بسم الله الرحمن الرحيم نقلت لنا الصحف المحلية قبل أيام الخبر المؤلم عن رجل الأمن المهرب للمخدرات في أحد سجون مدن المملكة ، فكأن إلهاما دار في نفوسنا يقول "حاميها حراميها". ثم بعد ذلك ، وفي مدينة أخرى ، أطلّ لنا بعض الشاذين جنسيا بعجيبة من العجائب ، فصوروا ، وأنتجوا ، وأخرجوا لنا فلمًا من داخل السجن ، وكأن أحدا ليس معهم رقيب أو متابع. والذي هالني فعلا ، أن هؤلاء الشاذين متزينين ويلبسون الجينز ومسكات على الأيدي ويُصورون هذا الفلم بكل أريحيّة. هاذان الحادثان ، كونا لدي انطباعًا للحال التي عليه السجون في وقتنا الحاضر ، ولي في ذلك عدة وقفات. الوقفة الأولى : أن بعضًا ممن يدخل السجن قد يكون حاله قبل دخول السجن أفضل حالا بعد دخوله إليه أو خروجه منه ، وبالتأكيد كلكم سيقول : هذا من تأثير الخُلطة ، وأنا أقول سلّمنا أن هذا الأمر مؤثر وهو كذلك ، ولكن !! كيف نبرر وجود أجهزة الهاتف النقال أو الكمرات والله أعلم بكم تُباع في تلك الأماكن أو كيف تُهرّب وكيف نبرر وجود من يقوم بأعمال الشذوذ الجنسي بكل أريحية ، كما رأينا في المقطع المخزي ، وبالتأكيد من استطاعوا القيام بذلك ؛ بإمكانهم القيام بأكثر من ذلك ، وكيف نبرر وجود المخدرات داخل السجون وكيف .. وكيف .. من الأمور التي لم تعد خافية. يا سادة دعوني أقولها لكم وكما يقال (على بلاطة) هناك خائن للأمانة يستغل عمله فيروج للمخدات ويبيع الممنوعات للمساجين ويُرشى ، حتى لربما أصبح العمل في السجون مطلبا لبعض الخونة. الوقفة الثانية : هذه السجون أُنشئت للتأديب لا للتخريب ، ولا نُنكر بذلك الجهود المبذولة من الجهات ذات العلاقة في إنشاء المدارس والمعاهد وإقامة الندوات والمحاضرات التي تُقام داخل السجون ، حتى بلغني وأنا أجمع مادة هذا المقال أنّ بعضا ممن استفادوا من الحِرَف التي تعلّموها داخل السجون أصبحوا تجارا بعد خروجهم من السجن وممارستهم المهن التي تعلموها داخل السجن ، ولكن هذا لا يعني أنه لا يوجد قصور في مراعاة الحقوق الإنسانية لهؤلاء المساجين والتي يترتّب عليه الكثير من السلوكيات الخاطئة. الوقفة الثالثة : نظام العنابر الجماعية داخل السجون أتمنى إلغاءه نهائيا، فأنا أرى أنه غير معين على الإصلاح ، فما تقوم به إدارات السجون من توجيه في النهار يروح به ما لا أود قوله في الليل ، فأتمنى لو كان لكل سجين غرفة فردية بمساحة صغيرة جدا تكفي لسرير ، ومكتب صغير ، ومكتبة مزودة بمجموعة من الكتب المفيدة ، ودورة مياه ، وهذا مما يعين السجين على استغلال وقته في المفيد ، فلا يعني أنه مخطئ ، أنه ليس بإنسان ، وبهذا ، قد يتم السيطرة على مثل حالات الشذوذ التي أشرت إليها آنفا ، وكذلك التحريض ، والمشاجرات ، وغيرها من الأمور التي تنتج من تكديس السجناء في مكان واحد. وكذلك توحيد الزي والاهتمام بنظافة السجين لنفسه وترتيب غرفته ، فيه نوع من الانضباط السلوكي والتهيئة النفسية للتغير ، وأظنه معمول به ، ولكن لا ادري عن مدى متابعته وتنفيذه ، وكذلك إنشاء مباني جديدة كليًا للسجون تكون على درجة عالية من النظافة والاهتمام ، كل هذا معين بإذن الله تعالى بأن يجد السجين بيئة إصلاحية مهيأة ، فهو محروم من العالم الخارجي وهذا بحد ذاته يكفي لردعه ، فلنهيئ له بيئة مناسبة داخل السجن ، تجعل منه إنسانا يفكر في تغيير سلوكه وإصلاح نفسه. الوقفة الأخيرة : أتمنى إنزال أقصى العقوبات على أن يكون أدناها الفصل من الخدمة والتشهير في جميع الصحف ووسائل الإعلام بكل من يستغل عمله في السجون في تهريب المخدرات أو بيع الممنوعات على المساجين. وفق الله الجميع لكل خير الفقير إلى الله : محمد ابن الشيبه