعين يقدمون إضافات إلى المعرفة الإنسانية، ويدفعون عملية التقدم إلى الأمام، ويصبح الإبداع واستثارة الأفكار الجديدة هو البوابة الأولى للوصول إلى مركز مرموق في سياق التفوق بين الدول. ومنذ بداية النصف الثاني من القرن العشرين بدأ كثير من الباحثين النفسيين والتربويين يولون ظاهرة الإبداع اهتماماً خاصاً. ويعتقد هؤلاء الباحثون أن جميع الأفراد يتصفون بنوع من القدرة الإبداعية، ولكن بدرجات متفاوتة في الكم والنوع. كما أن هذه القدرات تظهر في مختلف الأعمار، وفي مختلف ميادين الإبداع العلمي والأدبي والفني والإداري والاقتصادي ... إلخ، والمطلوب هو استثارة هذه القدرات وتدعيمها وتوفير البيئة المناسبة لتنميتها وإظهارها بشكل مناسب. ولكن ما هو الإبداع؟، إنه عملية إنتاج أو إبداع شيء جديد على أن يكون أصيلاً وملائماً للواقع والبيئة، وأن يحل مشكلة من المشكلات أو يحقق هدفاً معيناً وأن يكون ذا قيمة ويحظى بالقبول الاجتماعي، وأن يكون صاحبه قادراً على توصيله إلى الآخرين بشكل مناسب. ولذلك، فمن الصفات الأساسية للمبدع، أن يكون واثقاً من نفسه، وأن يتميز بمرونة التفكير والقدرة على الإقناع والمثابرة في العمل وسرعة التعلم والطموح والحساسية الشديدة في ملاحظة الفروق بين الأشياء والقدرة على حل المشكلات، وتعدد الأفكار وسرعة البديهة والميل إلى الاستكشاف والتساؤل... ولكن ماذا نعمل من أجل تنمية الإبداع عند أبنائنا؟ إن المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين –حفظهما الله- تسعى دائماً إلى رفع مستوى المواطنين من النواحي الاقتصادية كما أن ظروفنا الاقتصادية والثقافية والمادية وأساليب التربية والتنشئة تدعو إلى اتخاذ إجراءات مناسبة لتأمين بيئة ومناخ مناسبين لتنمية مواهب وقدرات الأبناء الإبداعية، بحيث يصبحون قادرين على التفكير والإبداع منذ طفولتهم خاصة وأن بلادهم في حاجة ماسة إلى طاقاتهم وابتكاراتهم واختراعاتهم للتمكن من مواكبة التطور العالمي، ويمكن أن يتحقق ذلك من خلال ما يلي: توضيح أهمية الإبداع للأفراد والمجتمع وخصائص شخصيات المبدعين وحاجاتهم. إعداد الدراسات الاجتماعية والتربوية للتعرّف على الظروف المواتية للإبداع في الأسرة السعودية. العمل على تحسين المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للأسرة السعودية. الاهتمام بالإجابة على أسئلة الأبناء الكثيرة بأسلوب علمي مبسّط. تشجيع الأبناء على ممارسة الهوايات والقراءة والاطلاع وتوفير فرص اتصالاتهم بالآخرين. العمل على استثارة خيال الأبناء الذي يظهر في مرحلة مبكرة جداً من حياتهم لارتباطه بالقدرات الخلاّقة والمرونة والأصالة وغيرها. استغلال وسائل الإعلام مسموعة، ومقروءة، ومرئية لتشجيع الإبداع. توفير المكتبات والأندية العلمية والجمعيات العلمية والثقافية لمختلف الأعمار وفي مختلف المناطق بالمملكة. إن القدرات الإبداعية تكمن في كثير من الأبناء وما علينا إلا إتاحة الفرص لها للظهور والنمو بتشجيع هذه القدرات ورعايتها وتوفير البيئة المناسبة لها. وإلى غدٍ مشرق بإذن الله تعالى. عن صحيفة الرياض