أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن حميد المسلمين بتقوى الله عز وجل في سائر الأعمال والأحوال وخشيته . وقال في خطبة الجمعة اليوم : " ما أعظم الفرق بين رجلين أحدهما عرف الغاية وطريقها فاطمأن واستراح وآخر ضال يمشي إلى غير غاية لا يدري كيف المسير ولا إلى أين المصير ، فكم من صاحب مال وفير وخير كثير تجلى رضاه وقناعته في تحري الحلال وأداء حق لله فرضا وندبا أعطى الأجير أجره ولم يذل نفسه من أجل مال أو جاه ، وآخر عنده ما يكفيه ولكن قد ملأ الطمع قلبه وانتشر التسخط بين جوانحه جزع من رزقه متسخط على رازقه ويبث شكواه للمخلوقين" . وأضاف فضيلته قائلا : " الرضا نعمة عظيمة يبلغها العبد بقوة إيمانه بربه وحسن اتصاله به ينالها بالصبر والذكر والشكر وحسن العبادة " مؤكدا أن الرضا باب الله الأعظم وجنة الدنيا ومستراح العارفين وحياة المحبين ونعيم العابدين وقرة عين المشتاقين وهو سر السعادة وطريق السكينة وأن السعادة والرضا ليست في كثرة المال ولا كثرة الولد ولا بنيل المتع والمنافع ، وأن الرضا يحد من ثورة الحس والطمع وطغيان الشراهة والجشع ويرشد الأخذ بالأسباب ". وبين فضيلته أن الغنى غنى النفس والرضا يوقف الراضي عند حدود قدراته ومواهبه ويبصره بأقدار الله فلا يتمنى ما لا يتيسر له ولا يتطلع إلى ما لا يستطيع ، والرضا سكون القلب باختيار الله للعبد وأن ما اختاره الله له هو الأحسن فيرضى به والرضا قناعة وثقة ويقين فمن قنع فقد رضي ومن رضي فقد قنع ، موضحا أن السعادة والرضا إيمان بالله ورسوله ورضا نفس وانشراح صدر فالمؤمن يغمره الرضا لأنه عميق الإدراك بأن فضل الله عظيم وإحساسه بنعم الله في نفسه وهي نعم لا يحصيها في سمعه وبصره ويده وقدمه ومخه وعظمه وطعامه وشرابه ونومه ويقضته وأهله وفي شأنه كله . وأوضح الدكتور صالح بن حميد أن المؤمن يغمره الرضا والطمأنينة والسعادة في كل حين وعلى كل حال متعلق بربه راض عنه مطمئن إليه ويتقبل أقدار الله في نعمائها وبأسائها والدنيا وتقلباتها في إقبالها وإدبارها ويعلم علم اليقين أن الله يريد لعباده اليسر ولا يريد بهم العسر وموقن أن الله معه فهو في معية الله يحفظه ويكلأه مما يجعله في أنس دائم ونعيم ، وهو مؤمن أن تدبير الله أفضل من تدبير نفسه ويعلم أن الخير بيد ربه ، مشيرا إلى أن الشر في هذه الدنيا لا يناقض الخير ولا يعارضه بل قضت سنة الله أن لا يكون صبر إلا مع شكر ولا كرم من غير حاجة ولا شجاعة من غير مخاطرة فالخيرات والفضائل لا تظهر إلا بأضدادها فالشبع مع الجوع والري مع الظمأ والدفء مع البرد وما عرفه المؤمن من حكمة الله في خلقه وأسرار كونه وآياته فهو من فضل الله وما خفي سلمه لربه العليم الخبير . وأفاد فضيلته أنه ليس شرط الرضا أن لا يحس السعيد بالألم والمكاره بل المطلوب أن لا يعترض على مجال الأقدار ولا يتسخط من الحوادث والنوازل فهو راض كرضا المريض بشرب الدواء المر لأنه يعلم العاقبة ويرجو العافية وكذلك لا تمنع التاجر من تنمية تجارته ولا الموظف من التطلع إلى الترقي في وظيفته ولا العامل في تحسين مرتبه إنما الممنوع التسخط والتبرم ، ملمحا إلى أن السعادة ينبوع يتفجر من القلب والنفس الكريمة الرقية التقية الطاهرة