كثر الحديث عن الاختراعات والإبداعات والمخترعين والمبدعين والعلماء ومبتكراتهم والتقنيات والنظريات العلمية ومنجزات الإنسان بعد الثورة الصناعية ونحوها خاصة في هذا العصر ،وكنت قد توقفت مع بعض العبارات التي تتحدث عن ذلك في أحدى أشرطة الأستاذ الدكتور سالم آل عبد الرحمن والتي سيصار إلى بثها في موسوعة ستأتي أجزاءها على نحو خمسة أجزاء حسب التقديرات الأولية لضخامة مادتها العلمية ومن يدري فقد تكون أكبر موسوعة تكتب باللغة العربية في هذا العصر وتتوجه بكلياتها للعلوم والهندسة وعطاءات الإنسان المعاصر فيها. ،وعطفاً على موضوع الإختراع والإبداع كنت قد توقفت - كما أسلفت- عند قول البروفيسور آل عبدالرحمن حيث يقول : تحدث البلاغيون والنقاد عن "المخترع" في باب المعاني : قال العسكري : إنها على ضربين :ضرب يبتدعه صاحب الصناعة من غير أن يكون له إمام يقتدي به فيه ،أو رسوم قائمة في أمثلة مماثلة يعمل عليها ،وهذا الضرب ربما يقع عليه عند الخطوب الحادثة ،ويتنبه له عند الأمور النازلة الطارئة . والآخر : ما يحتذيه على مثال تقدم ورسم فرط ،أي سبق. ثم قال آل عبدالرحمن : وقد عقد ابن رشيق باباً له ،فقال : المخترع من الشعر هو ما لم يسبق إليه قائله ،ولا عمل أحد من الشعراء قبله نظيره ،أو ما يقرب منه "- العمدة ج 1 - ص 262: كقول امرئ القيس : سموتُ إليها بعدما نام أهلها .....سمو حباب الماء حالاً على حالِ وهو أول ما طرق هذا المعنى وابتكره ،وسلم الشعراء إليه فلم ينازعه أحد إياه. ثم قال آل عبدالرحمن : أما موضوع الاختراع والإبداع فقد وجدنا أن ابن رشيق لم يتركهما على حالهما دون أن يفرق بينهما لاقتضاء ذلك وإن كان معناهما في العربية واحداً،وها هو يقول:والفرق بين الاختراع والإبداع أن الاختراع :خلق المعاني التي لم يسبق إليها والإتيان بما لم يكن منها قط .والإبداع :إتيان الشاعر بالمعنى المستظرف والذي لم تجرِ العادة بمثله .ثم لزمته هذه التسمية حتى قيل له :"بديع " وإن كثر وتكرر ،فصار "الاختراع "للمعنى و"الإبداع" للفظ .فإذا تم للشاعر أن يأتي بمعنى مخترع في لفظ بديع فقد استولى على الأمد ،وحاز قصب السبق. وقال آل عبدالرحمن : وأعلم بأن اشتقاق "الاختراع " من التليين ، يقال :" بيت خرع" :إذا كان ليناً ،والخروع "فعول" منه ، فكأن الشاعر سهل طريقة هذا المعنى ولينه حتى أبرزه .وأما "البديع: فهو الجديد ،وأصله في الحبال ،وذلك أن يفتل الحبل جديداً ليس من قوى حبل نقضت ثم فتلت فتلاً آخر - انظر العمدة ج 1 ، ص 265-. ثم قال : وقد أوردنا بعض الإشارات لمعاني الاختراع وفوارقها عن الإبداع بسلسلة من بحوثنا التي توجهت إلى ذكر ما تقرر لدينا من اختراعات وبراءات في مجال العلوم والهندسة بين نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن الميلادي الفارط . أما ما ستررون هنا فهو يأتي في باب الإختراعات والأعمال الإبداعية التي قدمها الإنسان المعاصر في باب العلوم والهندسة وقد إعتمدنا على بعض المعايير العلمية والفنية في ذكرها كما تقدم بينكم ،وها نحن نفتح الصفحات لذلك الفصل العظيم... ولعلي أتابع لاحقاً في المتيسر مما أجده أمامي والله الموفق..