داخل أحد المنازل، غير البعيدة عن بغداد، تجثم ذكريات رعب وفزع بالنسبة لهدى وعائلتها، التي تصف ما جرى لها عام 2005، حين دخل مقاتلو "القاعدة" قريتها. تقول هدى: "حينما دخل إلى المنزل كان وجهه مغطى بقناع أسود وكنا أنا وأبنائي خائفين، إذ كان يحمل سلاحاً في يده، وأرغمني على الذهاب معه إلى الغرفة." وحرصاً منا على سلامة هؤلاء النساء، لن نكشف عن أسمائهن أو هوياتهن. فقد قام الرجل بدفعها أرضاً ووجّه سلاحه نحوها مهدداً إما بقتلها وإما بقتل أبنائها؛ إن لم تمتثل لمطالبه، وعلى سرير الزوجية فعل المغتصب فعلته. وتقول هدى إن الرجل عاد مرة ثانية فيما بعد، ولكنها لم تتعرّف إلى هويته أو حتى اسمه، وتضيف: "حبسنا هنا، فقد هدّد بقطع أعناقنا إن تركنا المنزل." وكان زوج هدى قد قُتل قبل ثماني سنوات نتيجة العنف الذي ساد أرجاءً مختلفة من البلاد. أما أبناء هدى الخمسة، فكانوا يسجنون في الغرفة المجاورة لغرفة نوم والدتهم في كل مرة تتعرّض فيها للاغتصاب، ورغم ذلك لم تنج الابنة الكبيرة، التي سنسميها "زينب" هي الأخرى من الاغتصاب، وهي لا تزال في الخامسة عشرة من عمرها. تقول زينب: "كانوا يأخذون أي فتاة يريدون، لقد جاء لي، وكان يأتي فقط في منتصف الليل ووجهه مغطى بالكامل." وتتذكر الأم تلك الليلة بالقول إن ابنتها زينب أصيبت بالإغماء وكانت حالتها مأساوية جداً، إلا أنها لم تستطع الاستعانة بالجيران لأنها إن فعلت فستكشف كل ما حصل. واليوم وبعد هروب رجال "القاعدة" من المنطقة تبقى هدى وزينب وأطفالهما، فلدى زينب طفلة في الثانية من عمرها سمّتها ورود لا تحمل أي أوراق ثبوت رسمية. تقول زينب: "أخبرني موظفو الحكومة أن لا دليل على أن هذه الطفلة ابنتي أو أنني كنت متزوجة." أما الأم فلديها طفل عمره ست سنوات، إذ تقول: "في كل مرة أرى ابني، أتذكر ما مررت به، من الصعب أن أحبه، ولكنني أذكّر نفسي أنه بريء ولا ذنب له." ويبقى العدد الحقيقي للأطفال الذين وُلدوا نتيجة عمليات الاغتصاب المرعبة والمخيفة مجهولاً.