فمن أراد السعادة فليسأل عنها نفسه التي بين جنبيه . وفي المدينةالمنورة أكد فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ حسين ال الشيخ أن أخطر شيء اليوم على المسلمين تكالبهم على الدنيا والتنافس فيها تنافس السباع على الفريسة كل ذلك لذات الدنيا بدون إيثار الآخرة الباقية ودون أن يكون هذا الحب لهذه الدنيا الفانية محكوما بضوابط الشرع وتوجيهاته وتعليماته ولقد حذرنا ربنا عز وجل من هذا المسلك فقال سبحانه ( يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور ) . وبين فضيلته أن المؤمنين أصحاب رسالة سامية ينظرون إلى الدنيا على أنها مزرعة للاخرة يتزودون منها ويطلبون فضل الله جل وعلا وفق أوامره عز وجل قلوبهم متعلقة بالاخرة والعمل لها مع أخذهم بنصيبهم من الدنيا بالعمل النافع المثمر والتجارة المحكومة بتقوى الله ، قال سبحانه ( وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين ) . وأكد أن المتابع لأحوال الأمة اليوم على مستوى أفرادها ومجتمعاتها يجد أن سبب الشقاء و أصل المصائب عند كثير من الناس تغليب حب الدنيا وجعلها محكومة بالتوجهات والارادات والمقاصد ومسيطرة على الافعال والاقوال والتصرفات فأصبح كثير يوالي على الدنيا ومن أجلها يعادون و لذاتها يقاتلون فحين إذ وقع لهم الشقاء بأنواعه وفقدوا السعادة والفلاح والعزة والنجاح قال تعالى ( وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون ) . وأضاف الشيخ حسين آل الشيخ أن الفلاح الدنيوي والأخروي إنما يكون في تحقيق تقوى الله جلا وعلا وطاعته والحذر من مزالق حب الدنيا أو أن تؤثر على تقوى الله جلا وعلا بنقص أو تفريط يؤثر على هذه الحقوق اللازمة وأن أشد الأمور خطرا على العبد أن يُزهق أرواحا بريئة أو أن يهتك أعراضا نقية أو أن يسلب حقوقا مرئية أو أن يقع في ظلم للخلق بأي وجه من الوجوه من أجل دنيا فانية ومتاع زائل وأن من أقبح الافعال فعل يبعد عن رضى رب العالمين سبحانه لأجل دنيا حقيرة وعَرَضٍ زائل . وأوضح أن حب المال وحب الشرف إذا لم يكم محكوما بطاعة الله جل وعلا فإنه يكون من مفسدات الدين والعياذ بالله وأن من يقدم على إفساد دينه لاجل دنياه من أجل مال أو حرص على منصب أو وظيفة فهو ساعٍ في هلاك نفسه عاجلا أو آجلا سنة إلهية ماضية لا تتبدل ولا تتغير ، قال صلى الله عليه وسلم / تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميلة، تعس عبد الخميصة، إن أعطي رضي وإن منع غضب / . وأكد إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن حميد أن المملكة العربية السعودية موقفها ثابت وواضح وحكيم وعادل من قضيه خطف الدبلوماسي السعودي عبدالله الخالدي فهي ترفض الابتزاز وخصوصا إذا كان من جهات إرهابية وإجرامية ، مشيرا إلى أن المملكة لا يمكن أن تساوم على عدلها القضائي وحكمها المتين وسياستها الراشدة ولن تسلم مواطنيها لجهات مشبوهة ومجهولة بل تسلمهم لأهليهم وذويهم في ظل وطنهم الآمن والعادل والبلد الذي يقيم الشرع ويرفع راية الكتاب والسنة دستورا وعملا . وقال : " إن وزاره الداخلية في بلادنا كم كانت حصيفة حين فضحت هؤلاء الشرذمة حين أذاعت الحديث الهاتفي الدائر بين أحد الخاطفين والسفير