لا تتسرع بالإجابة ! فقد تكون إجابتك حاضرة تلقائية لأنك جعلت تنفيذها سلوكا يوميا تتخذه في عملك مهما كانت وظيفتك , فتقول : يريد مني مديري الإخلاص في العمل والحضور المبكر, وعدم الغياب , والانضباط ,وتحمل المسؤولية , والانجاز الكمي والكيفي , وغير ذلك من متطلبات الإدارات الناجحة التي يحرص مدراؤها ويلحون في طلب هذه القيم الجميلة ( حتى لو كانوا لا يطبقونها ) . ويكفي من المدير ( أو المديرة ) ملاحقة الموظفين وجلدهم بسياط المسؤولية والصلاحيات , وتذكيرهم في كل لحظة من خلال فرقعة السوط من بعيد . وكثير يرون أن المسؤول الناجح هو ذلك الذي ينجز موظفوه العمل , ويطورون من إدارتهم , ويجعلون منها الأولى في طليعة الإدارات الفاعلة والمتفاعلة, حتى لو كان هو نفسه من أشد المتلاعبين بالدوام (أوالإجازات المرضية ) وحتى لو كان ( أو كانت ) ممن يديرون الأنظمة فيجعلونها تخدم مصالحهم بينما تسحق الآخرين في ذات الوقت ( أليس هذا ذكاء إداريا ؟ إذن يحمد لهم !) هل بدأت تراجع إجابتك ؟ انتظر حتى أكمل حديثي ثم أجب عن سؤالي لعلي قد ذكرتك بأمر لم تلق له بالا من قبل لشدة انغماسك في حلاوة التفاني وعذوبة الثناء والإطراء . أليس من الممكن أن يطمع مديرك في ضعف شخصيتك وطاعتك العمياء له فيطلب منك أن تشتري له ( لها ) هدية لشخص عزيز لأن الوقت لا يسعفه لكثرة أعماله ؟ فتذهب إلى السوق يحدوك أمل أن يزيد حبه لك وتصل أخيرا إلى مكانة متميزة لديه دونا عن بقية زملائك ؟ ألم يلمح لك مديرك يوما بأنه يكره المسؤل الفلاني لأنه يضطهده ويناصبه العداء , ثم أدخل في تجاويف الكلام شيئا عن الوفاء ( لشخصه طبعا وليس لإدارته ) مشيدا بالأوفياء الذين يتسابقون إلى إرضائه وكسب مودته ؟ هل شعرت يوما أن مديرك الفاضل غاضب منك , يشيح نظره عنك كلما رآك , يسخر منك كلما تحدثت , وأصابتك حيرة شديدة وأخذت تدور حول نفسك تسأل عن السبب , لتكتشف أنه ( أنها ) غاضب لأنك أثنيت على شخص أو قلت كلمة حق في حساب فلان من الناس ؛ بينما يضعه في قائمة الأعداء والمنافسين , بل ويجلدك في كل لحظة مرددا : يا أخي خليك حقاني !!! ألم تسخر من زميل لك سارع يحمل حقيبة المدير ( أو عباءتها ) ومشى أمامه مسرعا يكاد يردد الكلمة المشهورة درب .. درب ؟ لا تسخر لعل مديره ( ومديرك ) يريد ذلك ! هل وصلت إلى المرحلة التي انسلخت فيها من المبادئ , ونسيت فيها كلمة الحق , وأصبحت فيها تجامل وتكذب , و تحمل نفسك فوق ما تطيق وأنت تشعر في قرارة نفسك بأن كل ما تفعله ليس إلا قطرة في بحر الطمع الذي تعود مديرك على العوم فيه ؟ هل اختلطت عليك الأمور لأنك تنفذ لمديرك أوامر وطلبات شخصية ليست من توصيف عملك , ثم عاقبك أشد العقاب لأنك لا تنفذ عملك الحقيقي على أكمل وجه ؟ أخي الموظف , أختي الموظفة , ربما وقف أحدكما في تذلل يصب القهوة لمديره ! لا تخجل ! فهذا من الكرم المشهود عنا , وعليك أن تصبها أيضا لكل محبيه وأنصاره . أما إذا كنت تنجز الأعمال نيابة عنه فأنت مقصر , بل يجب عندما تقدمها له أن تشكره لأنه أتاح لك الفرصة دون سواك وشرفك بالعمل في إدارته . هل أعلنت العداء على خصومه الألداء ؟ لا يكفي , ولكن ردد أمامه دائما النكات عنهم والسخرية من نجاحاتهم . لا تتردد أن تسأله في الصباح عما يشتهيه للإفطار , لأن ذلك من احترام شخصه وتقدير لسنه ومكانته . كن واسع الصدر كبير القلب وضحك على النكات التي يلقيها مديرك عنك أو حتى عن أهلك وناسك ؛ فأين تجد مديرا خفيف الدم يمتص عبء العمل وضغوطه بطرائفه ؟! أما إذا كلفك بالبطش بأحد زملائك فإياك أن تشعر للحظة بالخوف ؛ فأنت عبد مأمور تنفذ ما فيه مصلحة العمل. لا تحسد زميلك إذا وصل إلى مكانة خاصة لم تصلها أنت ؛ فقد يكون أهدر الكثير من اللعاب لكثرة ما تشدق بالنفاق , بل أخشى أن يكون قد خسر إنسانيته وكرامته مقابل هذه المكانة . ضع نصب عينيك هذه العبارات ورددها دائما : إن مديري أفضل المدراء وأطيبهم وأظرفهم . يحافظ على حقوقي وكرامتي , ويوفر لي الأمان الوظيفي , يعدل بين موظفيه , ويخلص في عمله , يبحث عن الطاقات ويفجرها ويتبنى المواهب , يطور العمل لتبرز إدارته بينما يجعل شخصه في الظل , متواضع , يقدر الظروف ويثمن المعروف ,لم يتمتع بإجازته كما ينبغي , ليس للواسطة عنده مكان , ولا يعرف موظفوه لبيته عنوان . هل انتهيت ؟! استيقظ الآن من النوم .