خرجت وعلة القحطاني من سجن أبها العام بعد أن قضت 4 سنوات من عمرها خلف الأسوار بعد اتهامها بقتل ابن أخيها ب"التآمر" مع ابنها محمد (22 عاماً) الذي حُكِم عليه بالقصاص، إلا أن وعلة البالغة من العمر (70 عاماً)، التي دخلت السجن في مطلع العام 1429ه تاركة وراءها 8 بنات وولداً، كان يحدوها الأمل بالإفراج عنها وعن ابنها "محمد" المتهم بقتل ابن خاله في محافظة طريب، إحدى محافظات منطقة عسير. وقد خرجت وعلة – وهي مطلَّقة - من السجن، على أمل أن يتم العفو عن ابنها محمد، ولكنها واجهت كارثة أخرى تمثلت في موت ابنها سعيد في حادث سير، بينما تحدَّد القصاص من ابنها محمد بعد أسبوع من وفاة سعيد. وقالت وعلة التي روت مأساتها ل"سبق" والحشرجة تملأ صوتها: "غادرتُ سجن أبها وسعادتي بالحرية ممزوجة بالألم، ولا معنى للحياة دون ابنَيّ". وأضافت "عزائي بعد الله في بناتي اللاتي فرحن بخروجي، وفي أهل الخير الذين أتوسم أن يساعدوني بتوفير مسكن لي في أبها أعيش فيه، وأن يعينوني على إعالة نفسي". ووجهت وعلة نداء لأهل الخير لمساعدتها في العيش بحياة كريمة. مطالبة لجنة السجناء والمُفرَج عنهم وجمعية الجنوب الخيرية النسائية بمساعدتها في توفير السكن ومتطلبات الحياة. من جهتها قالت ابنتها أم علي: "لقد فرحنا بعودة أمي إلينا، وكنا نرجو من الله أن يتحقق أملنا بالعفو عن أخينا محمد؛ فقد حرمتنا هذه القضية من والدتنا ومن شقيقنا، وأصبحت العائلة مشتتة، وتفرق الشمل". وأوضحت أن مفاوضات جرت في السابق على دفع دية بقيمة مليونَيْ ريال، لكن هذه المفاوضات لم تُفضِ إلى أي اتفاق "وكنا نتمنى أن نجد من يقف معنا؛ فنحن 8 بنات، أصغرنا (18 سنة). إننا لا نجد سبيلاً غير الصبر والرضا بما قَسَمَ الله". من جهتها بيَّنت مديرة القسم النسائي بسجن أبها العام نايلة عسيري أن الأقدار شاءت أن تدخل وعلة سجن أبها، وقد التزمت وحفظت كتاب الله وواظبت على صلاتها وعباداتها، وكانت صابرة محتسبة رغم ما أصابها. مشيرة إلى أن الأخصائيات النفسيات في السجن وقفن بجوارها في محنتها وساعدنها على تخطي آلامها. وأشارت عسيري إلى أن القسم النسائي في سجون عسير يتفاعل مع أوضاع السجينات، ويقدم لهن المساعدة من خلال برامج الإصلاح والتأهيل والمحاضرات الدينية والاجتماعية والطبية والاجتماعية، كما يقدم الدعم النفسي للسجينة؛ لتتجاوز المحنة. وقد كانت وعلة في كل حالاتها حافظة لكتاب الله محتسبة لأجر الصبر، كما يقف القسم مع السجينة حتى بعد خروجها من السجن؛ للاطمئنان على أحوالها. من جهته بيَّن المدير التنفيذي للجنة أُسَر السجناء والمفرج عنهم بمنطقة عسير "تراحم" يوسف الزامل أن اللجنة ستتواصل مع السجينة خارج السجن، وستُكمل مشوار مساعدتها، وذلك بعد أن تم الوقوف معها وعرض قضيتها على القاضي وشرح ملابسات القضية، كما تم عرض وضعها على أمير منطقة عسير الأمير فيصل بن خالد بخطاب رسمي، وبعد متابعة أوضاع القضية تم الأمر بإطلاقها، ولأسباب مختلفة لن تتمكن من العودة إلى بيتها. وأكد الزامل وقوف اللجنة معها واستمرارية عملها على مساندتها؛ للحصول على الحياة الكريمة، كما أن اللجنة النسائية في لجنة أُسَر السجناء قد ساهمت في تخفيف صدمة وفاة ولدَيْها والوقوف بجوارها؛ لتتجاوز هذه المحنة. مؤكدا أن اللجنة لن تتواني في أن تقدم لها الدعم والمساندة. من جهتها أوضحت الأمينة العامة لجمعية الجنوب الخيرية مني البريك أن الجمعية لم تتوانَ يوماً في الوقوف إلى جانب المرأة في منطقة عسير بحالاتها كافة، سواء من ناحية العمل أو الدعم أو فتح مجالات الحياة أمامها أو التدريب أو التثقيف في مختلف المجالات أو توفير فرص العمل. وأشارت البريك إلى أن الجمعية تتطلع أيضاً إلى دعم أهل الخير؛ لتتمكن من القيام برسالتها تجاه الأُسَر المستفيدة من الدعم. وقالت إننا نعرف بوضع وعلة، وقد قمنا بزيارتها في السجن، وسنعمل على توفير المأوى لها وتأمين موارد الحياة والمأكل والمشرب بالتعاون مع أهل الخير، وسندعم وعلة التي لا تستطيع العودة إلى القرية التي عاشت فيها وتركت كل ذكرياتها المؤلمة هناك. وأكدت البريك أن الجمعية ستبذل قصارى جهدها لدعم وعلة، وأن باب الجمعية مفتوح لدعم أهل الخير؛ للمساهمة مع الجمعية في دعم هذه البرامج الخيرية والإنسانية.