كشف مدير مركز "سمارت ليرن" للدراسات الاقتصادية والسياحية خالد آل دغيم، عن نمو النشاط السياحي بالإجازات القصيرة، مرجعاً ذلك إلى الكثافة الهائلة في الأعداد البشرية التي تسعى إلى قضاء إجازة سياحية مهما قصرت مدتها، وإلى تنوع مجالات النشاط السياحي والمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية. وانتقد آل دغيم غياب الإعلام، والذي قال إنه لم يواكب هذه القفزة وهذا التحوُّل في هذا النشاط والاتجاه العالمي إلى تقليل ساعات العمل وتوفير إجازات أكثر، إلى جانب رغبة أكثر العاملين إلى تنظيم أوقات إجازتهم مع مناسباتٍ معيّنة أو منطقة محدودة. وأشار إلى أن الإعلام يقع عليه توجيه الأفراد للتخطيط المبكر لإجازة سياحية ماتعة حتى لو كانت قصيرة، مؤكداً أن إمكاناتنا السياحية لن تكون ذات جدوى اقتصادية ما لم يكن هناك إعلامٌ سياحي متخصّص له وسائله المختلفة ليتبنى اتجاهات مؤثرة في المجتمع المحلي ويدفع بالسياحة لتكون ذات أثر اقتصادي من خلال دورة متكاملة يلمسها الجميع. وقال في عرضٍ لتقريره الذي نشره أمس: إننا نحتاج في الفترة الحالية إلى حملةٍ إعلاميةٍ محدّدة الهدف لتخفيف الضغط على السياحة الخارجية والتصدّي لهجرة رؤوس الأموال والبشر التي تهاجر سنوياً إلى البلدان المجاورة واستغلال التراجع في السياحة الخارجية بسبب الاضطرابات المحيطة بنا؛ لإبراز التوازن الاجتماعي والأمني الذي تنعم به بلادنا وإبراز منجزاتنا الحضارية في الوقت الذي لا تعرف بعض الأسر إلا قرية أو مدينة داخل السعودية، حيث يغيب الجذب وعوامل التشويق عنها. ولم يكن للإعلام حضورٌ مؤثرٌ، خصوصاً في فترة الإجازات القصيرة. وأضاف: للنشأة دورٌ مهمٌ فعندما ينشأ الطفل في وسط أسرة تهوى التنقل في الوطن يصبح ذلك السلوك جزءاً من تكوينه بدلاً من السياحة الخارجية التي تشكل تهديداً ثقافياً لقيمنا وسلوكنا، ويلزمنا إعلامٌ يستهدف الأسرة ويوجهها وفق إستراتيجية ذات أبعادٍ متعدّدة. وأشار آل دغيم إلى أن توظيف السياحة ورسوخ تقاليدها كفيلان بحل كثيرٍ من المشكلات وتحقيق كثير من الأهداف، أهمها التعريف بالمملكة وإبراز مكانتها وما تنعم به من توازن اجتماعي غائبٍ عن كثيرٍ من البلدان ذات المقصد السياحي للسياح السعوديين. وأوضح أن تكلفة الإجازة من أبرز عوائق السياحة، لكن مع الأسف قوائم التكلفة المعمول بها حالياً ما زالت من أيام الطفرة الاقتصادية السابقة والتي أُعدت حسب مستوى دخل الأفراد في حينه وهي لا تتناسب مع الظروف الاقتصادية الحالية وهي ما تؤخر النمو السياحي. وفي مقارنة بين التكلفة في مشروع خارج الوطن ومشروع وطني يقدم الخدمة نفسها، نجد الفرق شاسع لأن المشروع الخارجي يبني أرباحاً على المدى البعيد ويسعى للحفاظ على زبائنه في سبيل الربح المستمر، بينما في المشروع الوطني نجد البذخ والإسراف في مظاهر الإنشاءات ما يرفع أسعار الخدمات التي يقدمها، وبالتالي يحول دون تحقيق الأهداف ولم توضع في الحسبان أن الخدمات السياحية الأساسية موجودة وتقوم بها الدولة مثل شبكة الطرق والمطارات وخدمات الاتصالات والماء والكهرباء. وعن تراجع السياحة في الفترة الأخيرة من الخارج إلى الداخل، قال آل دغيم: تراجعت السياحة بنسبة لا تقل عن 40 % حتى على مستوى سياحة الأعمال حيث بدأت الشركات العالمية تحرص على الدخول في السوق السعودي بحثاً عن الأمان، وأصبح التدفق النقدي في صعودٍ وهذا التراجع يوفر للسياحة الداخلية ملايين الريالات وذلك أمر لا بد من الاهتمام به جيداً وأكبر دليل الفعاليات الثقافية والاجتماعية والتراثية والمعارض المتخصّصة التي انطلقت خلال الفترة الماضية وشهدت مشاركات دولية بشكل عالٍ وحضور مميّز. وتشير الإحصائيات إلى أن نسبة إشغال قطاع الإيواء بلغت 100 % في فترة ما بعد الصيف وحتى الآن في أكثر مدن المملكة الرئيسة، إلى جانب إعلان الهيئة العامة للسياحة والآثار عن 8500 وظيفة يتم توطينها في مسارات مهنية مختلفة، وهذا أمر يبشر بالخير ويجعل تدوير رأس المال مضمون ومُرض. وعن اجازة منتصف الفصل الدراسي الثاني القادمة، قال آل دغيم إنها من نصيب الأسواق والمولات الكبرى والمدن الترفيهية، ولم تحظ بحملات إعلامية أو ترويج منظم من المستثمرين في السياحة، وهذا خللٌ في التخطيط.