حينما تذهب في الصباح الباكر لإنجاز بعض المعاملات في أحدى القطاعات الحكومية وتدخل في ساعات العمل الرسمية و تكتشف أن معظم المكاتب خالية من الموظفين! فمن الملام برأيك؟ - المواطن - المدير - الواسطة -ثقافة المجتمع - كل ما سبق وقبل أن يبدأ القارئ بالاختيار وتوجيه التهم علينا أن نسأل أنفسنا لماذا يهرب الموظف من عمله ولا يؤدي مهامه كما يجب؟ هل حصل الموظف على بيئة عمل ايجابية تساعده على الإنتاجية وتحقيق أهداف المنشأة؟ فوجود بيئة عمل قائمة على التطوير والتدريب والحوافز المادية والمعنوية والاهتمام بالموظف باعتباره مورد هام للمنشأة وليس أداة للعمل سوف يخلق الولاء الكامل للمكان ومن ثم ارتفاع الإنتاجية وبالتالي تحقيق أهداف المنشأة وعدم هدر الموارد وخصوصا "الوقت" فهو مورد هام و نادر لأي قطاع العدالة في العمل ومكافأة المتميز وخلق جو للمنافسة الشريفة (تحقيق الرضا الوظيفي) يدفع بالموظف لبذل جهد مضاعف بينما العكس قد يدفعه لهدر الموارد لأنه يعلم في داخله أن الوضع لن يتغير سواء اجتهد في عمله أو لم يجتهد .فالاهتمام بالمورد البشري (الإنسان) مطلب ملح ويجب أن يكون في قائمة أولويات الإدارة العليا ومعظم شكوى الموظفين تصب في عدم قدرتهم على التواصل مع المسئولين في الإدارة العليا وحل مشاكلهم و ما يعترضهم من صعوبات قد تؤثر سلبا على عملهم وعلى الإدارات دارسة ألأسباب التي تدفع بالموظف للحضور بشكل متأخر أو هدر الوقت باستخدام مضيعات الوقت كقراءة الجرائد وتصفح النت أو الحديث على الهاتف قبل القيام بالخصم ,النقل أو بقية الإجراءات التأدبييه فنحن نريد حل المشكلة من جذورها وليس تعقيدها المدير هو حلقة الوصل بين الموظفين والإدارة العليا وللأسف أن هناك عدد من المدراء يشكل كابوس مزعج لموظفيه بسوء معاملته وعدم قدرته على الإنصات وهذا دليل على الضعف الإداري وعدم قدرته على القيام بمهام عمله وواجباته,وفي عالمنا العربي يصل البعض لمناصب عليا ليس أهل لها فقط لأنه ابن فلان أو صهر علان مما يساهم في تحطيم أحلام كثير من الموظفين الأكفاء وعدم حصولهم على المنصب والتقدير اللازم وهذا أيضا يشكل عامل إحباط قد يدفع بالموظف للسلبية والشعور بالظلم وقد يدفع بالموظفين للتمرد واللامبالاة المواطن المسكين هو من يدفع الثمن وفي النهاية لا يملك سوى التذمر وقله من يفكر بالشكوى بدعوى أن الفساد قد ضرب بجذوره في تلك القطاعات وتلك الفكرة نتيجة حتمية للجهل بالحقوق فتتحول المعاملات إلى ماراثون طويل من الزيارات لانجاز المعاملة وسماع العبارة التقليدية" راجعنا بكره " أو "آسف ..النظام لا يسمح" فيصبح المسكين زائر دائم يقرع أبواب السماء كل يوم بانتظار الفرج أو الحصول على الواسطة وقد يمر بجملة من التعقيدات والعقبات بدعوى نقص الأوراق أو أن المكتب لا يمتلك الصلاحية أو أن الموظف المسئول في إجازة وعليه الانتظار وحينما تنتهي معاملته يتنفس الصعداء ويخر ساجدا لله من انتهاء الكابوس المزعج والسعيد هو من يملك المفتاح السحري (الواسطة) فتتم له معاملته في وقت قياسي فالتلويح بتلك العصا السحرية قد يلغي كافة العقبات و الأنظمة والقوانين واللوائح التي يتعذر بها الموظف أمام البسطاء ممن لا يملكون الواسطة الواسطة فيروس تسلل لعقول أفراد المجتمع وحياتهم وتحولت إلى عامل هدم وساهمت في ظلم الكثيرين و غياب العدالة وضياع الحقوق فلو كانت العدالة موجودة لوضع الرجل المناسب في المكان المناسب فالإدارة مهارة وفن لا يتقنه إلا القلة ومتى ما توفر المدير الناجح في عمله والقادر على القيام بمهام وظيفته حصل الموظف على التقدير والحوافز وبالتالي الولاء للمكان وانجاز المعاملات بفعالية وايجابية دون أن يلجأ للهروب من العمل وتأخير معاملات المراجعين والتحجج بالأنظمة واللوائح للأسف أن ثقافة المجتمع القائمة على اللامبالاة وعدم تقدير أهمية الوقت كمورد مهم للإنسان ومن أهم الأمور التي سوف يسأل عنها الإنسان يوم القيامة قد خلقت تلك السلوكيات السلبية والتي تؤثر على المجتمع وإنتاج أفراده من المثير للسخرية أننا كمجتمعات مسلمه تعاليم دينها تدعو للإخلاص في العمل وإتقانه وعدم الظلم ولكننا لا نطبقها في معاملاتنا اليومية وبالتالي نخسر كم هائل من الطاقات سواء البشرية أو المادية ونخسر أيضا احترامنا لأنفسنا فقبل أن نكيل التهم لبعضنا البعض لنحاول تحمل عواقب أفعالنا ومورثتنا التي تحرمنا الكثير ولنتصارح ونحاول البحث داخل أعماقنا وفي تصرفاتنا عن جذور المشكلة وحينما نعرف أسبابها ونشخصها نستطيع بسهولة أن نوجد العلاج والحلول المناسبة