في تصريحات خاصة لصحيفة "روزاليوسف" كشف رجل الأعمال المصري الهارب «حسين سالم» ما أسماه «خطايا قصة هيكل»، التي سردها الكاتب محمد حسنين هيكل عن ذكرى لقائه سالم على متن رحلة جوية أقلتهما إلى جنيف عام 1988. وعن قصة هيكل بشأن وصول حسين سالم بعد أيام من ثورة 25 يناير في مصر، يحمل على طائرته صناديق بها مبلغ 450 مليون يورو، قادماً من أوروبا، وأن الأموال كانت لا تزال بتغليف البنوك الأوروبية، قال سالم: إذا كانوا قد أوقفوني في دبي كما ذكر هيكل لأسباب أمنية فأي من سلطات الأمن أقوى الأوروبية التي خرجت أمامها بصناديق بها 450 مليون يورو سيولة جديدة حتى أمرُّ منهم بشكل عادي؟ أم أن أمن دبي أقوى حتى يمنع دخول استثمار 450 مليون يورو إلى دبي التي تُعَدّ منطقة تجارة حرة ومفتوحة أمام إدخال المليارات طالما أنك ستودعها في بنوك دبي؟ وقال: كتب هيكل يقول إنني تم إيقافي، وصودرت الأموال، وإنهم اتصلوا بنائب رئيس الجمهورية عمر سليمان، وهذا لم يحدث من قريب أو بعيد؛ حيث كان الاتصال الذي يتحدث عنه هيكل بينهم وبين عمر سليمان حول قرار الإمارات منح مبارك حق اللجوء السياسي إليهم؛ حيث كانت بين أولى الدول العربية التي قررت ذلك كطوق نجاة لأسرة مبارك كلها، وأن عمر سليمان شكرهم على مشاعرهم، وأكد لهم يومها أن الأمور تحت السيطرة، ولم يكن بين الحديث حسين سالم من قريب أو بعيد. وقال حسين سالم: كنت في دبي في مأمورية، كلفني بها مبارك والسيدة سوزان، ولم يوقفني أحد، بل على العكس حصلت على جميع التسهيلات، وإذا كان لدى هيكل اسم البنك الذي أودعت فيه الأموال فليخبرني به أو يطلب من أصدقائه في دبي أن يكشفوا حسين سالم ومبارك! أو أن يخرج السيد عمر سليمان ليحكي القصة الحقيقية مثلاً. وقال حسين سالم رداً على هيكل: هيكل يعلم عن مبارك ونظامه ملايين المعلومات، والعمر قد تقدم بنا جميعاً، وأريد أن أسأله "هل تخفي ما لديك لأنك ستورث المعلومات لأحد غيرك؟ أم أنك خائف من شيء لأن مبارك وأولاده قد انتهوا في مصر وموجودون جميعاً في السجن؟". وقال حسين سالم: أنا أتحدث للصحافة، ولا أحب الصحافة، لكنني الوحيد الذي يملك حرية الرد حالياً، ولو كان هيكل يملك معلومات قوية عني لكان نشرها في تلك الظروف السيئة التي يمر بها مبارك. وقال حسين سالم: قابلت هيكل على الطائرة في صيف عام 1988 كما حكى بشكل طبيعي للغاية، ولو كنت أعلم أنه على الطائرة لأخذت غيرها؛ فقد كان يكره حسني مبارك، وينظر إليه على أنه فلاح سقط من السماء على عرش مصر، وكان مبارك يعرف ذلك طيلة الوقت، وكان بينهما تعايش سلمي يتطور أحياناً إلى حد شعور هيكل بالخطر من مبارك، والأخير كان يسعده جعل هيكل يشعر بالتهديد طيلة الوقت حتى لا يفكر في الكتابة عن الرئيس أو عائلته، وقد نجح مبارك في ذلك طيلة 30 عاماً، ويرجع خوف هيكل من مبارك لعلمه أن مبارك "بلطجي"، ويصل لحد الهمجية في غضبه. ونفى حسين سالم صحة المعلومات التي ذكرها هيكل عن قضيته التي تحدث عنها في صدر حديثه عن شركة «إياتسكو» المصرية الأمريكية للنقل والخدمات، عندما كتب أن سالم حكمت عليه المحكمة الأمريكية بالمنع من الدخول لأمريكا، وقال: لا أعلم هل تعمد هيكل سرد معلومات بالخطأ «لينكشني» أم أنه يردد قصصاً مغلوطة عن القضية، وهنا القصد أو عدمه يتساويان. وأكد سالم أن قضية إياتسكو المصرية