لا تزال أصداء المؤامرة الإيرانية في واشنطن وحادث العوامية في القطيف يلقيان بظلالهما على أعمدة الرأي، حيث اعتبر الداعية والأكاديمي خالد الشايع، أن ما حدث في العوامية "خيانة عظمى"، فيما يرفض كاتب استخدام النفط ضد إيران، كما يرفض التورط في حرب بين السنة والشيعة، أو بين السعودية وإيران. "خالد الشايع": ما حدث في العوامية "خيانة عظمى" قدم الداعية والأكاديمي خالد الشايع، في صحيفة " الحياة" قراءة في الدلالات الضمنية في بيان وزارة الداخلية حول أحداث بلدة العوامية بمحافظة القطيف، مؤكداً أن البيان هو أدق وصف للواقعة، وينبغي اعتماده لمن أراد تناولها، إذ استخدم البيان المنطق الأبوي مع المغرر بهم، كما أن البيان شخص الداء ووصف الدواء، منطلقاً من الشرع، محذراً من أن ما حدث يعد جريمة "خيانة عظمى"، واشتمل البيان على رسائل ومضامين مهمة جداً، منها: - استخدم البيان المنطق الأبوي، إذ الحكومة بمقام الوالد لجميع المواطنين، والأصل في الأبوة الحلم والعطف والحنان، وهذا هو ما يفسر حرص القادة الأمنيين على ألا يسقط أحدٌ من المغرر بهم والإجراء لدى مواجهتهم، على الرغم من التمادي الذي حصل منهم في التخريب والإحراق وإطلاق النار وصنع ورمي قنابل المولوتوف. وهذا من الحكمة والثبات والشجاعة، لكن الأب لن يتردد في الإجراء الحازم مع أيٍّ من أولاده إذا أخل أحدٌ منهم بنظام البيت. - بادر بيان وزارة الداخلية إلى تشخيص الداء ووصف الدواء، وبين أيضاً عواقب هذا المرض العضال وما سيؤول بأصحابه من تورم غير حميد، بل هو خبيث بغيض. فالداء هو: أن تلك المجموعة من مثيري الفتنة والشقاق وبإيعاز من دولة أجنبية تسعى للمساس بأمن الوطن واستقراره قد أسلموا إرادتهم لتعليمات وأوامر الجهات الأجنبية الساعية للإخلال بأمن الوطن واستقراره. هذا هو الداء الذي حمل تلك المجموعة على ما قامت به بغض النظر عن الدوافع المادية أو الأيديولوجية أو غيرها، ولكنها بحسب قوانين الدول كافة "خيانة عظمى".. والمتتبع لسياسة وزارة الداخلية في القضايا الأمنية، خصوصاً التي تتورط فيها جهات خارجية وعلى مدى نحو 36 عاماً أنها تقوم بجمع الأدلة والبيانات الدامغة، وتظهرها وقت الإدانة ملجمة لأي مكابر، كما أن نظرة عابرة على مواقع الإنترنت بأنواعها توضح قرائن تصل إلى حدِّ عرض المخطط وتفاصيله بين الأطراف التي جمعتها دائرة الخيانة. وينبغي ألا يغيب عن الذهن أن الخيانة العظمى جريمة تستوجب المحاكمة في جميع دساتير الدول، وتكون العقوبة بسببها شديدة قد تصل إلى الإعدام. ومن هنا جاء تشخيص الداء والعلاج البين والواضح في بيان وزارة الداخلية، إذ قال البيان: "وعلى هؤلاء أن يحددوا بشكل واضح: إما ولاءهم لله ثم لوطنهم؛ أو ولاءهم لتلك الدولة ومرجعيتها". - انطلق البيان من القاعدة الشرعية المصرح بها في القرآن الكريم في قول الله سبحانه: "وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى"، الأنعام/164. وقوله تعالى: "مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى"، الإسراء/15؛ ولذلك توجه البيان بالثناء على ما يؤكده وجهاء القطيف من الولاء للمملكة العربية السعودية التي يتفيؤون خيراتها ولولاة الأمر فيها، وأنهم أمام الدولة لا يتحملون خطيئة