في وقت شهدت فيه الدول العربية تغيرات سياسية جذرية، استبقت دول الخليج رياح التغيير، بإعلانها عن تبني اقتراح سعودي بإنشاء اتحاد، بعد نحو 30 عاما من تأسيس مجلس التعاون الخليجي. وبمجرد الإعلان عن مشاورات خليجية على مستوى قادة دول الخليج الست، بدأت ردود الفعل الإيرانية والتي جاءت في مجملها منددة. ويرى محللون أن مشروع الاتحاد الخليجي يحمل عدة رسائل إلى إيران، في ظروف صعبة تمر بها الجمهورية الإسلامية ومنطقة الخليج والعالم العربي بشكل عام. ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإمارات الدكتور عبد الخالق عبدالله، إن مشروع الاتحاد الخليجي، والذي اختار اسم "اتحاد الخليج العربي" يرسل رسالة واضحة إلى إيران من مجرد اختيار تسمية الخليج "بالعربي." ويضيف: "المسمى في حد ذاته فيه رسالة قوية إلى إيران مفادها أن دول الخليج مجتمعة ترفض التسمية الإيرانية للخليج بأنه فارسي، ذلك أن دلالات تلك التسمية سياسيا، تعني بسط السيطرة الإيرانية على المنطقة بأكملها، وكأن ظهران تقول إنها القوة الوحيدة هنا." وتابع عبدالله يقول لCNN بالعربية إن "مجلس التعاون الخليجي نشأ في الأساس لمواجهة الأخطار الخارجية، لكنه لم يشأ الاصطدام بإيران، إلا أن الاتحاد الخليجي لن يكون كذلك، بل سينطلق من نقاط قوة وثقة لمواجهة التمدد الإيراني والتحرش المستمر بدول المنطقة." ورأى أستاذ العلوم السياسية الإماراتي أن "مشروع الاتحاد الخليجي نابع من رحم 30 عاما من التجربة التعاونية، وهناك نضوج في التجربة فيما يتعلق بالتنسيق والتعاون ومظاهر الاندماج بين دول الخليج." لكنه حذر من استعجال اكتمال الاتحاد، وقال: "مشروع الوحدة جنين قضى 30 عاما في رحم تجربة التعاون، ولا ينبغي استعجاله كي لا يولد خداجا أو مشوها، وكي لا تكون الولادة قيصرية." وفي ختام قمة تشاورية عقدها قادة دول مجلس التعاون الاثنين الماضي، اتفق ملوك ورؤساء هذه الدول على "استكمال دراسة الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد." وقال بيان صدر في ختام الاجتماع، إن قادة دول المجلس "يرحبون ويباركون" اقتراح العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز، بشأن الانتقال إلى مرحلة الاتحاد، وعبروا عن "إيمانهم بأهمية هذا المقترح، وأثره الإيجابي على شعوب المنطقة." وفي الإطار ذاته، يرى محمد صالح صدقيان، رئيس المركز العربي للدراسات الإيرانية في طهران، أن دول المنطقة لها الحرية في أن تشكل مجلس تعاون أو اتحادات أو ما تشاء من الكيانات السياسية، لكنه قال إن إيران تنظر بحذر إلى هذه الخطوة لاعتبارات سياسية وأمنية. وقال صدقيان لCNN بالعربية إن الإعلان عن مشروع الوحدة الخليجي جاء في وقت تشهد فيه المنطقة تجاذبات سياسية عدة، منها طبيعة العلاقة بين إيران ودول الغرب من جهة، وإيران ودول الخليج من جهة أخرى، بالإضافة إلى الحسابات الجديدة فيما يتعلق بأزمة سوريا. وأشار إلى أن الموقف الرسمي الإيراني لم يعلن بعد من مشروع الوحدة الخليجية، وما صدر عن بعض السياسيين والمحليين لا يعد موقفا رسميا، بل هو في إطار ردود الفعل الشعبية. وقال إن ما يعول عليه هو الموقف الرسمي لوزارة الخارجية الإيرانية الذي لم يصدر بعد. ويضم مجلس التعاون الخليجي كلا من السعودية، والكويت، والإمارات العربية المتحدة، وسلطنة عُمان، وقطر، والبحرين، وهي أكبر منطقة مصدرة لنفط في العالم، وتقع في موقع استراتيجي قبالة إيران وعلى أحد أهم المضائق المائية في العالم. وعادة ما تشهد المنطقة عدة توترات بسبب ما تقول دول الخليج إنه تدخل إيراني في الشأن البحريني ، بالإضافة إلى مطالبة الإمارات العربية بثلاث جزر احتلتها طهران.