الأمريكية للنقل والخدمات تدخل فيها الرئيس الأمريكي رونالد ريجان بنفسه، وهي أول وآخر مرة يتدخل فيها رئيس أمريكي في أحكام القضاء الفيدرالي استناداً إلى المصلحة الأمريكية العليا ودواعي الأمن القومي، والقضية تمت تسويتها بصفقة قضائية، دفعنا فيها 24 ألف دولار أمريكي غرامة، سددتها أنا ومنير ثابت مناصفة، ولم يحكم فيها بمنعنا من دخول أمريكا، بدليل أنني ومنير ترددنا على أمريكا عشرات المرات، وكنا نستقبل مبارك في زياراته إلى واشنطن، وجوازات سفري مليئة بتأشيرات أمريكا، وأنا كنت أملك 3 جنسيات أخرى في هذا التوقيت، يعني حتى لو مُنعت مصرياً كنت سأدخلها بأية جنسية أخرى. وطلب سالم من هيكل أن يتحرى الدقة، ويظهر الحكم الذي منعه من دخول أمريكا. وفجَّر سالم مفاجأة من العيار الثقيل؛ حيث أكد أن الشراكة بينه وبين مبارك ومنير ثابت لا تزال قائمة، وأن الشركة المصرية الأمريكية للنقل والخدمات بدَّلت الاسم، وهي تعمل من يومها في نيويورك بشكل طبيعي وبعلم جميع الأجهزة الأمريكية. وكشف سالم أن مبارك على حد معلوماته الأكيدة: كان يعمل بشكل ملاصق منذ أن كان نائباً للرئيس السادات مع الأجهزة الأمريكية، خاصة المخابرات المركزية الأمريكية السي آي إيه. وقال: سبب مشاكل المجلس العسكري المصري الحالي أن المسألة تحولت لدى الأمريكيين لمرض نفسي، اسمه مبارك، يشبه فقد الطفل أمه التي كانت ترضعه. وبعد مبارك لا يوجد في مصر من يرضع البيت الأبيض والسي آي إيه، حتى طنطاوي لم يكن على وفاق معهم في أي وقت. وكشف سالم أن أمريكا طلبت 5 مرات من مبارك أيام حكمه أن يتخلص من طنطاوي، حتى أن مبارك سأل سالم مرة ماذا يمكنه أن يفعل، وقال: نصحته بالإبقاء على طنطاوي؛ لأنه مقاتل شرس. وقال سالم: إن طنطاوي جبل ثلج، يخفي تحته بركاناً، كان مبارك يخشى فورانه في الجيش. وأضاف: مبارك مرر موضوع أبو غزالة بمعجزة، وكاد الجيش ينفجر، وكان طنطاوي سيكون القشة لو كرر عملية التخلص من القادة الأقوياء بالجيش. ونفى سالم معلومات هيكل بشكل كبير، وقال: أمريكا طلبت مني الاستثمار في شرم الشيخ بعلم مبارك. وقال إن مبارك سعى لإقامة عاصمة أوروبية في مصر؛ ليعيش فيها عند شيخوخته، وكان يعتقد أن أبناءه سيحكمون مصر من بعده، كما رغب في تمليك الأجانب وحتى الإسرائيليين في شرم الشيخ؛ حتى يقفوا حائلاً بين أطماع إسرائيل فيها ونشوب حرب جديدة على أرض سيناء. واعترض حسين سالم بشدة على ما ذكره هيكل على لسانه حين كتب أن سالم قال له: «وهي كما تعلم شركة المخابرات وكان يقصد شركة النصر»، وقال: «لم أكشف لهيكل أو لغيره معلومة بمثل هذه السرية لو كانت حقيقية، وهيكل تحدث عن المخابرات وكأنها شركة عمر أفندي ولها فروع، ويجب أن يحاكم هيكل على معلومة كهذه من الجهات المعنية». وقال سالم: «توقعت أن يكتب عني الأستاذ هيكل أقوى من ذلك، وفوجئت به يتحدث عن النبيذ والأزياء، ويقوم بعمل إعلان لشركة بريوني، وهذا يؤكد أن هيكل لا يملك عني أية معلومات». وقال: «هل أنا كنت في نظره (الكاماريرا) بتاعة سوزان مبارك علشان أفحص لها هدايا أمراء الخليج قبل وصولها حتى لا تتكرر الهدايا؟». وقال: «في عام 1985 ساعدت مبارك الذي لا يعرف الفرنسية نهائياً في إيداع كل ما كان يملكه إلى هذا التاريخ، وكان مليارَيْ دولار أمريكي، قمنا بإيداعها في فرع بنك (يو بي إس) بزيورخ بسويسرا