شرذمة انشقت عليهم وخالفتهم. إلا أن هذا مشروط بالحقائق على أرض الواقع، والتي أفصح عنها البيان وحددها بأن تكون لهم المبادرات العلنية والواضحة في استنكار جرائم أبنائهم والتبرؤ منها جملة وتفصيلاً، وعدم قبول التبريرات بعبارات تحتمل المعاني المتعددة. - أكد بيان الداخلية حقيقة لا مساومة فيها، وهي أن هذا الوطن العزيز الذي مرَّ توحيده وإقامة كيانه بألوان من التضحيات الجليلة تحت قيادة الملك المؤسس الإمام عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله، إذ بذلت فيها المهج والأرواح من عامة قبائل المملكة مسترخصةً في سبيل وطن ترفرف عليه راية التوحيد "لا إله إلا الله محمد رسول الله". وإن أبناء الوطن الغالي اليوم ومن كل القبائل والمناطق، من جنوبه إلى شماله ومن غربه إلى شرقه على أتم الاستعداد لبذل أرواحهم تحت قيادة ولاة الأمر الميامين؛ للحفاظ على أمن واستقرار كل شبر من الوطن العزيز. - أوضح بيان الداخلية أن هذه المجموعة المجرمة قد استخدمت في مواجهة قوات الأمن أسلحة رشاشة وقنابل المولوتوف، وهذا له دلالات عديدة، فهو إذاً تهريبٌ وتخزينٌ للأسلحة، ومعه الاستعداد والتجهيز والتدريب، ولكن لمن؟ وضد من؟ في وطن ينعم أهله بأجهزة أمنية متعددة تسهر على الأمن في طول البلاد وعرضها؟ جواب هذا أتركه لمن أصفهم ويصفهم البيان، ب«ذويهم من العقلاء ممن لا نشك في ولائهم» إجابةً منهم مباشرة لا تحتمل أنصاف الحلول ولا متلوِّن الألفاظ. ويعلق الكاتب بقوله "واضح أن تأكيد بيان الداخلية أن الحفاظ على الأمن والاستقرار خط أحمر لا يجوز الاقتراب منه فضلاً عن تجاوزه، هو عمل بالقاعدة التي نص عليها الخليفة الراشد أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه، إذ قال: إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، وجاءت تجلية هذه الحقيقة لهؤلاء المغرر بهم ولمن وراءهم في بيان وزارة الداخلية وأنها: "لن تقبل إطلاقاً المساس بأمن البلاد والمواطن واستقراره، وأنها ستتعامل مع أي أجير أو مغرر به بالقوة، وستضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه القيام بذلك""، ثم يتوجه الكاتب بالنصيحة والتحذير، قائلاً: "أذكِّر هؤلاء المخدوعين ومن غرَّر بهم أن الأمن والاستقرار في المملكة العربية السعودية مسألة لا مساومة فيها ولا تساهل ألبتة، فأمن كل شبر من المملكة العربية السعودية واستقراره متلازم مع أمن الحرمين الشريفين؛ وهذا ما يجعل الشعوب الإسلامية في أرجاء الأرض في خندق واحد مع الحكومة السعودية من أجل كبت وقمع أي أحد يريد الإخلال بأمن واستقرار أي جزء من المملكة، سواء بأيدي أُجَراء من الداخل أو مجرمين من الخارج، وليس ذلك لقصور في الإدارة الأمنية والضبط العسكري السعودي، كلا؛ إذ كل ذلك تام ومتطور بفضل الله، ولكنها المشاعر الإيمانية والوجدانية لمليار وأربع مئة مليون مسلم تناسى عددهم من أزَّه الشيطان للعبث بأمن بلاد الحرمين". "صلاح الدين خاشقجي": لن نستخدم النفط ضد إيران رغم تأكيده ضرورة الرد على المؤامرة الإيرانية، لاغتيال السفير السعودي بواشنطن عادل الجبير، فإن الكاتب الصحفي صلاح الدين خاشقجي، يرفض، في صحيفة "الوطن" اقتراحاً لوسائل الإعلام الأمريكية، باستخدام