كارثة الغلاء التي يعيشها مجتمعنا اليوم لا تزال في تزايد مستمر ولا أحد يعلم هل تستقر الأسعار إلى هذا الحد أم أنها ستقفز إلى نسب أخرى . عاش مجتمعنا كارثة سوق الأسهم الذي هبط وهبط معه بأحلام الكثير من الناس الذين ساهموا بكل ما لديهم حتى أن بعضهم باع بيته الذي يمتلكه وسيارته التي يمتطيها لعله يربح ولكن جرت الرياح بما لا يشتهي السفن ، وانتهى الحديث عن الأسهم . ويعيش المجتمع اليوم كارثة غلاء الأسعار التي أتت على كل السلع سواء الاستهلاكية أو الخدمية ولم تقتصر على السلع الكمالية بل تعدت إلى الضرورية.. وصار الغلاء حديث الناس في بيوتهم وأماكن عملهم وامتد إلى وسائل الإعلام .. والناس هم الذين يعانون ويعايشون هذه القضية ولا بد من حلول أكثر جدية تعالج هذا الوضع. قد تكون هناك مبررات لارتفاع المنتجات المستوردة نظرا لارتفاع سعر البترول وانخفاض الدولار الذي ربط ربه "ريالنا" العزيز .. لكن ما هو مبرر ارتفاع الأسعار للسلع الداخلية .. كالأسمنت الذي يصنع لدينا والإيجارات وقس على ذلك الكثير من المنتجات التي نفاخر بأنها صناعة محلية وكان الأولى بها أن تظل محافظة على أسعارها لتكون بديلا مناسباً.. فما هي مبررات هذا الارتفاع المحلي؟!! فكل التحليلات غير كافية لإقناع الناس ، فالناس يتهمون التجار برفع الأسعار وقد بدأت بوادر ذلك بعد زيادة الرواتب التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين "وفقه الله" ، ومع أن وزارة التجارة حينها حذرت من رفع الأسعار إلا أن الأسعار واصلت ارتفاعاتها. الحديد .. تضاعف سعره ثم طلع علينا خبر يقول إنه سينخفض 200 ريال .. ؟ كم أنت رايق أيها المصرح!! الوزير يعلن عن خفض الشعير إلى 27 لكنه لم يزل يباع بما يقارب الأربعين ريالا!! شكلهم ما سمعوا كلام الوزير حفظه الله!! حماية المستهلك .. تغط في نوم عميق فما المستهلك الذي يتحدثون عنه إذا كان لا يعنيهم اكتواء الناس بالأسعار!! حقوق الإنسان هي الأخرى .. ألا يعنيها الأمر .. أليس معالجة الغلاء من أبسط الحقوق فباستقرار الأسعار يأمن الناس على غذائهم؟!! هذه الأيام يتحدث الكتاب عن "بطالة البنات" .. ويعللون للأسباب ويخترعون الأفكار لتوظيف "الجنس اللطيف" دون أن يمدوا أحبارهم للشباب !! الكل يكتوي بنار هذا الارتفاع فإذا كان من يعمل بوظيفة ذات دخل عالٍ يشكو من هذا الارتفاع فمال حال من دخله لا يتجاوز ال 1500 ريال ، وأين يصرفه فالسلع تضاعف بعضها ثلاثة أضعاف؟!! على كل كارثة الارتفاع هذه ليست مشكلة اقتصادية فحسب بل يترتب عليها كوارث اجتماعية فقد تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه على المدى البعيد حيث يقود هذا الارتفاع الناس إلى الدخول في الفقر من أوسع أبوابه ، وتختفي الطبقة المتوسطة التي تشكل النسبة الكبرى من المجتمع .. وأوضاع الفقر عادة ما تساعد على انتشار الجريمة والفساد والمشكلات الأخلاقية والسلوكية ، وهناك مشاكل تربوية كانشغال الآباء بالبحث عن تأمين لقمة العيش وترك الأسر. إن غلاء الأسعار يشكل قضية وكارثة إن لم يتم تداركها فسيكون وبالها وخيماً على المجتمع ومن هنا يتوجب الأمر بالقائمين على شؤون وطننا أن يتداركوا حجم هذه القضية وأن يعملوا على حلها. وأعجبتني دعوة الدكتور صالح الخثلان - نائب رئيس جمعية حقوق الإنسان - لوزارة الشؤون الاجتماعية إلى إعادة النظر في إستراتيجية محاربة الفقر معتبراً الفقر انتهاكاً لحقوق الإنسان، وموضحاً أن كثرة ما يرد إلى الجمعية من طلبات المساعدات يوحي، على حد وصفه، باتساع مساحة الفقر, الأمر الذي يفتح المجال للعديد من الأسئلة أهمها: لماذا هذه المساحة المتزايدة من الفقر ونحن نعد من أغنى الدول في العالم؟ أخيراً.. صندوق معالجة الفقر .. هل غربت شمسه؟ وأصبح في زمن "كان يا ما كان"!! مكافأة العاطلين التي وافق عليها "مجلس الشورى" وأعادها إلى وزارة العمل التي تقول إن لديها أرقاماً عالية بالبطالة طالت حتى "البنات".. أين اختفت فكرة هذه المكافأة ..؟ ما قيمت هذه التصريحات للوزراء والمسؤولين وما فائدة القرارات إذا لم تنفذ هل هي "لدغدغة" مشاعر الناس .. أم أنها للاستهلاك الإعلامي حتى نقول عن مثل هذه الوزارات أنها لا زالت على قيد الحياة؟!!!!!!!!!! حقا .. إنها كارثة لكن من يتصدى لها؟؟!! ولكم تحياااااتي. علي بطيح العمري للتواصل