التعتيم الإعلامي في “الشورى” ..!  محمد بن علي الزهراني* في الوقت الذي كان المجتمع السعودي يتطلّع إلى نقل جلسات ومناقشات مجلس الشورى تلفازيًّا على الهواء مباشرة كما سبق وأن صرَّح بذلك معالي رئيس المجلس السابق الشيخ صالح بن حميد. فوجئ الوسط الإعلامي بأن إدارة الإعلام بالمجلس مع بدء دورته الجديدة تمنع دخول الصحفيين، وتحظر تواجدهم داخل مبنى المجلس؛ بحجة أنهم ينشرون تقارير الوزارات والجهات الحكومية التي تدرسها لجان المجلس. ومع أن تصريحات المسؤولين في إدارة الإعلام بالمجلس عزت هذا القرار إلى توجيه الأمين العام الدكتور محمد الغامدي. إلاَّ أنني أشك في ذلك لمعرفتي بهذا الرجل المشهود بحكمته، وحنكته، وخبرته الإدارية والأكاديمية المتعمّقة، ولا أعتقد أن قرارًا من هذا النوع سيكون مصدره الدكتور الغامدي، وربما زُجَّ باسمه في القضية كنوع من التبرير. • وقيل إن ما نُشر في أول يوم لعمل أعضاء المجلس الجديد عن تخلّي إدارة العلاقات عن دورها في استقبال ومرافقة الأعضاء الجدد، وتم تلافي الوضع من قِبل «القهوجية» الذين تسلّموا مسؤولية إرشاد الأعضاء إلى قاعات ومرافق المجلس.. يُقال ربما أن ما نُشر عن هذا الحدث أثار حفيظة الزملاء في العلاقات، ودفعهم إلى إصدار أو استصدار مثل هذا القرار كنوع من العقاب لمحرري الصحف! أتمنى أن لا يكون هذا القول مصيبًا؛ لأن النشر عن تقصير ما، في إدارة ما، لا يُقابَل بمثل هذا التصرّف، لاسيما وأن بعض العاملين في علاقات الشورى عملوا أو لازالوا متعاونين مع صحف محلية، ويدركون ذلك جيدًا. • أمّا إذا افترضنا أن الأمانة العامة في المجلس لها موقف من نشر تقارير الوزارات والجهات الحكومية، «وهذا احتمال ضعيف»، فنحن نعلم أن الجهات الحكومية تصدر في نهاية كل عام مالي تقريرًا مفصلاً عن أنشطتها، وإنجازاتها، ومطالبها، ومعوّقات، ومطالب تطوير الأداء. وغالبًا ما تُطبع هذه التقارير في نُسخ فاخرة، وتُوزّع على جهات عدة على رأسها المؤسسات الإعلامية. كما أن بعض الجهات تحرص على نشر التقرير في موقعها الإلكتروني.. ومن البديهي أن يحرص أي إعلامي على نشر بعض مضامين التقرير بالتزامن مع جلسات الشورى التي تناقش التقرير، ومن ثم فليس لأي جهة الحق في مساءلة الصحفي عن مصدر التقرير طالما أنَّه موزّع ومنشور على النت، ومتداول بين موظفي تلك الجهة. ثم ما الذي يثير حفيظة مَن يعترضون على نشر هذه التقارير؟ أليس من حق المواطن أن يطّلع على ما يجري في مؤسسات الدولة التي وجدت أصلاً لخدمته؟! • في أكثر من مناسبة يطرح المسؤولون بالمجلس أنهم على استعداد لتلقي أفكار واقتراحات وانتقادات المواطنين، والتعامل معها.. ولا أعتقد أنهم سيغضبون إذا اطّلع المواطن على هذه التقارير، وساهم في إبداء وجهة نظره فيها قبل مناقشتها في اللجان! • في المجلس كفاءات ونُخب اختيرت بعناية، وبينهم كُتّاب وأساتذة وخبراء في الإعلام، وبالتأكيد أنهم يدركون دور الإعلام في مساندة المجلس، وتبصير المواطن، ومعالجة مَوَاطِن الخَلل.. وبالتأكيد أنهم مثلما يطالبون بالشفافية من قِبل الوزراء والمسؤولين فهم أيضًا حريصون على شفافية المجلس أمام الرأي العام والمواطنين. وبالتأكيد أنهم سيقفون ضد هذه الاجتهادات والتي منعت بعض الصحفيين من دخول المجلس لأسباب شخصية، أو ربما تكون تصفية حسابات ليس إلَّا!! وأثق أن الأمين العام قادر على حسم هذه القضية، والوقوف في وجه مَن يريدون التعتيم على ما يجري تحت قبة الشورى من عمليات تستهدف المواطن، وتسعى لرفاهيته!. ____________________ * نائب رئيس تحرير صحيفة \"المدينة\"