تشكّل مبادرة المملكة العربية السعودية ونجاحها في لمّ شمل الدول الإسلامية على هيئة تحالف إسلامي عسكري لمحاربة الإرهاب خطوة جبارة في هذا المجال، وتأكيد جديداً على مكانتها، وما تحظى به من تقدير في العالم الإسلامي كما يشكل ضربة قوية وحرجاً شديداً لكل القوى العالمية المتراخية في حربها ضد الإرهاب الذي أصبح يؤرّق كل البشر في العالم. العالم يستيقظ فاليوم استيقظت أغلب وسائل الإعلام العالمية على إعلان بيان مشترك بتشكيل تحالف إسلامي عسكري لمحاربة الإرهاب بقيادة المملكة العربية السعودية، وأن يتم في مدينة الرياض تأسيس مركز عمليات مشتركة لتنسيق ودعم العمليات العسكرية لمحاربة الإرهاب، وتطوير البرامج والآليات اللازمة لدعم تلك الجهود.
القيادة وتحدي الإرهاب هذا التحالف الذي ينتظم في خطوات تلاحم إسلامي رائدة، أولها عاصفة الحزم، ها هو الآن تحالف إسلامي تؤكد به قيادة المملكة، وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله ورعاه- وولي عهد الأمين وولي ولي عهده -حفظهما الله ورعاهما- تؤكد به الموقف الموحد ضد وباء الإرهاب.
اكتواء وحراك ويأتي هذا التحالف كحراك حقيقي في زمن التحالفات والتكتلات؛ بعدما ساهمت المملكة قبل ذلك في دعم كل جهود مكافحة الإرهاب، وأنشأت مركزاً للإرهاب، ودفعت المليارات للمساندة في دحره، وهي في أوائل من اكتوى بناره، وفجعت في بعض أبنائها في دماره، وودّعت شهداء وأبرياء كثر، ورغم كل ذلك ما زال هناك من يشكك في جهود المملكة، بل ويتعدى الأمر لاتهامها.
خطوة ورسالة هذه الخطوة الجبارة هي واحدة من أقوى الردود؛ حيث يشكّل هذا التحالف رسالة عالمية لقوى عديدة بيدها أن تقدم أكثر، لكن بعضها خذل حتى الضمير الإنساني في أبسط مبادئه، في زمن ترهّلت وتنخّبت حقوق الإنسان لتتهم البرئ وتغمض العين عن المجرم.
توجيه رباني هذا التحالف الذي يكتسب الصفة العسكرية أيضاً -وهذا له دلالته- أعلن انطلاقته سياسي شاب محنك تحدثت أفعاله قبل أقواله افتتح التدشين بمنطق وتوجيه رباني خالد: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان}، ومن تعاليم الشريعة الإسلامية السمحاء وأحكامها التي تحرّم الإرهاب بجميع صوره وأشكاله؛ لكونه جريمة نكراء وظلماً تأباه جميع الأديان السماوية والفطرة الإنسانية.. ولأن الإرهاب وجرائمه الوحشية من إفساد في الأرض وإهلاك للحرث والنسل المحرم شرعاً يشكِّل انتهاكاً خطيراً لكرامة الإنسان وحقوقه.
حق الحياة والأمن كما أن الإشارة في البيان أكدت على المبادرة الإسلامية النبيلة، مبينة أيضاً حق الإنسان في الحياة والأمن؛ حيث جاءت هذه الكلمات: "والإرهاب يعرّض مصالح الدول والمجتمعات للخطر، ويهدد استقرارها، ولا يمكن تبرير أعمال الإفساد والإرهاب بحال من الأحوال، ومن ثم ينبغي محاربتها بالوسائل كافة، والتعاضد في القضاء عليها؛ لأن ذلك من التعاون على البر والتقوى.. وتأكيداً لمبادئ وأهداف ميثاق منظمة التعاون الإسلامي التي تدعو الدول الأعضاء إلى التعاون لمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، وترفض كل مبرر أو عذر للإرهاب".
تخطي الحيز المحلي إن قراءة متعمقة في البيان تؤكد أن أهداف المملكة والحلف تخطّت الحيز المحلي والإسلامي والإقليمي للتصدي لما يهدد "الأمن والسلام الإقليمي والدولي، ويشكِّل خطراً على المصالح الحيوية للأمة، ويخلّ بنظام التعايش فيها، وذلك بحسب ما وصف البيان". كما أن الإشارة لأحكام ميثاق الأممالمتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والمواثيق الدولية الأخرى الرامية إلى القضاء على الإرهاب، وتأكيداً لحق الدول في الدفاع عن النفس، وفقاً لمقاصد ومبادئ القانون الدولي وميثاق الأممالمتحدة، وانطلاقاً من أحكام اتفاقية منظمة التعاون الإسلامي لمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره والقضاء على أهدافه ومسبباته، كل ذلك له دلالاته الواسعة والعميقة.
المقر والتنسيق إن وجود المقر في الرياض باتفاق أعضاء التحالف هو تأكيد لريادتها والثقة بها، في ظل أنه وبمشاركة كاملة سيتم "وضع الترتيبات المناسبة للتنسيق مع الدول الصديقة والمحبة للسلام والجهات الدولية في سبيل خدمة المجهود الدولي لمكافحة الإرهاب، وحفظ السلم والأمن الدوليين". تفاؤل مليار مسلم ولا شك أن التحالف الإسلامي الرائد الجديد هو خطوة يتفاءل بها أكثر من مليار مسلم لتحقيق خطوات أوسع في مبادرات -بفضل الله- لا تتوقف من حكومة وقيادة المملكة العربية السعودية، ونحو وحدة إسلامية هي جوهر دعوة الدين الحنيف؛ حيث لا فرق بين البشر إلا بالتقوى.