سلاح النفط ضد إيران، كما يرفض أن تجرنا الولاياتالمتحدة إلى حرب بين السنة والشيعة، ففي مقاله "لهذا لن نستخدم سلاح النفط ضد إيران"، يقول الكاتب: "ما قامت به إيران من تخطيط لاغتيال السفير السعودي في أمريكا خطيئة لا تغفر، والرد عليه ضروري، وبحسب إذاعة "إن بي آر" الأمريكية، فإن حكومة الولاياتالمتحدة بصدد فرض المزيد من العقوبات على إيران وستتجه إلى مجلس الأمن لتدويل هذه العقوبات. ولكنها أضافت أن السعودية تعتزم الرد على إيران بطريقتها الخاصة. الإذاعة الأمريكية تكهنت بأن هذه الطريقة هي: باستخدام السعودية لطاقتها الإنتاجية الفائضة من النفط لدفع أسعار النفط نزولاً. فالاقتصاد الإيراني ينتج بكامل طاقته في الوقت الحالي، وهو في أمس الحاجة إلى العوائد النفطية. أما السعودية فبإمكانها تحمل نزول الأسعار بالعوائد المحققة من الإنتاج الإضافي" بحسب رأي الإذاعة المستقلة!"، ويعلق الكاتب على ذلك بقوله: "حتى وإن بدا أن السعودية قادرة على استخدام النفط كرد، فإن هذا لا يلغي البعد الاقتصادي الباهظ التكلفة. صحيح أن زبائن إيران والسعودية النفطيين هم الآسيويون، فالإذاعة تضيف: إن بإمكان السعودية مزاحمة إيران في أسواقها على الرغم من أن الكمية اللازمة للتأثير على سعر النفط كبيرة جداً. وبالتالي فإن السعودية بحاجة إلى وقت طويل من الإنتاج بكامل الطاقة حتى تؤثر على سعر النفط بشكل يقوض العوائد النفطية الإيرانية، وذكرت الإذاعة أيضاً: "إن إيران قد تلجأ في حالة وقوعها في فخ انخفاض عوائدها النفطية إلى تنفيذ تهديدها بإغلاق مضيق هرمز الذي تمر عبره 60% من إمدادات العالم النفطية". وهو ما سيؤدي حتماً إلى كارثة اقتصادية عالمية، ومن المستحيل أن تفكر السعودية في إجراء قد يهدد الاقتصاد العالمي، وهي كانت أحد الداعمين الأساسيين له في أزمته الاقتصادية المستمرة حتى اليوم"، ويعلق الكاتب قائلا: "استخدام هذا المنهج يعني استنزافاً أسرع للثروة النفطية مع عدم وجود فرص استثمارية آمنة ذات عوائد مجزية. فمع اهتزاز الثقة في السندات الأمريكية والعائد الحقيقي السلبي الذي تحققه عند إضافة التضخم؛ لن يكون في مصلحتنا تحويل مخزوننا النفطي إلى ودائع تدعم الاقتصاد الأمريكي. وبالتالي فإن تكلفة هذا "التكهن" الاقتصادية باهظة الثمن، خصوصاً على الأجيال القادمة، ولا يتوافق مع سياستي الدولة الداخلية والخارجية"، ويمضي الكاتب محذراً: "قامت الإذاعة بوصف إيران بأنها الراعي للمذهب الشيعي في حين أن السعودية هي المتزعمة للمذهب السني. هذا الوصف يحمل حالة استعداء تتعدى بشكل فاضح الواقع السياسي. فهي تحاول التحريض على مثل هذه الحرب الباردة على حساب الاختلاف المذهبي، ويعلق الكاتب قائلا: "وما يفقد الإذاعة استقلاليتها في رأيها هذا هو أن المستفيد الأكبر من مثل هذه الحرب النفطية هي أمريكا والدول الصناعية المتقدمة، فالاقتصاد الأمريكي يركز كامل جهده وطاقته على حل مشكلة البطالة، تاركاً جبهة محاربة التضخم على الرغم من استمراره في الارتفاع". وينهي الكاتب بقوله: "لقد أكد وزير البترول الدكتور علي النعيمي قبل نحو أسبوعين أن سياسة المملكة النفطية هي تلبية لاحتياجات السوق، ما يقطع الطريق أمام مثل هذه الشائعات والتكهنات الجوفاء".