أكد أكاديمي متخصص في العقيدة والمذاهب المعاصرة أن " الحوار " يعتبر ضرورة ماسة للجميع ، والكل يحتاج إليه ، والكل يدّعي بأنه يقوم ب " الحوار " ، والكبير والصغير يحتاج للحوار فيما بينهم ؛ ليصلوا إلى مرادهم ، ويحصلوا على مطالبهم ، وكذلك الحوار تحتاج إليه الأمم والأفراد والدول الجماعات والمؤسسات لجلب مصالحهم ودرء المفاسد التي تحيط بهم . وتناول فضيلة الدكتور محمد بن إبراهيم الحمد أستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة بجامعة القصيم والمشرف العام على موقع دعوة الإسلام - في محاضرة بعنوان : (الحوار وأثره في الرقي) استضافها (منتدى العُمري) مساء يوم الجمعة الثاني من شهر ذي القعدة في مقره بحي الفلاح شمال مدينة الرياض - عدداً من المحاور ، منها مفهوم الحوار وأهميته وثمراته وأصول الحوار وأهدافه ، مستعرضاً بعضاً من نماذج للسيرة النبوية ومن كتب السير والتواريخ ، مستشهداً ببعض الأمثلة على حوارات أتت أكلها وأثمرت ثمارها اليانعة . وأبان فضيلته أن كلمة الحوار يعتريها ما يعتري الأمم من الانحطاط والرقي ، وقال : إن الله عز وجل يقول :{قل اللهم مالك تؤتى لمن تشاء وتنزع الملك ممن تشاء ، وتعز من تشاء ، وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير} ، موضحاً الشيخ الدكتور محمد الحمد أن الحوار باختصار شديد هو نوع من الحديث يدور بين طرفين أو أكثر بحيث يكون الحديث بينهما متكافيء لا يستأثر به أحد عن غيره مع غلبة الهدوء ورحابة الصدر والبعد عن التشنج والخصومة . وأضاف أستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة بجامعة القصيم والمشرف العام على موقع دعوة الإسلام – أن الذي يرادف الحوار هو مصطلح المحاور ومصطلح الجدل ، والمناقشة قريبة من هذا المصطلح لأنها تفيد التخاطب ، وإن الحديث يجري بين إثنين أو أكثر ، وتفيد الإبانة عما في النفس ولكن الحوار يسرها في الناس ، مشيراً إلى أن الحوار يغلب عليه سعة الصدر ورحابة النفس والهدوء والبعد عن التشنج ، ويختلف عن غيره ، فالحوار بين الدول ليس كالحوار بين الأفراد . وقال الدكتور الحمد : إن للحوار أصول هي الحلم ، والتثبت ، وهو أصل من أصول الحوار ، فأحياناً يطرح في الصحف خبر ويقال هذا فيه كذا وكذا ثم يتناول بالطرح وبالتحليل ثم يكتشف أن هذا الخبر ليس صحيحاً على الإطلاق ، ومن الأصول التي ينطوي عليها الحوار هو " العدل " ، وهو أصل أصيل ، والله أمر بالعدل ، وقد تمدح بالعدل كل الأمم . وتطرق فضيلته إلى أهداف الحوار ، منها حسن الاستماع والإنصات والإقبال على المحاور بوجه وترك مقاطعته والبعد عن احتقاره بإشارة أو لفظة ، مبيناً أن للحوار أهمية كبرى على الجميع وثمراته لا تكاد تحصى ، خصوصاً إذا كان حواراً راقياً فإنه يثمر رقياً في العلم ، ورقياً في الأدب والفكر في التجارات والتعامل ، والمجتمع إذا ساد فيه هذا الحوار الراقي طويت عنه مشكلات لا تحص . وأبرز فضيلة الدكتور محمد الحمد ثمار " الحوار " بقوله : إن العلم يزيد والفكر ينمو، ومن ثماره المحاور المبدع ، إذا كان مقدماً قومه يدرء عنهم شروراً كثيرة ويطفيء عن مشكلات كثيرة ، والتاريخ يذكر تواريخ كثيرة منها حرب داحس والغبراء التي استمرت أربعين سنة بفضل الحوار والمبادرة التي قام بها الحارث بن عوف وبن سنان ، انتهكت هذه الحرب ، وكذلك الحوارات في أسباب الحروب ، الحرب العالمية الثانية لوجدنا أنها بسبب مفاوضات يعتريها ما يعتريها من سوء الحديث ، فتسبب ذلك في قتل الملايين بسبب التقصير في مثل هذا الأمر . وأكد أستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة بجامعة القصيم والمشرف العام على موقع دعوة الإسلام أن من فوائد الحوار الراقي أنه من أعظم أسباب السعادة والأنس والراحة ، قال عمر بن الخطاب – رضي الله عنه - : (ما بقي لي من دنياكم إلا قيام الليل) ، ومناقلة الأخوان الحديث الذين ينتقون أطايب الحديث كما ينتقي أطايب الثمر ، من ثمرات الحوار الراقي أن التجارة الكثيرة تساس بالحوار ، لذلك يوجد ما يسمى بفن العلاقات العامة عند المؤسسات والدول والشركات ، فإذا كان الذي يسوق البضاعة محاوراً بارعاً حصلت الشركة التي ينتمي إليها المحاور على أرباح عظيمة بسبب براعته في الحوار ، والذي يستمع إلى الناس يحبونه كثيراً ،والكتب مليئة بآداب المحادثة والمجالسة . وخلال محاضرته ، أورد أستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة بجامعة القصيم والمشرف العام على موقع دعوة الإسلام – أمثلة من السيرة النبوية تبين مدى ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من أخذه بالحوار في أرفع درجاته ، وأعلى مقاماته ،وأروع آدابه ، وأسمى أساليبه .