إن أردت السفر عبر كثير من طرقنا البرية فلا تنس أن تكتب وصيتك وأن تنهي جميع ارتباطاتك التي تشعرك بأن عليك أن تكون صاحب إنجازات في حياتك وقبل مماتك على غرار الدعاية الجميلة \"أقم صلاتك قبل مماتك\" ذلك أن الموت يسكن على جوانب كثير من طرقنا. تجده وقد أطلقت له العنان شركات الإنشاءات أو الصيانة التي تترك معداتها أو بعض مخلفاتها الترابية والإنشائية مصايد يقع في شباكها من لا يعلم عنها إلا حين يفيق من غيبوبة في أحد المستشفيات أو يوم البعث والنشور، وهذا الإهمال لا يكلف الشركة شيئاً لأنها لا تدفع تعويضات للمتضررين ولا تعلم عن غرامات لأن النظام صامت أو غير موجود أصلاً. تجده في مداخل ومخارج لا تخضع لإشارات ولا لمعالم تشير إلى أن الأولوية لمن يسير على الطريق الرئيسي فيدخل من يشاء حيث شاء ويخرج من يشاء حيث شاء، وقد تجد نفسك أمام تقاطع مربع لا تدري أين تذهب ولا أين يذهب الطرف الثاني أو الثالث .. أو مطب صناعي في طريق عام قد يعرفه مرتادون دون آخرين، كما أن الطريق في كثير من الأحيان بغير حماية من الجانبين ولا أسوار من الأسلاك تمنع عبور السيارات والحيوانات فكأنه أشبه ما يكون بطريق مفاجآت، صمم ليكون مضمار اختبار لقدرات السائقين في التنبؤ بما قد يقع في الأمتار المقبلة. تجده في سيارات ومركبات يقودها إما متهورون يمارسون القيادة مع انجاز بقية أعمالهم وينهون أشغالهم من اتصالات جوالية، إلى قراءات صحفية، إلى مناوشات مع زملاء الرحلة، أصدقاء أو أقارب لتفاجأ بسيارة تعكس اتجاها فجأة على طريق سريع أو تتوقف فجأة حيث لا يصلح وقوف أو تأتي لتعانقك من الاتجاه الآخر وهو عناق قد يكون أشبه بالتهام رصاصة عابرة. ربما نكون من أكثر دول العالم وفيات حوادث منسوبة إلى عدد السكان لكنها مقارنة لا يصلح معها إلا أن نبحث أين المشكلة ؟ أهي في الطريق أم في السائق أم في السيارة أم في غياب مراقبة صارمة لكل هذه العوامل ويتحمل كل ذي علاقة مسؤولية كاملة حتى ننال شرف تخفيض النسبة إلى حدها الأدنى في المقارنة، لكن من الذي يشغل نفسه بشيء من هذا طالما أن الأموات لا يملكون القدرة على التعبير والأحياء تشغلهم الإعاقات والإصابات وخسائر تجعلهم صامتين.