بعد خمسة أيام ألغي فيها 63 ألف رحلة جوية في أوروبا في أسوأ حالة ارتباك يشهدها النقل الجوي منذ هجمات 11 سبتمبر عام 2001، بدأت سحابة الغبار البركاني تتبدد تدريجياً في أجواء القارة العجوز، حيث تقرر استئناف حركة الطيران بشكل جزئي في عدة دول بوسط القارة. وأعلنت ألمانيا وبولندا مساء اليوم إعادة فتح مجاليهما الجويين أمام رحلات تجريبية لطائرات فارغة. كما أعلنت شركات إيطالية وفرنسية أنها ستقوم بتسيير رحلات دون ركاب اليوم لتقييم الظروف. وقال وزير النقل البريطاني أندرو أدونيس إن وزراء النقل بالاتحاد الأوروبي سيدرسون نتائج الرحلات التجريبية يوم غد الإثنين وسوف يقررون مدى إمكانية إعادة فتح المجال الجوي الأوروبي على الرغم من الرماد الذي ينفثه بركان ثائر في آيسلندا. أما فرنسا فقد أعلنت أن مطارات باريس ستظلّ مغلقة حتى بعد غد الثلاثاء. كما أغلق الكثير من الدول مجالاتها الجوية حتى وقت متأخر من يومي الأحد والإثنين. لكن الرحلات تسير في جنوب أوروبا بما في ذلك إسبانياوجنوب البلقان وجنوب إيطاليا وبلغاريا واليونان وتركيا. وتوقعت هيئة مراقبة الطيران الأوروبية تسيير أربعة آلاف رحلة فقط في المجال الجوي الأوروبي اليوم مقارنة مع 24 ألفا في الظروف العادية. وقال خبراء في الأرصاد الجوية إن الحالة الحالية للرياح تعني أن من غير المرجح أن تنتقل السحابة إلى مكان أبعد حتى وقت لاحق من الأسبوع. ويبدد هذا نسبياً من المخاوف المتعلقة بزحف سحب الغبار البركاني إلى أجواء الشرق الأوسط، إذا اشتدت الرياح ودفعتها إلى جنوب إيطاليا واليونان وقبرص وجنوب تركيا وشمال سوريا. وأضافوا أن سحابة الرماد التي تتحرك في الغلاف الجوي العلوي قادمة من آيسلندا ربما تصبح أكثر تركيزاً في يومي الثلاثاء والأربعاء. وقالت هيئة أكيو ويذر للأرصاد الجوية ومقرها الولاياتالمتحدة إن الرماد موجود في منطقة تتسم بضعف تدفق الرياح ومن غير المرجح أن ينتقل إلى مكان أبعد يوم الإثنين. وأضافت أكيو ويذر "من المتوقع أن تصبح السحابة أكثر تركيزاً يومي الثلاثاء والأربعاء، مما يمثل خطراً أكبر على السفر الجوي. لكن من المتوقع أيضاً أن يتقلص نطاقها، مما سيؤثر على مساحة أقل". وأكد الدكتور صلاح محمد محمود، رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية في مصر، أن المنطقة العربية والشرق الأوسط، منطقة آمنة وبعيدة تماماً عن حزام البراكين في العالم. وأعلنت شركة طيران الإمارات المملوكة لحكومة دبي اليوم أنها تخسر عشرة ملايين دولار يومياً بما مجموعه 50 مليون دولار حتى الآن بسبب تعطل الرحلات الناجم عن الرماد الذي ينفثه بركان آيسلندا. وقالت الشركة في بيان إنها تخسر عائدات من 18 ألف مسافر يومياً مع استمرار إغلاق المجال الجوي في بريطانيا وأجزاء كبيرة من أوروبا، مضيفة أن نحو 30 طائرة لطيران الإمارات لا تستطيع الإقلاع وهو ما يعادل خمس أسطول الشركة. وقالت الشركة إن التعطيل أثر على أكثر من 80 ألف مسافر. وتوقع تيم كلارك رئيس الشركة في البيان أن يمر نحو 24 ساعة لكي تعود جداول الرحلات إلى طبيعتها فور السماح باستئناف تسيير الرحلات. وأوقفت الشركة رحلاتها إلى كل المحطات الأوروبية عدا موسكو وأثينا ولارناكا ومالطا وإسطنبول حتى 20 إبريل. وألغت شركة الخطوط الجوية "السعودية" عشر رحلات في أوروبا أمس. وأقامت مركزاً للطوارئ في مطار لندن لاستقبال المسافرين السعوديين وتلبية حاجاتهم. لكن الشركة قالت إنها تواجه مشكلة في إسكان المسافرين السعوديين في لندن بسبب امتلاء فنادقها بآلاف المسافرين الذين تقطّعت بهم السبل، خصوصاً مع وصول عدد الرحلات الملغاة في مطار لندن إلى 1500 رحلة. وأعلنت اللجنة التنفيذية للاتحاد الأوروبي اليوم أنها بصدد تشكيل مجموعة لتقييم الأثر الاقتصادي للرماد البركاني. وقال جوزيه مانويل باروزو رئيس المفوضية الأوروبية في بيان "غيمة الرماد البركاني خلقت وضعاً غير مسبوق. طلبت من سيم كالاس مفوض شؤون النقل بالاتحاد الأوروبي تنسيق استجابة المفوضية وإجراء تقييم شامل لأثر الوضع الناشئ عن غيمة الرماد البركاني على الاقتصاد ولاسيما في قطاع النقل الجوي. ومن المهم أن يجري تنسيق كل الإجراءات قيد البحث على المستوى الأوروبي". ومن المتوقع أن يتفاقم التأثير الاقتصادي لسحب الرماد البركاني. ومن بين المتضررين المحتملين الشركات الإفريقية التي تصدر الزهور والخضراوات جواً إلى المتاجر الكبيرة في أوروبا وشركات التكنولوجيا التي تعتمد على تسليم مكونات منتجاتها في أوقات معينة ومنظمو الحفلات. ويعاني الجيش الأمريكي والقوات الأطلسية من مشكلة كبرى؛ لأن إغلاق المجال الجوي الأوروبي يمنع نقل الجرحى من أفغانستان أو العراق إلى أوروبا للعلاج. وأعلن التلفزيون الحكومي في تركيا أمس أنه بسبب إغلاق المطارات في ألمانيا هبطت في إسطنبول اضطرارياً طائرة وزير الدفاع الألماني قادمة من أفغانستان مع خمسة من الجنود الجرحى على متنها.