بدأت الدوريات الأمنية والمرورية والجهات المساندة، تنفيذ خطة تفويج الحجيج إلى عرفات، وشهدت الطرق المؤدية إلى عرفة قوافل الحجيج بعد صلاة فجر اليوم، وهي متجهة صوب عرفة، ملبين ومكبرين يدعون الله أن يتقبل منهم حجهم، وتبذل الدوريات المرورية جهوداً مكثفة لتمكين جميع الحجاج من الوصول إلى عرفة، وحرص الآلاف من الحجاج على الصعود على جبل الرحمة، فيما توافد الآلاف إلى مسجد نمرة لسماع خطبة عرفة التي يلقيها سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، ويؤدون صلاتي الظهر والعصر جمعاً وقصراً، جموع الحجيج جاؤوا من كل حدب وصوب على صعيد واحد في مكان واحد وزمان واحد وبلباس واحد، لا فرق بين عربي ولا عجمي إلا بالتقوى، اشرأبت أعناقهم وتوحدت قلوبهم في مشهد عظيم ملبين لله تعالى، وارتفعت أياديهم بالتضرع إلى الله طلباً للمغفرة والرحمة، ثم يصلون الظهر والعصر قصراً وجمعاً بأذان واحد وإقامتين، ويدعون بما تيسر لهم تأسياً بسنة خير البشر، محمد عليه الصلاة والسلام. وعرفة أو عرفات، مسمى واحد عند أكثر أهل العلم لمشعر يعد الوحيد من مشاعر الحج الذي يقع خارج الحرم, وهو عبارة عن سهل منبسط به جبل عرفات المسمى بجبل الرحمة، يصل طوله إلى 300 متر وبوسطه شاخص طوله 7 أمتار، فيما يحيط بعرفات قوس من الجبال، ووتره وادي عرنة، ويقع على الطريق بين مكة والطائف شرقي مكةالمكرمة بنحو 22 كيلومتراً، وعلى بعد 10 كيلومترات من مشعر منى، و 6 كيلومترات من المزدلفة بمساحة تقدر ب 10.4 كيلومترات مربعة، وليس في عرفة سكان أو عمران إلا أيام الحج، غير بعض المنشآت الحكومية. وبعرفة جبلها المشهور، وهو أكمة صغيرة شبيهة بالبرث يصعد عليها بعض الحجاج يوم الوقوف، وليس الوقوف علي الجبل خاصة من واجبات الحج، لقوله صلى الله عليه وسلم: وقفت هاهنا بعرفة وعرفة كلها موقف. وليوم عرفة فضل عظيم، إذ ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن يوم عرفة هو أفضل يوم عند الله، وذلك في الحديث الذي رواه جابر رضي الله عنه عن حبيب الله محمد صلى الله عليه وسلم: ما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة، ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا فيباهي بأهل الأرض أهل السماء، فيقول: انظروا إلى عبادي جاؤوني شعثاً غبراً ضاحين، جاؤوا من كل فج عميق يرجون رحمتي ولم يروا عذابي، فلم يُر يوم أكثر عتقاً من النار من يوم عرفة. وبعرفة نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً". وعندما يقف الحجيج في عرفات يكون أمامهم مسجد نمرة، بفتح النون وكسر الميم وسكونها. فنمرة هو جبل نزل به النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة في خيمة، ثم خطب في وادي عرنة بعد زوال الشمس، وصلى الظهر والعصر قصراً وجمعاً "جمع تقديم"، وبعد غروب الشمس تحرك منها إلى مزدلفة. ثم في أول عهد الخلافة العباسية في منتصف القرن الثاني الهجري بُني مسجد في موضع خطبة الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، يُعرف الآن بمسجد نمرة.. وتوالت بعدها توسعاته على مر التاريخ وصولاً للوقت الحالي، فأصبحت مساحته 124 ألف متر مربع. مؤلف من طابقين مجهزين بنظام للتبريد والمرافق الصحية، حيث يتسع لأكثر من 300 ألف من المصلين.