إلتفت بإستغراب إلى ما أثيرمن تعليقات حول رواتب موظفي أمانة جدة .. وقد أجمع كتابها على إستنكار كبر حجمها. ليس لدي إعتراض على هذه التعليقات سوى أني أراها ركزت على جانب واحد بينما تركت نصف الحقيقة مستوراً. أنا هنا أريد توسيع الحكاية وأناقش ماذا يحدث في سوق العمل لنرى الحجم الحقيقي لرواتب الموظفين في القطاع الخاص وهي فعلاً ( ضخمة ومستحقة ) مقارنة بالرواتب الضعيفة في القطاع الحكومي .عندئذ سوف نضع أيدينا على مكمن الداء الذي يعيق آداء الإدارات الحكومية أريد أن أقول بصوت عال هناك موظفون في قطاعات حكومية تفوق رواتبهم راتب وكيل وزارة. فعندما يحتاج قطاع حكومي لخبرة متخصص فليس أمامه إلا خيارين إما أن يدبر رواتبهم ربما من ميزانية أحد المشاريع ، وإما أن يترك المشروع في أيدي موظفي القطاع الذين تنحصر خبرتهم في الأعمال المكتبية. أمامنا مثال لرواتب أساتذة الجامعات المُعارون للقطاعات الحكومية .. فهل يعقل أنهم ذهبوا إلى هناك بنفس رواتبهم ؟ حتى لو أنهم فعلوا ذلك ، فكيف يتم تدبير رواتب بعضهم التي هي في الجامعة تفوق راتب مدير عام ؟ تكمن مشكلتنا في سلم الرواتب فهو قديم وعتيق تعدى عمره 35 عاماً . ومع ذلك لا يتماشى مع التغير الحاصل في سوق العمل إذ يتعامل بالجملة مع جميع أصحاب المؤهلات.لا فرق في رواتبهم سواء كانت تخصصاتهم إدارة مشاريع وتمويل وتقنية معلومات أومحاسبة وإدارة أعمال. فهؤلاء تعد رواتبهم الأدنى والأقل عند مقارنتها بالقطاع الخاص. بينما تزيد رواتب موظفي إدارة المشروعات وتقنية المعلومات والتمويل والهندسة الصناعية في القطاع الخاص على الثلاثين ألف ريال ويصل بعضها إلى سبعين ألف ريال. قبل أن أقول ما هو الحل أريد أن أسأل كيف نتوقع من مشرف مشروع في قطاع حكومي بمرتبة رئيس قسم راتبه عشرة آلاف أن يتولى مسؤولية مراقبة تنفيذ مشروع قيمته مئات الملايين من الريالات وكل خبرته أعمال مكتبية؟ لذلك تصبح المشاريع في ذمة الشركات المنفذة ! لذلك فإن الحل هو أن نعطي كل قطاع حكومي المرونة والصلاحية في تحديد رواتب موظفيه حسب مؤهلاتهم وتخصصاتهم. وبذلك يتمكن من إستقطاب الكفاءات المطلوبة لمشاريعه من سوق العمل. بعد ذلك نراقب كيفية إستخدام هذه الصلاحيات ونحاسب الجهازالمقصر. د. راكان حبيب