جاء في إحصائية صادرة عن منظمة «اليونسكو» تقول بأن معدل قراءة المواطن العربي في العام الكامل لا تتجاوز الست ساعات!!. لو أننا نهتم حق الاهتمام بصناعة مستقبلنا والإعداد له بشكل يناسب طموحاتنا لوقفنا ملياً أمام تلك الإحصائية.. فكثيراً ما نتحدث عن المصائب والكوارث التي تلمنا والأخطار التي تحدق بنا وتهدد مستقبلنا، ولو قدرنا الأمور على نحو واع وموضوعي لجعلنا تلك الإحصائية تتصدر تلك المصائب وهذه الكوارث، بل لعلنا لا نبالغ إذا قلنا إنها أم المصائب وكبرى الكوارث. وأي كارثة أكبر من أن تكون أمة القراءة والمعرفة والتي بدأ قرآنها الخالد على نبيها صلى الله عليه وسلم بكلمة «اقرأ» على هذا النحو من التردي المزري في عالم المعرفة والثقافة. هذه الإحصائية تحمل في طياتها نُذر خطر داهم وهي ليست هينة بحال من الأحوال ذلك أنها تتعلق في جوهرها بمستقبل الأمة ومشروعها الحضاري والتنموي الذي نأمل أن يقلع بعد طول سبات وبعد أن استقر بنا المقام في ترتيب جد متأخر على عتبات سلم الحضارة العالمي. القراءة والمعرفة ليست أمورا هامشية وليست سقط المتاع أو من جنس تلك الأعمال الترفيهية التي يعد الاهتمام بها من لغو الكلام وصرف الجهود فيما لا طائل من وراءه، إنها ترتبط بصياغة الإنسان وتشكيل وعيه وتكوين مداركه وكل هذه تأسيسات ضرورية ومداميك لا غنى عنها لبناء شخصية معاصرة تجمع في نسيج تكوينها بين أصالة الهوية وبين الوعي اللازم لبناء الحاضر وصناعة المستقبل والمساهمة الجادة والفاعلة في وضع لبنات المشروع الحضاري. هذه الإحصائية التي ربما تمر مروراً عابراً ولا يلتفت إليه أحد، تتطلب عقد مؤتمرات جادة لبحث دلالاتها ومعالجة ما تؤشر إليه من مظاهر سلبية، وتحتاج هذه المؤتمرات أن ينشط فعالياتها المسؤولون العرب وفي طليعتهم وزراء التربية والتعليم والثقافة، والمسؤولون عن ملف التنمية البشرية في أقطارنا والمثقفون والأكاديميون. والأهم من كل ذلك أن تخرج عن هذه المؤتمرات توصيات عملية تتحول إلى سياسات برسم التنفيذ وألا تكون مجرد احتفاليات يتم خلالها التسامر وتجاذب أطرف الحديث ثم ينفض السامر بلا جدوى. بكلمات قليلة إنها إحصائية لو نعلم تحمل دلالات خطيرة وستكون شاهد علينا هل كنا ممن يتدبرون ويتعظون ويستفيدون من دروس حاضرهم لبناء مستقبلهم أم أننا من أولئك السادرون اللاهون الذين ألهتهم الغفلة وقتلهم الجهل.