أذكر أن وزارة التربية والتعليم أصدرت قرارا، بسحب بعض الكتب من المكتبات المدرسية، تحمل أفكارا مخالفة (كما تقول)، منها كتاب سيد قطب «المفترى عليه» وكتاب «الجهاد في سبيل الله».. ونبهت إلى التأكد من عدم وجود ما يشابهها من الكتب الممنوعة، جريدة المدينة21/12/1429ه.. حاولت أن أتجاوز المصادرة، وربما الإتلاف، إلى الكيفية التي يمكن من خلالها تنقية من تلبس بمضمونها من المعلمين والمعلمات فلم أجد. المدهش حقا، كيف تم تأمينها، أو فلنقل كيف تم استقدامها، ولماذا وضعت في المدارس، وماذا كان تأثيرها، وإلى أي مرحلة أثرت فينا؟ ومن التلبس إلى كيفية استقدامها، يستلزم علينا أن نعود بالذاكرة إلى ما يقرب من خمسة عقود مضت إن لم تزد، نجد أنها وفدت إلينا بمصاحبة عدد ليس بالقليل، ممن يحمل (الفكر الإخواني)، استوطنوا هذه البلاد ونظروا فاثروا، فكان الانبهار عند اقتنائها، إلا أنها خرجت على هيئة نفي من مكتبات المدارس، بالرغم من أن الزمن طوى صفحاتها، وتقادم ما تحتويه بالنقد والتهميش في تناس تام، إلا من صاحب هوى مضل، وهو أن وجود معلم كان، أو معلمة، فإنه مشغول بتعبئة خانات دفاتر (التحضير)، وتصحيح (أوراق الإجابة)، وفي كيفية استعادة ما خسر من مال في مساهمات (سوا)، وسوق (الأسهم) بعد أن غرر به من (زميل ترأس مجموعة)، لتكون المحصلة تدني مستوى الطالب والطالبة، مما أدى إلى تنبه الوزارة إلى أن تصادر كتبا لا تصل إليها أياديهم. وهذا يأخذنا إلى الربط بين المصادرة هنا، وسحب كتاب «العقد الفريد» من مكتبات مدارس تعليم البنات قبل ثلاثة عقود تزيد أو تنقص، بعد أن تمكن شخص ما من قراءة ذلك الكتاب، فوجد فيه عبارات غير لائقة، ولا يمكن أن تكون في متناول الطالبات. ومع سمو وزير التربية والتعليم، نستطيع القول: إن التحصين ضد الأفكار الهدامة واجب، بما يتجاوز مصادرة الكتاب أو منعه، إلى مواجهة الفكر الخفي بفكر مستنير، من خلال الأنشطة اللامنهجية، وإذاعة طابور الصباح في قراءة نقدية للكتاب المضلل، بدلا من الدعاية عند منعه، ومن ثم الاهتمام بمن يقف أمام الطالب والطالبة في تنوير ذهنه التربوي، مما علق به من (تعصب قبلي) مقيت، ولعلي أشير إلى ما نشر في هذه الزاوية يوم 8 و 29 شعبان 1429ه. لأن اجتثاث تلك الأفكار السوداوية لن يتم من غير مساءلة، ولن يتحقق من غير متابعة عند تطبيق العقوبة بالإبعاد من كادر التربية والتعليم، كمرحلة أولية، وما يتبعها من عقوبات رادعة، قبل أن يتلبس المعلم والمعلمة فكر «إدارة التوحش»، بالاستقطاب في منهجه المظلم، وصولا إلى التربية والتعليم.