تَحَوّل محيط الكعبة المشرفة إلى ورشة عمل مكثفة منذ يومين، عقب صدور موافقة المقام السامي على تجديد حجر شاذروان الكعبة، إلى جانب تجديد رخام جدار حِجر إسماعيل عليه السلام من الداخل والخارج. ساتر أبيض وأحيطت الكعبة بساتر أبيض اللون بعمق يصل إلى نحو 4 أمتار من بداية مدخل الحجر عند الركن الشامي؛ ليلتفّ عند وحَوْل الركن العراقي وصولاً إلى الركن اليماني؛ حيث أشار الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الدكتور عبدالرحمن السديس، إلى أن دواعي تجديد الشاذروان: تَقَادُمه، وظهور الصدأ والاصفرار عليه، ولأنه لم تعد عمليات جَلْيِه وتنظيفه مُجدية؛ لذلك بدأ العمل لتجديده، ويُتوقع الانتهاء منه الأسبوع المقبل.
حقيقة الشاذروان والشاذروان هو الوزَرة المحيطة بأسفل جدار الكعبة المشرفة من مستوى الطواف، وهو مسنم الشكل ومبنيّ من الرخام في الجهات الثلاث، ما عدا جهة الحجر، ومثبّت فيه حلقات يُربط فيها ثوب الكعبة المشرفة، ولا يوجد أسفل جدار باب الكعبة المشرفة شاذروان؛ وفقاً لموقع الرئاسة العامة لشؤون الحرمين الشريفين.
وبُنِيَ "الشاذروان" لتقوية أصل الجدار كعادة الناس في بنائهم، وخاصة الكعبة المشرفة التي كانت بحاجة إلى هذه التقوية؛ لتعرضها للسيول الكثيرة، وعليه فإن الشاذروان ليس من البيت؛ حيث أشار إلى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- حين قال: "وليس الشاذروان من البيت؛ بل جُعل عماداً للبيت".
عُمْرُ بِنَائه ويعتقد بعض المؤرخين قدم "الشاذروان"؛ لوجوده في عهد أبي حنيفة (ت 150ه) والشافعي (ت 204ه)؛ لأنهما تَحَدّثا عنه؛ لذلك فربما يكون مَن بنى الشاذروان، قريش، أو عبدالله بن الزبير الذي أعاد بناء الكعبة، ثم بناها الحجاج بن يوسف. 68 حجراً وقال "الأزرقي"، وفقاً لموقع شؤون الحرمين: "وعدد حجارة الشاذروان التي حول الكعبة ثمانية وستون حجراً في ثلاثة وجوه؛ من ذلك من جدار الركن الغربي إلى الركن اليماني خمسة وعشرون حجراً؛ ومنها حجر طوله ثلاثة أذرع ونصف، وهو عَتَبة الباب الذي سد في ظهر الكعبة، وبينه وبين الركن اليماني أربعة أذرع، وفي الركن اليماني حجر مدور، وبين الركن اليماني والركن الأسود تسعة عشر حجراً.
حدود وأركان ومِن حد الشاذروان إلى الركن الذي فيه الحجر الأسود ثلاثة أذرع واثنا عشر أصبعاً ليس فيه شاذروان، ومِن حد الركن الشامي إلى الركن الذي فيه الحجر الأسود ثلاثة وعشرون حجراً، ومن حد الشاذروان الذي يلي الملتزم إلى الركن الذين فيه الحجر الأسود ذراعان، ليس فيهما شاذروان، وهو الملتزم، وطول الشاذروان في السماء ستة عشر إصبعاً وعرضه ذراع".
أما ذَرْعه الحديث؛ فقد ذَرَعَه إبراهيم رفعت باشا؛ فقال: "ويلاصق جُدُر الكعبة من أسفلها بناء من الرخام يسمى الشاذروان، أقيم تقوية للجدران، وهو يحيط بها من جهاتها الأربع، وارتفاعه في الجهة الشمالية 50 سم في عرض 39 سم، ومن الجهة الغربية ارتفاعه 27 سم في عرض 80 سم، ومن الجهة الجنوبية ارتفاعه 24 سم في عرض 87 سم، ومن الجهة الشرقية ارتفاعه 22 سم في عرض 66 سم، كما حقّقتُه بالمقاس في حجاتي الأربع".
من اللطائف ومن لطائف ما ذُكر عن الشاذروان ما نقله الفاسي عن القاضي بدر الدين ابن جماعة؛ حيث ذكر أنه رأى الشاذروان في سنة 656ه، وهي مصطبة يطوف عليها العوام، ورآه في سنة إحدى وستين وقد بُنِيَ عليه ما يمنع من الطواف عليه على هيئة اليوم.
تجديده 6 مرات وقد جُدد بناء الشاذروان في سنوات عديدة؛ أولها عام 542ه، ثم 636ه، ثم عام 660ه، وعام 670ه، وعام 1010ه، وبين ذلك وقبله وبعده، وآخر تجديد ل"الشاذروان" كان في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله، أثناء الترميم الثاني والكبير للكعبة المشرفة في عام 1417ه؛ حيث جُدد رخام الشاذروان القديم برخام جديد يحاكي ألوان ونوعية الرخام القديم، مع المحافظة على الرخامات القديمة الموجودة تحت ناحية باب الكعبة، وهي رخامات جميلة ونفيسة ومحافظة على جودتها ومتانتها.