كل إنسان مسلم على وجه البسيطة يحفظ كلام النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) . أي ما كان خلقاً جميلاً تركه وأثبته ، وما كان قبيحاً أزاله وحذّر منه . لكن الواقع الذي نشاهده اليوم من تليُّف الذوقيات لم يشمل عامة الناس ، بل امتد واستشرى حتى لدى طائفة من المتدينين حتى صرت تسمع عن نكاتهم ورسائلهم عبر (sms) ، أو في المجالس المفتوحة أو اللقاءات الخاصة ما يمكن أن تسميه بكل وضوح ( بقلة الأدب ) ! ولو أردنا أن نوسع البحث لما أخذنا وقتاً في تتبع كل ما يخدش الحياء ويتلف الذوقيات عبر الفضائيات والمنتديات التي صارت موادها وكلماتها حديث الناس وأغانيهم . وصارت كلمات الشوارع هي كلمات بيوتهم ومجالسهم وسياراتهم ورحلاتهم ومدارسهم - إلا من رحم ربك - ! ودونكم موسوعة الشتائم بكافة اللغات عبر الأغاني العربية «غور من وشي» والأغنية الإماراتية «حل عن سماي وروح» ، أما آخر موديل لمغنٍ سعودي فهي أغنية تقول «انقلع» ! ثم ها هي التوجيهات الغنائية للشباب والبنات والأزواج والزوجات «لا يهمك» ومن «يبيعك بالرخيص بعه»!! والله إنه زمن العجائب حقاً ، الذي أتلف ذوقياتنا ، وتحول الحب فيه من الإنسان السوي المألوف إلى «بحبك يا حمار»! إنه سوق يتصارع فيه الماجنون والمتلاعبون بالأخلاق والمثل ، ليضعوا الكلمات الجميلة العفة على صفيح يغلي بالناس وهم يقولون: إيه ، الله يرحم أغاني زمان ! وأنا والحمد لله بعيد عن كابوس هذه الأغاني قديماً وحديثاً ، ولكن الساحات والمجلات والجلسات ، بل وحتى أغاني الأطفال وشتائمهم صارت مفرداتها هي تلك العبارات . وستتطور هذه المفردات طالما بقي الإنسان بشقائه وأنانيته وجلساته المريبة وحياته المزرية يتغنى بها والجمهور العريض يقول: سمعنا يا جدع ! والله يعين الشباب اليوم الذين يسمعون لمغنية تقول: «أحبك آه ، أتجوزك لأ»!. اللهم لا حوالينا ولا علينا ، وسلم لنا عقولنا وأخلاقنا .