أكدت مصادر متطابقة لوكالة الأنباء الفرنسية في موريتانيا وأوروبا والولاياتالمتحدة أن مقاتلي تنظيم القاعدة يضمنون عبور قوافل الكوكايين والهيروين المتوجهة إلى أوروبا ويجبون عليها الضرائب. لكن هذه المصادر تضيف أنهم لا يزالون حتى الآن مجرد مقدمي خدمات تجذبهم ما تدره هذه التجارة من أرباح لكنهم لا يريدون ممارسة نشاط يحرمه الإسلام. وشارك مقاتلو تنظيم القاعدة المستقرون منذ نحو 15 سنة في منطقة تقع بين أقصى جنوبالجزائر وشمال مالي وشرق موريتانيا في كل نشاطات التهريب ولا سيما السجائر. وفتح لهم تهريب المخدرات ولا سيما الكوكايين القادم من أمريكا الجنوبية آفاق أرباح طائلة لكنه طرح عليهم معضلة. وأوضح قاض متخصص في الملف رفض كشف هويته في نواكشوط أنهم في الواقع منقسمون بشأن المخدرات. وأضاف القاضي: هناك من يعتبر أن المخدرات حرام ولا يتعاطونها وهناك من يحمون مهربيها ويحرسون قوافلهم ويتقاضون ضريبة مقابل حمايتهم ولا سيما أنها مخصصة لتسميم الشباب الغربي. وفي فبراير الماضي ضبط الجيش الموريتاني في شمال البلاد قافلة مخدرات كان يحرسها إسلاميون مسلحون. وأكد مصدر عسكري موريتاني لوكالة الأنباء الفرنسية أن ذلك يدل على تواطؤ مع المهربين. واعتبر دبلوماسي غربي في نواكشوط أن هناك نقاط تواصل ونوعاً من التنسيق بين القبائل ومجموعات المتمردين والمهربين والعصابات والإرهابيين الذين ينشطون تقريباً بكل حرية في تلك المناطق،إلا أنه اعتبر أن عناصر القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي المتورطين في تهريب المخدرات يمارسون ذلك بشكل فردي، مؤكداً أن بعضهم من عناصر القاعدة وينتمون في الوقت نفسه إلى شبكات إجرامية. ويقول الجنرال الأمريكي مايكل براون قائد عمليات مكافحة المخدرات سابقاً إن الشبكات الكولومبية أقامت علاقات أعمال مع القاعدة، مبيناً أنها تسلك طرق تهريب المخدرات التي يستعملها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي منذ زمن طويل لعبور شمال إفريقيا في اتجاه أوروبا. وتابع: إن الكولومبيين ماهرون جداً في هذا المجال، مشيراً إلى أنهم يقيمون نفس العلاقات التي أقاموها مع العصابات المكسيكية قبل 25 سنة، عندما توصلنا تقريباً إلى إغلاق الطريق نحو الكاريبي في وجههم. إنهم كانوا يعلمون أن المكسيكيين لديهم وسائل لدخول الولاياتالمتحدة منذ قرن... وإذا لم تتخذ تدابير للحيلولة دون ذلك، فإننا سنشهد قريباً في إفريقيا ما يجري في المكسيك. وفضلاً عن تمويل الإرهاب يثير النفوذ الذي تمنحه المخدرات ولا سيما الكوكايين في بلدان الساحل الفقيرة قلق الخبراء. واعتبر باحث في باريس متخصص في المنطقة طلب عدم كشف هويته أن عمليات التهريب تعود إلى قوافل الملح وإلى زمن غابر. لكنه أضاف أنه بالكوكايين تتغير المقاييس لأن الأموال التي تدرها هذه التجارة، طائلة وبإمكانها التسبب في الفساد وعلى غرار ما يجري في بعض دول إفريقيا السوداء، من المؤكد أن بعض الدول في المنطقة بدأ ينخرها الفساد في مستويات عالية جدا. وأفادت وكالة الأممالمتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة أنه يتم كل سنة تصدير ما بين 50 إلى 60 طناً من الكوكايين القادم من أمريكا الجنوبية وما بين 30 إلى 35 طناً من الهيروين الأفغاني القادم من شرق إفريقيا إلى أوروبا مروراً بغرب إفريقيا والساحل والصحراء.