تفاعل الشاعر ناصر القحطاني "شاعر الأندلس" مع الثورة السورية التي تشهدها سوريا منذ أكثر من عام، وذلك من خلال قصيدة مؤثرة، صورها وأنتجها في مقطع فيديو سيُعرض على أغلب المحطات الفضائية بعنوان "سوريا"، برعاية إلكترونية من صحيفة "سبق". وتأتي القصيدة في خضم الأحداث والمآسي التي تعيشها بلاد الشام، في تفاعل معتاد من شاعر الأندلس مع قضايا أمته؛ حيث أثرت في نفسه ما تعيشه سوريا من أوضاع مأساوية في ظل ممارسة القمع والوحشية ضد الشعب السوري الأعزل؛ فتفاعلت نفسه مع الحدث، وسطَّر قلمه المعاناة بأسلوبه المتفرد. وبدأ شاعر الأندلس قصيدته بلمحة تاريخية عن سوريا ومآثرها وما كانت تمثله للإسلام والمسلمين من أرضٍ للرباط والجهاد طوال التاريخ الإسلامي المجيد، حتى تاريخنا الحاضر. والقصيدة التي جاءت متفردة في وزنها وكلماتها وأسلوبها تتقمص الموروث الشامي الأصيل، وتمثل النفس الشعري الرائع للشاعر، ولا تخلو من الجمال الفني الأخَّاذ، وتتجلى فيها المأساة بصور عدة تُدمي القلب، وتدمع العين. ورغم المأساة التي يعيشها الشعب السوري البطل لا تخلو القصيدة من الأمل والتفاؤل بالنصر بعد أن دهم إعصار الحرية؛ ليقتلع الظلم والظالمين، وأن الطغاة مهما تجبروا وتكبروا فالفَجْر قادم، والأمل بالله كبير ثم بصحوة الشعب السوري العظيم الذي نفض الغبار. كما لا تخلو من إسقاطات تاريخية وتلميحات رمزية تنم عن مدى تشبع الشاعر بتراث أمته وماضيها المجيد وإيصال مشاعره بكثافة عالية وتصوير بديع، إضافة إلى اللغة السهلة الرائقة والنفس الحماسي الجميل. وستُعرض القصيدة بطريقة الفيديو الكليب في أغلب القنوات الفضائية بإلقاء الشاعر، وبسيناريو وإخراج متميز. وقد تم تسجيل وتصوير ومونتاج القصيدة في استوديوهات قناة "الساحة" الفضائية، التي حاولت إخراج العمل بما يليق ببلد الجمال والثوار "سوريا". وفيما يأتي نص القصيدة:
سوريا يا أم الأحرار سوريا يا أم الثوار يا أحلى من جنات الدنيا وأعرق من كل الأمصار
أشغلتِ ذاكرة الراوي يا أطول نشرات الأخبار
علمتِنا أن التاريخ يذكر دار وينسى ديار
كنتِ في كل الأزمان مرصودة تحت المنظار
كنتِ تحفة للفاروق عرّب لك رسم الدينار
كنتِ للسيف المسلول دنياه وللبرزخ دار
كنتِ غادة لليرموك منها كل الغيد تغار
كنتِ لبنت الأزور وصفة لاستنهاض أخت المغوار
كنتِ للمأمون عيون ترعى الزينة والآثار
كنتِ للمتوكل بيت تجري من تحته أنهار
كنتِ للمتنبي صوت غنا به حلو الأشعار
كنتِ لأسطورة حطين بوابة نصر ومعبار
كنتِ للظاهر ببيرس غمد المصقول البتار
كنتِ للأطرش سلطان نار بوجه الاستعمار
كنتِ لتراب الجولان روح تحرك فينا الثار
واليوم أنتِ بأتعس حال مخطوفة بيد الأشرار
لا والله ما يطول الليل ما دام بمرباك أخيار
ما أحلى الموعد ما أحلى العرس موعد درعا وشهر آذار
زفوه أربع خمس أولاد كانوا في عمر الأزهار
ثورة سجلها التاريخ لصغار وما هم بصغار
اللي ظلما الاستبداد ضوّوها مثل الأقمار
قالوا الكل.. الشعب يريد إسقاط عصابة بشار
لا للصمت ولا للخوف ولا للذل ولا للعار
حنا عزاز وحنا أخيار وحنا أحرار وحنا كبار
فينا قهر وفينا صبر وفينا عزم وفينا إصرار
ولنكتب عبر الحيطان صحوة شعب ونفض غبار
يسمعها ويقراها الكون فوق شفاه وفوق جدار
من لحظتها لاح البرق وجاء للحرية إعصار
مهما يتجبر جلاد وين يروح من الجبار
يفرجها الله ياهل الشام بالرجوى والاستغفار
انتوا اللي عمرّتوا البيت واجّرتوه أرخص إيجار
والمستاجر جازاكم مثل النعمان وسنمار
قلنا كف وعف وضف ودار ولف ولف ودار
كل شويّ يمثل دور يا ابو عنتر يا غوار
اليوم القصة يا شام أكبر من لفت الأنظار
تحت الظلم وخط الفقر راح أعمار وظل أعمار
نعش الإصلاح المزعوم دقوا فيه آخر مسمار يبقى السوري عالي راس ما باقي شي وما صار لن يسكت للثائر صوت حتى اللي خلف الأسوار يا نحيا بعزة يا نموت ما عند الأحرار خيار صبراً مع فقد الغالين موعدهم دار الأبرار والحرة لو تفقد حر تنجب غير الحر أحرار فليحيا العدل المنشود وليسقط حكم الجزار جند العزة في الفردوس وجنود الباطل في النار صدوهم ردوهم غصب لين يولّون الأدبار وإن مريتوا بالتمثال طشوا بوجهه سبع أحجار والنصر بإذن الله جاي بيد المعبود القهار عذراً يا سوريا العز ما نقبل لأنفسنا أعذار