(شرق) - القدس - أعلنت دول غنية ومستثمرون عن تعهدات بمساعدات قياسية، بلغت 14 مليار دولار، للفلسطينيين واقتصادهم في سلسلة من الاجتماعات المدعومة من الغرب، والتي تهدف الى تعزيز موقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس في صراعه على السلطة مع حركة حماس. لكن دبلوماسيين قالوا إن العديد من التعهدات التي قطعت في 5 مؤتمرات للمانحين عقدت منذ ديسمبر كانون الاول عام 2007 منها واحد في مصر، يوم الاثنين الماضي، إما حسبت أكثر من مرة أو لم تتحقق بعد او بدت غامضة بدرجة تجعلها لا يعتد بها. وأغلب الاموال تعتمد على ان تفتح اسرائيل المعابر بشكل كامل مع قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس وان ترفع القيود داخل أراضي الضفة الغربيةالمحتلة، حيث يمتد نفوذ عباس او تربط باحراز تقدم في محادثات السلام المتعثرة المصالحة الفلسطينية مما يثير الشكوك بشأن تحصيلها في المستقبل. وانتقد دبلوماسي غربي بارز عملية التعهد بمساعدات بسبب حسابها اكثر من مرة. وقال اخر ان الارقام الكبيرة التي تتصدر عناوين الصحف من جانب مانحين يريدون ان يبدون متعاونين، بالتزامن مع الافتقار إلى الشفافية، "اصبحت سخيفة" نظرا الى أن السلطة الفلسطينية مازالت تجد صعوبة في دفع الاجور الكاملة للعاملين في الحكومة في مواعيدها. ولم يكشف منظمو المؤتمر عن الكثير من تعهدات الافراد أو جداول صرفها مما يصعب رصد الحجم الحقيق للاموال التي ستدفع لعباس. ويختلف المانحون كذلك بشأن يكفية توصيل مساعداتهم مما يلقي الضوء على الانقسامات بشأن حماس المعزولة التي وصفت عملية التعهدات بانها "ابتزاز"لتهميش الحركة بعد فوزها في انتخابات عام 2006. وتقول اسرائيل والولاياتالمتحدة انهما تريدان منع وصول أي أموال لحماس اللتان تعتبرانها منظمة "ارهابية". مبالغ ضخمة والمبالغ الضخمة التي أعلن عنها في مؤتمرات في باريس وبرلين ومنتجع شرم الشيخ المصري والضفة الغربية على مدى 15 شهرا، وشملت 12 مليار دولار من الحكومات ومليارا دولار من مستثمرين، لم يسبق لها مثيل بالمعايير الفلسطينية. وبالمقارنة مع هذه المبالغ، تتقلص الأموال التي حصلت عليها السلطة الفلسطينية على مدى 14 عاما منذ اتفاقات أوسلو للسلام عام 1993. وتعادل التعهدات مجتمعة نحو 3500 دولار لكل رجل وامرأة وطفل في الضفة الغربية وقطاع غزة، أي أعلى من نصيب الفلسطيني من الناتج المحلي الاجمالي. وذلك في حين يعيش نصف سكان غزة، وعددهم 1.5 مليون نسمة بأقل من 3 دولارات يوميا حسب تقديرات فلسطينية. وقال دبلوماسي غربي حضر مؤتمر شرم الشيخ انه لم يتضح كم من مبلغ 4.5 مليار دولار وهي التعهدات الجديدة التي أعلنت في المؤتمر يوم الاثنين الماضي للمساعدة في اعادة اعمار غزة بعد الهجوم الاسرائيلي تمثل تعهدات جديدة فعلا. وأشار دبلوماسيون ومحللون الى التباين الكبير بين ما طلبته السلطة الفلسطينية في شرم الشيخ، وهو 2.8 مليار دولار على مدى عامين، وبين ما تم الاعلان عنه كمؤشر على أن البيانات غير واقعية. لكن وزير التخطيط الفلسطيني سمير عبد الله تجاهل الشكوك بشأن المبالغ وقال إن "أغلب التعهدات التي قطعت في شرم