* تشهد الساحة الثقافية زخما كبيرا من الحراك الثقافي الذي يدور هذه الأيام بفضل مساحة الحرية التي يتمتع بها الكتاب والمثقفون في بلادنا في هذه المرحلة التاريخية بكل المقاييس . فالصحف المحلية تحفل صفحاتها بالمقالات العديدة التي تتنقل بين النقد الصارخ والطرح المعتدل . والنوادي الأدبية تنشط فعالياتها المتنوعة ، من تكريم رواد ، ورائدات ، إلى الاستمتاع بآراء مفكرين مشهود لهم من الداخل والخارج . والديوانيات وما ادراك ما الديوانيات التي تحولت من جمع محدود للخلص إلى ندوات مفتوحة لمن يحب أن يرتادها بكل ترحاب. *وعلى المستوى الرسمي نرى ريادة ايجابية يقودها سمو الأمير خالد الفيصل ، مرة في جامعة أم القرى ، وبعدها في النادي الأدبي ويوم الثلاثاء قبل الماضي في حرم جامعة الملك عبد العزيز . * والريادة هنا تكمن في أن المسؤول الأول في المنطقة يقدم نفسه ، وفكره ويدعو الجميع للمشاركة والتجاوب مع تطلعاته لتنمية المنطقة بأسلوب الفنان المبدع ، وحنكة الإداري المقتدر ، واعتداد المثقف المنفتح على الأخذ والعطاء من منطلق فكري معاصر ملتزم بالتراث ومنافح عن السير إلى الأمام بثقة المقتدر ودعم المستنير. * وبعد هذه المقدمة نسأل: هل كل هذا الزخم يعني أن المنهجية الإدارية التي اتسمت بالروتين المقاوم لعملية التغيير الذي تتطلبه عجلة النمو السريعة التي تمر بها المملكة في طريقه إلى الانحسار ؟ * وهل سنرى في القريب العاجل تغيراً ملموساً في أداء الإدارات الحكومية مع دخول دماء جديدة ، وتجهيزات تقنية عالية ، تقلص من العمل اليدوي الروتيني وتخفف على المواطن عناء الوقوف في طوابير الانتظار ؟ * إن التفاؤل يدفعنا للتحلي بالصبر والتفهم حتى نستطيع معا ... الموظف والمراجع ... تجاوز العقبات والتغلب على ثقافة الإحباط السائدة في الوقت الراهن بسبب تدني الخدمات وتعطيل بعض مشاريع البنية التحتية في المدن الرئيسية مثل: الطرق وما تسببه من اختناقات مرورية ، والمياه ومأساة الانتظار في طوابير «الاشياب» للحصول على وايت الماء ، ومشاريع الصرف الصحي التي كلما فكرنا انها اقتربت من الحل خرج علينا تصريح من الوزارة المختصة بأن علينا أن ننتظر ثلاث سنوات أخرى . * كما أن علينا أن ندرك أن معضلات التنمية وخاصة في مجالات البنية التحتية في أي مكان من العالم تسبب معاناة كبيرة للجيل الذي يكون من حظه أن يعيش مراحلها ، ومعاصرة إرهاصاتها . والجيل الذي يأتي بعده ، هو الذي سيتمتع بثمرة الانجازات التي تتحقق في عصر الأجيال التي سبقته . والشاهد أن الحوار الدائر حاليا يجب أن يركز على التأكيد على عشرات الألوف من الشباب من الجنسين الذين تهيئهم الجامعات المحلية ، والبعثات الخارجية ، لسوق العمل ، بأن التميز وحسن الأداء كأهم العوامل التي يتطلبها سوق العمل ، وأن المنافسة سترجح المتفوق والمقتدر علما وعملاً ، وان آليات الرفاه التي توفر حاليا بسخاء لن تستمر إلى الأبد . * وعندما اختار سمو أمير منطقة مكة الأمير خالد الفيصل حرم الجامعة ليقدم منهجه في الإدارة ، وتطلعاته للمستقبل ، بداية في جامعة أم القرى ، وأخيرا في جامعة الملك عبد العزيز ، وإعلان تأسيس كرسي الوسطية ، فإن الرسالة واضحة... تدعو الجميع... للسير إلى الأمام ، مع المحافظة على مكتسبات الماضي... بعيدا عن الجمود ، والجحود...وجعل الوسطية منهجنا وبهذا أحسن سموه في اختيار الزمان ، و المكان ، والجمهور ، الأخص بالاهتمام في هذه المرحلة التاريخية ، التي تتوفر فيها النوايا الصادقة ، والإمكانات الوفيرة ، للانطلاق إلى العالم الأول...والله من وراء القصد. كاتب بصحيفة "المدينة" السعودية.