عوامل عدة عزلت الإنسان في مركز جمعة ربيعة بمنطقة عسير؛ ما جعله مغيباً عن العالم المحيط به، وحدا به للخروج من سراديب صمته لعلمه بحرص ولاة الأمر على رفاهيته ووصول صوته؛ لأنه يعيش على ثرى هذا الوطن الغالي. "سبق" واصلت الجولة في الحلقة الثانية بالقرب من مبنى مركز جمعة ربيعة، أو ما يسمى "المنطقة المركزية"، حيث تحيط بها المدارس ذات المباني المستأجرة والمركز الصحي الوحيد، وكأنها في حالة حجر صحي "ممنوع الاقتراب منها". وتنال معظم القرى التابعة للمركز نصيبها من الخدمات بواسطة المراكز المجاورة، فيما يتطلع الأهالي في الجزء الشرقي لاعتماد مركز شرق ربيعة، كما هو معمول به في مركزي شرق وغرب ثربان القريبين منهما؛ ما سهل وجود حل جذري للتوزيع العادل لتغطية المركز والقرى والقبائل.
المخاوف الأمنية والتهريب: يعتبر الطريق الذي يربط مركز جمعة ربيعة بمحافظة محايل عسير الممتد من مركز حميد العلايا جنوباً، ويخترق قرية المروة وسطا، وصولاً لمركز جمعة ربيعة؛ طريقاً مستهدفاً من قبل المهربين، وكذلك الطريق الرابط بين قرن مخلد شرقاً وصولاً إلى مركز جمعة ربيعة؛ بسبب ما يتميز به من أودية وشعاب ومفارق للطرق وصعوبة المسالك. وتتم شهرياً، إن لم تكن أسبوعياً، مطاردات أمنية خلال هذه المنطقة، كما تُعد مكان تجمع ومرور الوافدين غير النظاميين "المتسللين". وبات المواطنون متضجرين ولا يبرحون منازلهم إلا للحاجات الضرورية، وناشدوا بافتتاح مركز أو مخفر على الأقل للشرطة شرق ربيعة؛ للحد من هذه المخاوف. يقول المواطن إبراهيم علي الربعي: "بمجرد أن نرى الدورية الأمنية الزائرة ندرك أن هناك خطورة تحدق بنا، لكن ما إن يقبض على المتسللين أو المهربين أو غير النظاميين، حتى تعود أدراجها خالية من أي تواجد أمني لمدة قد تزيد أو تنقص عن الأسبوع، حتى رؤيتها مجدداً." وأضاف: "أما العمالة غير النظامية "المجهولون"، فصرنا نخشى على أنفسنا وعلى أولادنا ومنازلنا من التجمعات التي لا تبالي لا بحرمة المنازل، ولا احترام المواطن، فتجدهم حتى في المناسبات الاجتماعية، مثل احتفالات الزواج والأعياد، فهم أول المدعوين."
الإسكان الشعبي والحلم: وحرص ولاة الأمر - حفظهم الله - من خلال توجيهاتهم وتفقدهم لأحوال المواطنين، على إنشاء برامج للإسكان التنموي والشعبي لتصل كل هجرة وقرية في مملكتنا الحبيبة بها حالات من الفقراء والمساكين، ويتطلع الكثير هنا بجمعة ربيعة إلى أن تصلهم يد العطاء في هذا المركز. وقال مواطن: "علمنا بأخبار عن اقتطاع أراض من المخطط المجاور لمقبرة قرية قفيلة لإسكان الأهالي، لكن يبدو أنه تلاشى وأصبح مجرد حلم."! أما المواطن مفرح علي الربعي فقال: "برامج الإسكان تعتبر مركز إشعاع حضاري في حياة الهجر والقرى؛ فهي بيئة مجتمعية متكاملة نحلم بأن تتحقق."
الأحوال المدنية والمعاناة الدائمة: يتبع مركز جمعة ربيعة إدارياً لمحافظة المجاردة، وبالتالي فهم يراجعون الضمان الاجتماعي بمحافظة المجاردة، ويعانون من اعتماد سياسة ضمان المجاردة القائمة على حالة المواطن الصحية فقط وعمره، فلا ينظرون في بيئته ولا أنه شخص أُميّ وغير مؤهل؛ نتيجة ظروف نقص الخدمات والتعليم، ولا يعيرون اهتماماً للأمراض المناطقية والبيئية، ومنها وأهمها العزلة والأمراض النفسية. كما لا ينتقل مندوب الضمان للعجزة والمحتاجين، بل يطالبهم بالحضور والانتظار المتكرر، وطالب الأهالي الضمان الاجتماعي بتخصيص مندوب لدراسة أوضاع المحتاجين منهم. وأشار موسى علي الربعي إلى حرمانهم من الحجج الشرعية، مبيناً أنهم يتبعون محكمة بارق في استخراج إثبات الملكيات لمنازلهم السكنية، وقال: "بارق مدينة متطورة ونظام المناطق الحضرية يختلف عن نظام القرى والهجر وبلدية، ومحكمة بارق يطبقون علينا تصنيف المدن، ويحرموننا من الحجج الشرعية، ونعيش في دوامة مستمرة: لا تعويض إلا بحجة شرعية، ولا كهرباء إلا بحجة شرعية، ولا حجة إلا بنطاق عمراني، ولا نطاق عمراني في قرية." وأضاف: "أرضنا جزء من هذا الوطن الغالي معروفة بقدمها، وهي ملكيات خاصة وصغيرة يسكن في البيت الواحد أسر بأكملها. نناشد بفتح الصكوك الشرعية لنا، ولو بوضع إنساني. وما يزيد الأمر سوءاً وضراوة أن تنفيذ مشروع الطريق أتى على الأراضي الخاصة بنا، ولا أحد نظر في وضعنا دون حجج."
هوايات ومواهب تنتظر الدعم قبل أن تحتضر: وقال مرعي محمد الربعي: "ملاعب الشباب بجهود شخصية وتعاونية من أعمدة وإنارة وردم، ونحاول في ختام كل دورة رياضية استضافة مسؤول من المحافظة أو المركز، لكن لا أحد يعيرنا اهتمامه." واتفق كل من محمد حسن جابر وأحمد مريف الربعي على أن الشباب والفتيات في المركز بحاجة لالتفاتة، طالباً باعتماد لجنة تنمية اجتماعية محلية ترعى الشباب والفتيات بالمركز، وتتولى تثقيفهم ورعايتهم وتنمية مواهبهم وهواياتهم، مشيرين إلى أنهم جزء لا يتجزأ من الوطن الغالي.