ترصد الكاتبة الإيرانية كاميليا انتخابي فرد أحد أشكال الصراع على السلطة في طهران، والذي تجلَّى في خسارة هاشمي رفسنجاني، في 8 مارس، منصب رئيس مجلس الخبراء الذي يُعهَد إليه بمسؤولية اختيار ومراقبة، وربما إقصاء المرشد الأعلى في إيران، مشيرة إلى أن الرئيس الإيراني أحمدي نجاد يعتبر المسؤول الأول عن محاربة رفسنجاني وعائلته، وأنه كان يريد تدميرها منذ اليوم الأول لوصوله إلى منصب رئاسة الجمهورية، صار عليهم الآن البحث عن مكان آمن خارج إيران. وفي مقالها "صعود وهبوط هاشمي رفسنجاني "بصحيفة" الوطن تحاول الكاتبة رسم صورة لشخصية رفسنجاني القوية، والتي خسرت نفوذها في صراعها مع المتشدِّدين في النظام الإيراني، تقول فارد: "يُعتبر هاشمي رفسنجاني إحدى الشخصيات الأكثر شهرة في تاريخ الثورة الإسلامية في إيران، وبعد سنوات من التكهُّنات حول ما إذا كانت هناك خلافات بينه وبين المرشد الأعلى آية الله خامنئي، خسر رفسنجاني في 8 مارس أحد مناصبه المهمة. كان رفسنجاني على مدى سنوات يتولَّى منصب رئيس مجلس الخبراء الذي يُعهَد إليه بمسؤولية اختيار ومراقبة، وربما إقصاء المرشد الأعلى في إيران". وتضيف الكاتبة: "هاشمي رفسنجاني الذي كان أقوى شخصية في إيران في وقت من الأوقات، وكان الناس يحسبون له ألف حساب، والذي كان وراء اختيار آية الله خامنئي لمنصب المرشد الأعلى، واستطاع أن يضع حداً للحرب العراقية- الإيرانية التي امتدت 8 سنوات، أصبح ضعيفاً جدّاً لدرجة أنه لم يعد يسمح له بأداء صلاة الجمعة في طهران .. أبناؤه لم يدخلوا المجال السياسي مطلقاً، ويعملون في قطاع الأعمال، ومع ذلك تعرَّضوا لهجمات واسعة من قبل أجهزة الإعلام التابعة للتيار المحافظ، ابنه الأكبر، محسن هاشمي، الذي كان رئيس "مترو طهران" لمدة 17 عاماً استقال في 4 مارس؛ بسبب خلافات وصراعات متكرّرة مع الحكومة حول التمويل وخطة الميزانية". وعن دور نجاد في محاربة رفسنجاني تقول فارد: "الرئيس أحمدي نجاد يعتبر المسؤول الأول عن محاربة عائلة رفسنجاني، وهناك شعور عام بأنه كان يريد تدميرها منذ اليوم الأول لوصوله إلى منصب رئاسة الجمهورية. الابن الثاني لرفسنجاني، مهدي، غادر إيران منذ سنتين تقريباً، بعد شهر من الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل في 2009. وقد أصدر القضاء أوامر عدة لمهدي؛ كي يمثُل أمام القاضي، ويجيب عن أسئلة حول دوره في المظاهرات المعادية للحكومة التي أعقبت الانتخابات الرئاسية .. لكن هاشمي رفسنجاني قال: إن ابنه يحضر؛ لنيل شهادة الدكتوراه في الخارج، وسيعود إلى إيران عندما ينتهي من دراسته، لكنه لم يعد مطلقاً، وبقي متوارياً عن الأنظار، متنقلاً بين دبي ولندن، حيث تستطيع عائلته أن تذهب لزيارته". وتضيف الكاتبة: "الشخصية الأكثر إثارة للجدل في عائلة رفسنجاني هي ابنته فائزة التي كانت في فترة من الفترات عضوة في البرلمان، وكانت من التيار الإصلاحي في عام 1997، كانت فائزة رئيسة تحرير صحيفة "زان نيوز" المعروفة بمواقفها الإصلاحية الجريئة إلى أن تمّ إغلاقها في 1999، لكن فائزة بقيت جريئة في تصريحاتها ومواقفها ضد المحافظين والمتشدِّدين، ولذلك أصبحت الهدف الرئيسي لأنصار النظام الإيراني، منذ أسبوع فقط، تعرَّضت فائزة لهجوم من قبل جماعة "حزب الله" الإيراني الذين يرتدون الملابس المدنية، بينما كانت تزور إحدى المقابر في جنوبطهران". وتُؤكِّد الكاتب أنها "لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تتعرَّض فيها عائلة هاشمي رفسنجاني للهجوم والإهانة، فقد اعتقلت فائزة عدة مرات خلال مشاركتها في مظاهرات ضد الحكومة في طهران، وكانت آخر مرة في 14 فبراير 2011، كما اعتُقِل أحد أبنائه ليومين لدى وصوله إلى مطار طهران قادماً من بريطانيا". وترصد الكاتبة ما وصل إليه حال رفسنجاني وأسرته الآن وتقول: "مع انهيار مستقبله السياسي وتقدُّمه في السن، أصبح هذا الرجل الحكيم يفكِّر في مستقبل أبنائه وسلامة عائلته فقط، لذلك فإن عدم ترشُّحه لمنصب رئيس مجلس الخبراء واستقالة ابنه محسن من إدارة "مترو طهران" ربما يعطيان عائلة رفسنجاني حصانة أفضل، وقد يساعدهم الانسحاب من الحياة العامة على وضع خطط أفضل للمستقبل"، وتتساءل الكاتبة مُشكِّكة "لكن هل ستبقى العائلة في إيران بعد سقوط هاشمي؟ في ظل المستقبل الضبابي لإيران وغياب دعم المرشد الأعلى، صديقه القديم، مَن يستطيع ضمان سلامة عائلة هاشمي رفسنجاني؟" وتُنهي الكاتبة بقولها: "يبدو أن العائلة التي ضحَّت كثيراً من أجل الثورة صار عليها الآن أن تبحث عن مكان آمن إذا أراد أفرادها أن يتحرَّكوا بحرية مرة أخرى".