إخفاقات “الإسلامويين”  د.أحمد بن صالح الزهراني * قرأت مقالات لأحدهم يتحدث عن إخفاقات التيار (الإسلاموي) كما سمّاه ، ومن حيث المبدأ ليس هناك كبير خلاف على صحة بعض ما قال ، لكن الشأن كلّ الشأن في التعميم ، إنّ أكثر ما يدعو إلى سوء الظنّ بكتابات من يعدون أنفسهم خارج الانتماء للتيار الإسلامي هو إصرارهم على التعامل مع الإسلاميين وكأنّهم قطعة واحدة أو كأنّهم منتج صناعي لا يختلف أفراده عن بعضهم البعض ، وهذا ليس بصحيح ، فالإسلاميون على مختلف شرائحهم وإن اتفقوا على مبدأ مرجعية الإسلام أي وجوب الرجوع إليه للحكم في ما يُختلف فيه ، لكنّهم وبشكل واضح يختلفون في فهمهم للدين أو لنقل في تفسيرهم لنصوصه وفهمهم بعض مبادئه الكبرى ، ومواقف الإسلاميين يتضح بشكل مميز الاختلاف بينها والتمايز ، وهذا أمر قديم قدم الإسلام نفسه ، وليس شرطا أن يكون ذلك الاختلاف من قبيل الصواب والخطأ بل قد يكون من قبيل التنوّع ، فالزهد مثلا قيمة إسلامية عظيمة لكن السلف ومن ثم الخلف يختلفون في فهم حقيقته ومن ثمّ تطبيقه ، فبينما كان بعض السلف لا يستجدّ الثياب إلاّ قليلا كان بعضهم يستجد ثوبا كل يوم ولا يعدّ نفسه خارجا عن فضيلة الزهد ، وكذلك كثير من القضايا السياسية والاجتماعية يختلف الإسلاميون في فهمهما والموقف منها. وخلاصة الأمر أنّ الآخرين حين يتعاملون مع الإسلاميين بمنطق وميزان واحد يقعون في الخطأ ، إذ هم أولاً يأخذون الكل بجريرة البعض - إن كان ثمّة جريرة - ويحملون التيار كله مسؤوليّة ما يقع فيه بعض أفراده أو فئاته ، هذا على افتراض الخطأ أصلاً وإلاّ فالأمر بحاجة لتدقيق ليس هذا مكانه . وهم - ثانيا - يتخذون من ذلك وسيلة للطعن والتشويه لنفس المبدأ العريض الّذي يتفقون فيه ألا وهو مرجعية الإسلام ، وللحطّ من قيمة المشروع الإسلامي كلّه وإظهار فشله أو دمويته أو إقصائيته أو غير ذلك من مفردات التشويه التي يستعملها القلم الليبرالي والعلماني والحداثي ، وهذا ظلم آخر لا يقل عن الأوّل . إن التعميم أمر يحسنه كل الناس ، وليس مقدرة ولا مفخرة أن يرى الشخص خللاً ما في حزب أو جماعة أو فئة أو فرد يرفع شعار الإسلام فينبري لتسطير مقال يتفيهق فيه ويحشر فيه سيلا من مفردات توحي بفهم وعمق موهومين متحدثا عن مثالب التيار الإسلامي أو إخفاقاته ، والله سبحانه لم يصدر الأحكام التعميمية على أكثر الفئات كفرا ومروقا وعداء للإسلام ، فحين تحدث عن اليهود – مثلاً - جاءت عبارات كثير منهم (و ) أكثرهم ( و ) منهم (فكيف يصح اختزال التيار العام للمجتمع العربي والإسلامي وتقييمه والحكم بإخفاقه أو فشله عبر عينات ومقاطع مُنتقاة لا تمثل كل الحقيقة ولا كلّ الواقع ، هذا منهج غير علمي ولا منصف ، ينبغي على أصحابه الخجل منه لا المجاهرة به على صفحات الجرائد، والله المستعان . ________________________ * كاتب بصحيفة \"المدينة\" السعودية