أنهت لجنة حقوق الإنسان العربية "لجنة الميثاق" مؤخراً، مهمة ميدانية استهدفت الاطلاع على أوضاع حقوق الإنسان في الجمهورية اليمنية خاصة مدينة عدن؛ بوصفها دولة طرفاً في الميثاق العربي لحقوق الإنسان؛ وذلك إثر تلقي اللجنة دعوة من الحكومة اليمنية. وأوفدت اللجنة خلال الفترة من 11 إلى 13 سبتمبر 2015 بعثة لزيارة مدينة عدن؛ للاطلاع على واقع حالة حقوق الإنسان فيها على خلفية ما شهدته من أعمال عسكرية من أطراف الحرب الدائرة بين قوات الحكومة والمتمردين على الشرعية، الذين كانوا سبباً في كل مآسي الشعب اليمني.
وقد اطلعت البعثة على مدى تمتع المواطنين اليمنيين في مدينة عدن بحقوقهم وحرياتهم التي كفلها الميثاق العربي لحقوق الإنسان، وأجريت لقاءات مع كل الأفراد والمؤسسات ذات الصلة بعملها وتحقيق غايات مهمتها.
ووقفت البعثة أمام العديد من القضايا المتعلقة بأوضاع حقوق الإنسان في مدينة عدن، والمآسي الإنسانية والبنيوية التي رافقت الأعمال الحربية؛ بسبب القنص والقتل للمواطنين والتدمير للعمارات والأبنية والمنازل السكنية والمنشآت الخاصة والعامة وغيرها.
وأسفت البعثة لوقوع انتهاكات جسيمة لأحكام الميثاق العربي لحقوق الإنسان، حيث اتضح من خلال الجولات الميدانية للجنة واللقاءات التي أجرتها خلال زيارتها وشهود العيان الذين التقتهم، أنها ارتُكبت من جانب قوات التمرد "الحوثي وحلفائهم" ضد المدنيين أثناء حصارهم، ومن ثم سيطرتهم على مدينة عدن.
وأكدت البعثة أن هذه الهجمات والقصف العشوائي للمناطق المأهولة بالسكان المدنيين في أحياء مدينة عدن، علاوة على عدم التمييز بين المدنيين والمحاربين، قد أدّى إلى قتل وجرح وتشريد الآلاف من المدنيين، وتدمير البنية الأساسية المدنية في انتهاك جسيم لقوانين الحرب، وستعمل اللجنة على توثيق هذه الانتهاكات حتى لا يفلت مرتكبوها والمخططون لها من طائلة الملاحقة لارتكاب جرائم حرب والإفلات من العقاب.
وأعربت البعثة عن قلقها تجاه الممارسات اللإنسانية لهذه الميليشيات ومخالفتها للقانون الدولي والإنساني، والتي شملت التعذيب والإعدام خارج القانون، والاعتقال التعسفي، والعديد من حالات الإخفاء القسري، والتجنيد الإجباري للأطفال ضمن هذه الميليشيات، وأعمال التخريب والسلب والتهجير القسري للمدنيين، وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية للمحتاجين لها في المناطق المحاصرة.
وأشارت إلى تفاقم الوضع المعيشي بمدينة عدن؛ جراء توقف الخدمات العامة، وتدمير البنية التحتية لها، وبخاصة في الكهرباء والمياه والصحة والتعليم والصرف الصحي، وانتشار الأوبئة كحمى الضنك، وتؤكد أهمية سرعة العمل لإعادة الخدمات العامة للمواطنين وبناء المؤسسات واحترام سيادة القانون وحقوق الإنسان.
وأشادت بالجهود المبذولة في سبيل إعادة التيار الكهربائي وإمدادات المياه، وتشغيل المستشفيات العامة وإعادة العملية التعليمية بعد توقفها، وتشيد بجهود العون والإغاثة المكثفة من الدول المشاركة في التحالف المساند للحكومة اليمنية لعود الحياة إلى طبيعتها في مدينة عدن، ولاحقاً في كل المدن التي شملتها الحرب.
وأبدت البعثة قلقها جراء تفاقم الوضع الأمني والإنساني في الجمهورية اليمنية، وبروز مشكلة اللجوء والنزوح، وتناشد الدول العربية والمؤسسات والهيئات الدولية والمجتمع الدولي زيادة حجم الإغاثة الإنسانية المقدمة للشعب اليمني بعامة واللاجئين والنازحين بخاصة.
ورحّبت اللجنة بلجنة التحقيق الوطنية التي أنشأها اليمن للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، والتي ستعمل باستقلالية كاملة، آملة أن يكون لأعضائها المختارين من الشخصيات التي عُرِفت بالجدية والاستقلالية والعمل القضائي والحقوقي؛ الأثر الكبير في الوصول إلى الحقائق.
من جهة أخرى ناشدت اللجنة مجلس الجامعة العربية والمجتمع الدولي أيضاً مواصلة الجهود الرامية إلى إيجاد حل للأزمة الإنسانية المتفاقمة في اليمن، واستعادة السلام والوحدة الترابية والاستقرار المنشود في الجمهورية اليمنية.