عشر شركات تكفي  د . حميد بن علي الفقيه الغامدي* جاءني ووجهه شاحب، وعيناه تبثان شررًا كأنها شهب . رمى بشماغه وعقاله على الكنب القريب منّي، صاح بملء فمه: (اكتبوا – اكتبوا عنّا – خافوا – خافوا الله فينا)! ما هذه العيشة؟ ما هذا التلاعب بالأنظمة في هذا الزمان؟ هل رفعت الأمانة ؟ هل طغت المادة فهي كل شيء، وأخذ يسترسل في كلام كبير، وأردت أن أُهوّن من روعه، وأعرف مشكلته.. صحتُ عليه (إس فيه؟ إس فيه؟ إس فيه كلام إنت؟)!! ابتسم وقال: (كسر الله لسانك، كما كسرت قواعد اللغة العربية)، أين سيبويه منك؛ ليحكم عليك بالقصاص! فقلت: (فكّنا من سيبويه وربعه، هذه يسمّونها تبادل الثقافات بين الشعوب)! والآن أستطيع أن أعرف مشكلتك، فأعرضها لو سمحت بهدوء. قال: «قدّر الله لي أن استقدمتُ (عاملة منزل)، كلّفتني حتّى قدومها هنا (10.000) ريال، ناهيك عن ما يتبع بعد وصولها من مستشفيات، وإقامة، والاحتفال الذي عملناه فرحًا بقدومها! حتّى نريح أم عيالنا قليلاً؛ حفاظًا على النظام، وأكون قدوة لغيري. قلت: ( كفو ياذيبان)، وبعدها! فقال: استمرت العاملة معنا ثلاثة أشهر ويومًا، وبعدها.. (انشقت الأرض وبلعتها)! وبحثت عنها يمينًا وشمالاً، وتوجهت إلى المكتب الذي أحضرها لي، فكان رده: (عقدنا معك ثلاثة أشهر - فترة التجربة - وانتهت)! وتوجهت إلى جهات الاختصاص أبلغهم بمشكلتي، وأتعرّف ما كان ردهم.. (طلبوا أن أكتب تعهدًا على نفسي في حالة القبض عليها أن تحضر لنا تذكرة، وجواز سفرها). قلت: يا الله! يا للعجب! وفلوسي التي خسرتها مَن يعيدها لي ؟ وتعبي وأنا من مكان إلى مكان مَن يتحمّله عني؟! قال: هذا النظام.. إن أحببت وإلاَّ الباب!! قلت له: أنت (مغفّل)! ألا تعرف ماما عيشة، .أو ماما خديجة ؟ أو ماما....، أو ماما......؟ قال: لا.. قلت: هؤلاء هنّ اللائي يتاجرن في عاملات المنازل، ولأن النظام لا يحمي المواطن، ولا يضمن استمرارية العاملة التي على كفالته، والإغراء بزيادة الراتب عند غير الكفيل من الوصايا التي تبلغ بها قبل قدومها، وطريقة الهروب ضمن الدروس التي يعلّمونها، ناهيك عن العاملات اللواتي يأتين للعمرة، وتشغلهن ماما خديجة أو غيرها.. بدون إقامة، وبدون وجع راس! والناس عندها بالحجز! صاح صاحبي: إذًا ما هو الحل؟ قلت: الحل في إيدينا. كفاية من مكاتب (الشنط) لو كان لدينا عشر شركات محترمة فقط، مسؤولة عن استقدام عاملات المنازل بشروط مقننة، تحمي العاملة والمواطن، لكفتنا. وتكون تحت كفالة الشركة، والشركة تأخذ عليها شروطًا وضمانات مالية، أو عينية قبل قدومها؛ لارتحنا وريّحنا، وإلاّ خلّنا على ماما خديجة الإندونيسية! وسامحووووونا!! **************************** *أحد أبناء منطقة الباحة ، يكتب في صحيفة \"المدينة\" السعودية.