السعودي ليتجلى ما يعيشه هؤلاء الضالون من اضطراب وتشتت وإجرام وسوء تدبير " . موضحا أن هذه المكالمة بينت ما يعيشه هؤلاء من تراجع وإفلاس وضعف وتشتت وتخبط فجفت منابعهم وقتل رؤساؤهم ونبضت مصادر تمويلهم. وأشار فضيلته إلى أن من مظاهر الرضى ما تعيشه بلاد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية من أمن وإيمان وما تتطلع به من أدوار ومسؤوليات نحو شعبها ومواطنيها والمقيمين على أرضها نحو أشقائها وأصدقائها ومن مظاهر ذلك ما يقوم به ممثلوها ودبلوماسيوها من مهام ومسؤوليات في كل بلد يحلون فيها سواء في مناطق آمنه أو مناطق مضطربة ومتوترة جاعلين في أولوياتهم مراقبه الله وتقواه ثم القيام بمسؤولياتهم متجاوزين التحديات مستسهلين الصعاب . وقال فضيلته :" إن القيام بخطف إنسان بريء واعزل إنما هو دليل إفلاس وعجز وتخبط وتشدد وهو أسلوب إجرامي من تنظيم إجرامي تتولاه شرذمه ضالة تقتات على الحقد وتمارس الجريمة وتستهدف أمن الديار والشعوب وتلقي بنفسها في أحضان الأعداء ؛ أعداء أهلها ودينها وبلادها فهي شرذمه طريدة وشريرة ، وهي ألعوبة في أيدي الناقمين على بلادنا وأمننا وإيماننا واجتماع كلمتها والتفافها حول قيادتها فهم فئات ضالة تلقاهم الأعداء واتخذتهم المطايا نزولا لتنفيذ مخططاتهم فهم يعيشون في الكهوف وفي الشعاب وبطون الأودية وفي شقاء وبلاء ومخادعه للنفوس وضياع للأعمار وفناء للشباب ويعانون من أزمات عاصفة ويشبعون نزعات إجرامية بل إنهم يعكسون حاله الانهيار في دواخلهم فلا إرادة لهم ولا قرار في تجمعات بائسة وتصرفات يائسة" . وأضاف " أن أحكام الدين منهم براء ، بل إنهم لا يقيمون لتعاليم الإسلام وزنا وهم يزعمون أنهم يحتكمون إليها " مبينا أن الاختطاف للمسالمين العزل من الدين في أحكام الإسلام إذا كان المسلمون في أرض المعركة وفي أرض القتال والمواجهة وحين يكون الوطيس حاميا فإن المسلمين ممنوعون أن يقتلون وليدا أو إمراة أو شيخا أو يمثلون بآدمي أو بهيمة أو يقطعوا شجرة أو يغدرون أو يفعلوا هذا في عموم الناس ، أما الرسل وهم السفراء وهم الممثلون والمندوبون والقناصل فالحال أشد منعا ، مشيرا إلى أنه حينما جاء رسولا مسيلمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهما : أتشهدا إني رسول الله ؟ قالا : أتشهد أن مسليمة رسول الله ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : آمنت بالله ورسوله لو كنت قاتلا رسولا لقتلتكما . وبين فضيلته أن هؤلاء يخطفون ويقتلون وهي مخالفة صريحة في أحكام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وإفساد في الأرض فهم يجمعون بين الجهل في دين الله وظلم لعباد الله . وقال : أي جهل واضطراب وعبث أشد بما طالبوا به بتسليم نساء إلى خارج بلادهن وذلك في تعدٍ صريح على أحكام الشرع ثم على حقوقهن ومحارمهن . ودعا فضيلته هؤلاء القوم إلى التوبة والإنابة ومراجعه النفس والعودة إلى طريق الحق والهدى المستقيم ونبذ الشر والفساد والظلال ، مبينا أن أولي الأمر قد نادوهم من قبل ليعودوا لرشدهم والى بلادهم التي تحتضنهم وتؤويهم ، كما ناداهم الدعاة والخطباء وكل غيور محب بل ناداهم آباؤهم وأمهاتهم وأزواجهم فهل يفقهون ويتذكرون ويرجعون .