\"تبغى سيارة\" أو \"سيارة يا الأخو\"، هذه الجملة أو ما شابهها تمثل أول عرض للخدمة يتلقاه أي قادم من الداخل أو الخارج في مطاري الملك عبدالعزيز بجدة، والملك خالد بالرياض. العرض يبدو مستفزاً أو مثيراً للاستغراب، فأي قادم – بطبيعة الحال – يحتاج سيارة لنقله، هذه السيارة قد تكون سيارته شخصياً التي تركها في مواقف المطار أو جاء بها سائقه، أو أن صديقاً أو قريباً يستقبله، أو أنه سيتجه إلى مواقف \"التاكسي\" المصطفة خارج المطار، لكن عارضي الخدمة يعرضونها على الجميع بل ويحاصرونهم أحياناً، ولا يكتفي الواحد منهم بكلمة \"شكراً\" التي سمع القادم يوجهها لزميله، بل يكرر العرض ويلح فيه، ولكثرة ما تكرر العرض معي سألت أحدهم: هل تعتقد أنني لا أعرف كيف أحصل على سيارة؟ قال: العفو يا أخي، لكنني أستطيع خدمتك بأجر أقل من التسعيرة الرسمية. أصحاب هذا العرض \"يكدون\" على سياراتهم \"الخصوصي\" التي لا يسمح النظام باستخدامها لهذا الغرض، ولذلك فهم يستغلون غياب رقابة رجال المرور أو تسامحهم، ويدخلون إلى صالات القدوم عارضين خدمتهم على القادمين الذين يحول هؤلاء بين بعضهم وبين الوصول إلى سيارات \"التاكسي\" النظامية، وهنا يستفيد اثنان، ويخسر اثنان، القادم يستفيد بدفع أجر أقل وصاحب \"الخصوصي\" يستفيد بالأجر الذي يحصل عليه، أما الخاسران فهما صاحب \"التاكسي\" الملتزم بالنظام، والنظام الذي لا يطبق وفي عدم تطبيقه إساءة واضحة للوطن، هذا عدا تلك الصورة غير الحضارية التي يمكن أن تنعكس في ذهن أي قادم من الخارج للوهلة الأولى. وبحساب الربح والخسارة المادية يروي صاحب \"تاكسي\" سعودي في مطار الملك عبدالعزيز بجدة أنه يدفع ألف ريال سنويا لشركة المشاريع بالمطار ويدفع أربعة ريالات عن كل مرة يدخل فيها لأخذ دوره في صف \"الانتظار\"، وأنه بصعوبة يحصل على مشوارين في اليوم بسبب كثرة أصحاب \"الخصوصي\" الذين يتخطفون الركاب من الصالات قبل أن يصلوا إليهم، ويتذكر هذا السائق أن أحد ضباط المرور كان رئيساً لقسم المرور بالمطار منذ ثلاث أو أربع سنوات نجح نجاحاً باهراً في القضاء على هذه الفوضى، حيث لم يكن يجرؤ أي صاحب \"خصوصي\" على هذا العمل، لكن هذا الضابط تمت ترقيته إلى رتبة أعلى – يقولها السائق بحسرة – ثم انتقل إلى موقع آخر فعادت الفوضى مرة أخرى وبصورة أشد. ومع أن هذا السائق متضرر إلا أنه لا يطالب بقطع رزق هؤلاء بمنعهم من العمل فهو – كما يقول – يعرف أن الحاجة تدفعهم لذلك، لكنه يطالب بالمساواة، فإما أن يصف هؤلاء سياراتهم معنا ويدفعون مثلما ندفع \"1000 ريال سنويا وأربعة ريالات عن كل مشوار\" وإلزامهم بالتسعيرة، وإما أن يتم إعفاؤنا من الرسوم التي ندفعها ومن الالتزام بالتسعيرة، ومن تغيير سياراتنا \"الأجرة\" كل أربع سنوات، فأهل \"الخصوصي\" لا يجبرهم أحد على ذلك. سألت السائق: هل شكوتم هذه الحال إلى مدير المرور في جدة أو رفعتم إلى مدير عام المرور في المملكة؟ فتجاهل سؤالي وقال: \"أنت من وين جاي\"، وواصل يتحدث عن زحام الطريق وكيف أنه يضاعف زمن المشوار في جدة ويفتك بالأعصاب.