بنظام الشفرة والكود، فهل زوجة مبارك كانت في حاجة إلى هدايا الأمراء". وكشف حسين سالم مفاجأة عن علاقة سوزان ومبارك وقال: «مبارك كان عبداً للعمل، وكان لا يهمه نهائياً النساء، لكنه كان يغار على سوزان بشكل كبير، وأهم أسباب إقالة أبوغزالة هو تقارير الأمن عن قوته وعمولات السلاح التي حصلها من وراء ظهورنا في شركة الشحن". وقال حسين سالم: "للأسف هيكل طلعني سكير وأنا معروف للعامة وللخاصة وللأطباء بأنني لا أشرب؛ لأن كبدي تعبان من عشرات الأعوام، وكنت أتعالج عند أطباء مصريين كبار، ربما أترك لهم الرد على هيكل". وتساءل حسين سالم متعجباً، وفجَّر مفاجأة من العيار الثقيل؛ حيث قال: "هيكل بيقول إنه قابلني عام 1988، وأنا بقول ليه صيف عام 1988، وعاد في نهاية فصل كتابه يقول إنه تحدث معي في موضوع صفقة الغاز لإسرائيل". وقال: "كيف ذلك وموضوع الغاز لم يكن قد ظهر بعد؟.. يعني تحدثت معه عن حاجة لم أكن على علم بها بعد، وكانت ستأتي في المستقبل؟". وقال حسين سالم: "هو ذكر أننا كنا في عام 1988 وعايز منكم الرجوع للمصادر الرسمية؛ لأننا وقعنا عقد مشروع مصفاة البترول (ميدور) مع الإسرائيليين في يوليو عام 1994، وكان المشروع الأول والعلاقة الأولى بيني وبين رجل الأعمال الإسرائيلي (يوس يمايمان)، وكان الموضوع بترول وتكرير بترول والدنيا كلها عارفة كده".. وقال: "يعنى أنا اتكلمت مع هيكل حتى قبل ميدور ب6 أعوام". وأكد حسين سالم أن فكرة مشروع صفقة الغاز من بنات أفكار (شيمعون بيرس)، على حد تعبيره، وقال: كان بيرس يبحث عن زعامة في إسرائيل بداية من عام 2000، وكان آخر عام بالنسبة للسفير الراحل محمد بسيوني في إسرائيل؛ حيث سحبه مبارك من تل أبيب عقب أحداث الانتفاضة الثانية، وقبل سفره عرض عليه بيرس الفكرة، وهو أول مصري علم بها، وكان بيرس قد فتح الموضوع في خلال زيارة خاصة له إلى مبارك في مصر، ولم يهتم مبارك. لكن بسيوني جاء إلى مصر، وقابل الدكتور أسامة الباز، الذي كان يعمل مستشاراً سياسياً لمبارك، وبسيوني طلب من الباز لقاء مبارك لعرض المشروع، فأعجب الباز بالفكرة، وتبناها مع بسيوني، ثم حددا لي الدور المطلوب مني، وأسامة الباز تفاوض أولاً كما كان يفعل دائماً. وكشف حسين سالم أن الدكتور أسامة الباز كان بين أول مصريين سافروا إلى إسرائيل عقب حرب أكتوبر، وتحديداً في أوائل نوفمبر 1977، وقد سافر سراً من قبرص مع الدكتور بطرس بطرس غالي؛ حتى يعدَّا لبروتوكول أول زيارة للرئيس الراحل أنور السادات في 19 نوفمبر 1977؛ ولذلك كان لديه علاقات جيدة للغاية مع الإسرائيليين طيلة الوقت؛ ما مكنه من المساعدة والإسهام في توقيع صفقة الغاز. وطلب حسين سالم من هيكل أن يرسل إلى أصدقائه في الخارجية المصرية؛ كي يستخرجوا له نسخة من القضية رقم 64238 المسجلة بمحكمة تل أبيب بتاريخ 11 سبتمبر 2011؛ لأنه سوف يجد فيها دعوى في البند رقم 60 و61، منها قصة أسامة الباز ومحمد بسيوني في صفقة الغاز بشكل كامل وموثق، وهي قضية رفعها المدير العام الأسبق لدى مجموعة رجل الأعمال الإسرائيلي يوسي مايمان، ويدعى «نمرود نوفيك» على مايمان. وذكر حسين سالم أن عقد توريد الغاز تاريخياً موقَّع بين القاهرة وتل أبيب في 30 يونيو 2005؛ فكيف تحدث فيه مع هيكل في عام 1988، ولم تكن حتى أبسط مطالب البنية التحتية في سيناء قد اكتملت بعد؟