أكدت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أن نتائج التحقيقات في مشكلة القطارات الجديدة التي تعطلت فور عملها أثبتت أن المؤسسة العامة للخطوط الحديدية لم تقم بتجربة القطارات بالطريقة التي تم التعاقد عليها، والتي تقتضي السير لمدة 2500 كم متواصلة، إضافة إلى إجراء تجارب التشغيل في وقت اعتدال مناخي، ما أدى إلى عدم ظهور عيوب القطارات. وصرح مصدر مسؤول في (نزاهة) بأن الهيئة, بناءً على اختصاصاتها, قد تابعت ما نُشر حول موضوع تعطل القطارات الجديدة التي تم إدخالها للخدمة مؤخراً من قِبل المؤسسة العامة للخطوط الحديدية, بعد تعاقدها على تصنيعها بتاريخ 19/ 6/ 1429ه, الموافق 23/ 6/ 2008م , وذلك لغرض تصنيع وتوريد (8) أطقم قطارات ركاب حديثة، كل طقم يحتوي (5) عربات ركاب وقاطرة, بتكلفة إجمالية تبلغ (104,948,221) يورو.
وأشارت نزاهة إلى أن التعاقد شمل الاختبارات في البلد المصنّع، وفي المملكة قبل الاستلام الابتدائي, وأجور شحن القطارات إلى ميناء الدمام, وكذلك التدريب والصيانة لمدة أربع سنوات، وتشغيل القطارات تشغيلاً تجارياً لمدة سنة كاملة.
كما تضمن العقد أخذ الظروف البيئية والمناخية في المملكة في الاعتبار, مثل ارتفاع درجات الحرارة إلى ما يزيد على 55 درجة مئوية صيفاً, وربما تنخفض إلى ما دون صفر مئوية شتاءً، ومتوسط الرطوبة 70%, وأقصى متوسط للرطوبة خلال العام حوالى 98%, وظروف التشغيل الأخرى, وتضمنت نصوص العقد أن تكون القطارات مناسبة للتشغيل في بيئة مليئة بالغبار والرمال, إضافة إلى وجود رذاذ الملح في الهواء في المناطق الساحلية. وأوضح المصدر أن (نزاهة) استناداً لاختصاصاتها المحددة بموجب تنظيمها, قامت بتكليف ممثلين عنها لدراسة وفحص إجراءات المنافسة التي تقدمت لها شركتا (كاف وتالغو الإسبانيتان), وإجراءات ترسية العقد على شركة (كاف), وما ظهر من ملاحظات عند البدء في تشغيل القطارات.
وقد انتهت الدراسة والفحص إلى عدد من النتائج, منها عدم تمكن المؤسسة العامة للخطوط الحديدية من توفير الوسط والظروف المناسبة لإجراء اختبارات سير القطارات لمسافة (2500) كم متواصلة بالطرق الصحيحة (كما هو مشترط)، حيث اقتصرت التجارب على إجراء الاختبارات للقطارات على السكك الحالية التي تقل عن ذلك, واضطرار القطارات للتوقف على التحويلات لفترات طويلة, انتظاراً لمرور القطارات التي تعمل في الخدمة, الأمر الذي لم يخضعها لتجربة حقيقية، حيث تعطي مرحلة الانتظار الفرصة للقطارات لتبرد محركاتها قبل معاودتها التشغيل.
كما تبين أن إجراء الاختبارات تم في فترة اعتدال المناخ في المملكة, وهو ما أدى إلى عدم اكتشاف الملاحظات التي تعرضت لها القطارات أثناء التشغيل الفعلي.
وقالت (نزاهة) إن المؤسسة قامت بإدخال خمسة أطقم من القطارات الحديثة للخدمة في وقت واحد, بما لا يتفق مع ما ورد في فقرة التسليم والقبول المادة (6-1) من اتفاقية التصنيع والتوريد الملحقة بالعقد, حسب الجداول الزمنية في برنامج العقد, التي حددت مواعيد اختبارات القطارات وإدخالها للخدمة، وأشارت إلى أن ذلك لم يتناسب مع تقديرات الشركة المصنعة لطاقم التشغيل والصيانة، الذي وفرته مع بداية الاختبارات والتشغيل لتغطية احتياج طاقمين فقط من القطارات.
وقد أدى إدخال الأطقم الخمسة للخدمة دفعة واحدة إلى تراكم أعطال القطارات والتأخير في إصلاحها.
وطالبت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، المؤسسة العامة للخطوط الحديدية، بعدم قبول وحدات القطارات المتبقية إلا بعد التأكد من خلوها من عيوب القطارات التي أدخلت في الخدمة, وظهرت فيها العيوب, طبقاً لما ورد في البند (22-3-1) من اتفاقية التصنيع والتوريد, وذلك حفاظاً على حقوق المؤسسة, فضلاً عن عدم قبول القطارات محل الملاحظات إلا بعد التأكد من إصلاح العيوب, واجتيازها الاختبارات في نفس الظروف البيئية والمناخية المنصوص عليها.
كما أكدت على المؤسسة باستيفاء الغرامات المستحقة نتيجة التأخر في التسليم وتوريدها إلى خزينة الدولة, وسوف تتابع الهيئة المشروع إلى أن يتم تسليمه على النحو المنصوص عليه في العقد والمواصفات, التزاماً بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين -يحفظه الله- إلى المسؤولين بالحرص على توفير الخدمات للمواطنين على أفضل المستويات.