قالت المعارضة السورية إن أكثر من 200 شخص قُتلوا في حمص خلال ساعات الليل بعد تعرُّض أحياء المدينة لقصف عشوائي من مراكز الجيش السوري، في حصيلة هي الأكثر دموية ليوم واحد منذ بدء التحركات المطالبة بتغيير النظام، بينما نفت وسائل الإعلام الرسمية في دمشق هذه المعلومات، وقالت إنها محاولة للتأثير في قرار مجلس الأمن الذي يجتمع بعد ساعات لمناقشة الملف السوري. ومن المقرر أن يجتمع مجلس الأمن عند العاشرة صباحاً بتوقيت نيويورك لبحث مشروع القرار الذي يطالب الحكومة السورية بوقف العنف فوراً، دون أن تتضح وجهة التصويت الذي ستعتمده روسيا، الحليف الأبرز لدمشق، والتي تعرقل منذ فترة طويلة صدور أي إدانة دولية بحق نظامها.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن حصيلة القتلى في حمص تجاوز 217 قتيلاً، بينهم نساء وأطفال، ووصف المرصد ما يجري في المدينة بأنه "مجزرة".
ونقلت شبكة CNN عن ناشط سوري قوله إن القصف يتم بقذائف الهاون ومدافع الدبابات من طراز تي 72، مضيفاً أن الأبنية تتساقط فوق الناس وهناك قتلى بين الأطفال والنساء.
وأضاف: "لا يمكننا الوصول إلى المرافق الطبية، وسيارات الإسعاف تتعرض للقصف، هناك قتلى في المنازل وأصوات المآذن تستغيث وتطلب المساعدة من الله؛ لأن الجامعة العربية لا تفعل شيئاً ومجلس الأمن كذلك، وبينما يقضون الوقت في نقاشاتهم الصغيرة فإن الناس هنا يموتون".
وتابع قائلاً: "هؤلاء ليسوا حيوانات، هم بشر.. هذه ليست لعبة، الأمر حقيقي ويجري على الأرض".
ولدى سؤاله عن مدى خوفه من ردة الفعل الأمنية التي قد يتعرّض لها نتيجة إظهار وجهه على الشاشة قال داني: "إذا أراد النظام قتلي فلا بأس بذلك لأن الناس تموت في الشارع الآن وهناك من يحاول سحب الجثث وهذه هي الشجاعة الحقيقية".
وأكد الناشط أن سكان حمص يحاولون نقل الجرحى من منطقة الخالدية، التي تتعرّض للقصف، باتجاه حي بابا عمرو الخاضع لسيطرة "الجيش الحر"، المنشق عن النظام، مضيفاً أن عناصر هذا الجيش لا يمكنها التعامل مع قوات الجيش السوري الموالي للحكومة، التي تمتلك الدبابات والمدافع. وبحسب داني، فإن القصف بدأ عندما انشق عدد من عناصر حاجز عسكري في حمص، وكانوا قرابة 50 أو 60 عنصراً، مضيفاً أن القنابل بدأت تتساقط عندما نزل الناس إلى الشوارع لتحية المنشقين، وختم بالقول: "الشعب السوري لن يتوقف حتى لو قتل منا مليون شخص، ولكن سنتذكر أن العالم وقف ولم يفعل شيئاً".
من جانبها، قالت وكالة الأنباء السورية الرسمية نقلاً عن مصدر إعلامي لم تكشف هويته نفيه ما تناقلته بعض القنوات الفضائية عن قصف الجيش لأحياء في حمص، معتبراً أن هذه الأنباء "تأتي في إطار التصعيد من قبل المجموعات المسلحة ومجلس إسطنبول (المجلس الوطني السوري) ومنابرهم الإعلامية لاستغلالها في مجلس الأمن ضد سوريا".
وعن صور الجثث التي تناقلتها وسائل الإعلام، قال المصدر إنها تعود "لمواطنين اختطفتهم المجموعات الإرهابية المسلحة وقتلتهم وصورتهم على أنهم جثث لضحايا القصف المزعوم"، متهماً وسائل الإعلام بأنها "تشن حملة هيستيرية للتجييش والتأجيج لسفك مزيد من الدماء السورية للتأثير في مواقف بعض الدول في مجلس الأمن".
وبحسب المصدر فإن هناك "حملة فبركة وتحريض وتأجيج من قبل بعض القنوات تنتقل إلى مناطق بريف دمشق وعدد من محافظات سورية أخرى في محاولة للتأثير في مجلس الأمن والتغطية على جرائم واعتداءات المجموعات الإرهابية المسلحة"، التي تتهمها دمشق بالوقوف خلف الأحداث الجارية بالبلاد.
من جهته، أصدر المجلس الوطني السوري الذي يمثل الإطار الرئيس للمعارضة بياناً قال فيه إن النظام السوري "ارتكب اليوم أبشع جرائمه على الإطلاق منذ بدأت ثورة الكرامة حيث قام اليوم بقصف عشوائي على الأحياء المدنية في حمص حي الخالدية والقصور".
وقال البيان إن أعداد القتلى تجاوزت 220 شخصاً "حيث تم قصف المباني والبيوت بشكل مكثف وعشوائي"، مضيفاً أن مناطق جسر الشغور وريف دمشق والغوطة الشرقية تتعرض لحملة أمنية مماثلة.
وحض المجلس دول العالم على الخروج عمّا وصفه ب "الصمت المخجل والتحرُّك من أجل إيقاف النزيف السوري الذي بات من المستحيل تحمله أكثر"، كما طالب الروس ب "الابتعاد عن موقفهم المتعنت والمخزي أمام مجازر النظام ونطالبهم بإدانة النظام بشكل واضح وتحمل مسؤولياتهم من أجل إيقاف المذابح في سوريا والانتقال بشعبها نحو نظام ديمقراطي يضمن الحرية والكرامة".
ودعا المجلس الشعب السوري إلى "التوجه الآن إلى الساحات العامة لإعلان اعتصام مفتوح.. نصرة لأهلنا في حمص"، وطالب المغتربين السوريين بالتوجه العاجل لاعتصام أمام السفارات والقنصليات.