الشيخ جديدة" ولا تتداخل مع تعهدات سابقة. وقال دبلوماسيون ان أكبر العروض النقدية في مؤتمر شرم الشيخ جاءت من دول الخليج العربية التي تفاوتت بشكل خاص درجات التزامها بالتعهدات السابقة لحكومة عباس في الضفة الغربية. واختار المانحون من دول الخليج التعهد بمبلغ 1.65 مليار دولار عبر آليات خاصة بها منفصلة عن المانحين الغربيين، مما أغضب مسؤولي السلطة. ورأى الوزير الفلسطيني السابق مازن سنقراط، الذي تحول الى رجل أعمال، إن بعض الاموال العربية قد تمنع حتى تحقيق المصالحة بين عباس وحماس. ولم يتضح ما اذا كان ذلك يمكن ان يتحقق في وقت قريب بسبب الانقسامات الفلسطينية الداخلية ومطالبات الولاياتالمتحدة بأن تعترف حماس باسرائيل وتنبذ العنف. تكرار تبرعات سابقة وقال دبلوماسيون ان بعض المانحين الاخرين في شرم الشيخ ومنهم المفوضية الاوروبية، أعادت التعهد بالتزامات سابقة قطعتها في مؤتمر في باريس في ديسمبر 2007. ففي باريس تم التعهد بمساعدات بلغت نحو 7.7 مليار دولار للفلسطينيين على مدى 3 سنوات. وتفيد تقديرات السلطة الفلسطينية انه تم صرف 2.4 مليار دولار من هذه المبالغ، أغلبها بعد المواعيد المقررة لصرفها مما اضطر رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض لتأجيل صرف رواتب الموظفين وطلب تمويل طارئ. وقال دبلوماسي غربي بارز قدمت حكومته تعهدات كبيرة في شرم الشيخ "انها الاموال نفسها... الامر أصبح سخيفاً". ويعتمد الفلسطينيون على مساعدات المانحين. لكن التعهدات تضاعفت بعد أن عقد الرئيس الامريكي في ذلك الوقت جورج بوش مؤتمرا في انابوليس بماريلاند، في نوفمبر تشرين الثاني عام 2007، لاعادة اطلاق محادثات السلام الاسرائيلية الفلسطينية ولدعم عباس بعد أن سيطرت حماس على غزة في يونيو حزيران عام 2007. لكن هذه المحادثات تعثرت وبدا موقف عباس مهتزا وظلت حماس تحكم قبضتها على غزة. وقال دبلوماسي بارز يقدم النصح للقوى الاوروبية فيما يتعلق بتقديم المساعدات للسلطة الفلسطينية ان "الدليل" على ان التعهدات تبدو أكبر من حقيقتها يظهر في التباين بين التعهدات والنشاط الاقتصادي. ومنذ مؤتمر باريس تراجع نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي الفلسطيني بأكثر من 1%. وأشار الدبلوماسي إلى أن مانحين يوجهون اغلب مساعداتهم لمشروعات تنمية تحتاج لسنوات لاستكمالها بسبب القيود الاسرائيلية "لو كانت هذه الارقام حقيقية لرأينا نما في الاقتصاد". ومثل التعهدات الحكومية، ليس من الواضح كم من الاستثمارات الخاصة سيتحقق. ويقول محافظ نابلس جمال محسن، الذي استضافت مدينته أحد مؤتمرات المانحين في نوفمبر الماضي، انه لا علم له بشيء منها حتى الان. وقال سمير حليلة احد منظمي المؤتمر قال ان بعض المشروعات في الضفة الغربية تتقدم لكن ببطء شديد بالمقارنة بالجدول الزمني المحدد لها. فيما اعتبر المحلل المستقل المختص بشؤون الشرق الاوسط، معين رباني، المقيم في عمان بالاردن، أن الزيادة الكبيرة في التعهدات بعد مؤتمر انابوليس كانت في جزء منها محاولة دعائية لدعم عباس. واضاف "لكن حتى اذا تحققت نسبة صغيرة من هذه التعهدات فانها ستمثل مبلغا كبيراً".