تصل الشمس حين ينتصف نهار الخميس المقبل، إلى مرحلة تتعامد فيها على الكعبة مباشرة، فتختفي ظلالها للحظات، وتكون لحظة عالمية يمكن من خلالها تحديد اتجاه القِبلة بدقة. وأوضح الباحث الفلكي بقسم علوم الفلك والفضاء بجامعة الملك عبدالعزيز، ملهم بن محمد هندي، أن تعامد الشمس على الكعبة ظاهرة فلكية تتكرّر مرتين سنوياً يومَي 28 مايو و16 يوليو لحظة رفع أذان الظهر تماماً، ويصادف الخميس المقبل 29 رمضان في تمام الساعة 9:27 بالتوقيت العالمي 12:27 ظهراً بتوقيت مكة المكرّمة، أي لحظة أذان صلاة الظهر بمكة المكرّمة.. الموعد الثاني خلال العام لظاهرة التعامد؛ حيث تكون الشمس لحظتها مرتفعة بمقدار 90 درجة عن أفق مكة المكرّمة.
وبيّن "هندي"، ل "سبق"، أن هذه الظاهرة تأتي ضمن الرحلة الظاهرية للشمس السنوية بين مدارَي الجدي والسرطان لتكون متعامدةً على المدن التي تقع بين هذين الخطين مرتين سنوياً؛ مرة في رحلة الصيف ومرة في رحلة الشتاء؛ حيث إن مدار الجدي يحدَّد عند خط عرض – 23.5 جنوب خط الاستواء، ومدار السرطان عند خط عرض 23.5 شمال خط الاستواء, وتأتي هذه القيم بسبب ميلان محور الأرض على مدارها بالقيمة نفسها, وبما أن مكة المكرّمة - شرّفها الله - تقع على خط عرض 21 شمال خط الاستواء فتتعامد عليها الشمس مرتين أيضاً في 28 مايو و16 يوليو.
وأشار إلى أن هذه الظاهرة الكونية تُمكّن سكان المعمورة الذين يستطيعون مشاهدة الشمس لحظتها وعبر أبسط الطرق وأسهلها من تحديد اتجاه القِبلة بكل دقة وسهولة؛ ذلك بأن يتجه الإنسان إلى الشمس ويضعها بين عينيه، فيكون متجهاً إلى القِبلة بدقة 100 %، ومنها يمكن معايرة القِبلة والتأكد منها في أي مكان تكون فيه.
أما المدن القريبة من مكة المكرّمة نسبياً فسيجدون صعوبةً في تحديد اتجاه الشمس؛ لأنها ستكون قريبة جداً من كبد السماء؛ لذلك يستطيعون تحديد القِبلة عبر ظل الأشياء أي لو وضعنا قلماً قائماً فسيكون اتجاه القِبلة عكس ظل القلم تماماً, وتعد هذه الطريقة من الطرق القديمة لتحديد القِبلة؛ حيث تمّ استخدامها منذ القرن السادس الهجري.
ولفت "هندي"، إلى أنه استُخدمت هذه الظاهرة حديثاً لإقناع مسلمي شمال شرق الولاياتالمتحدة، بأن القِبلة شمال شرق وليست جنوب شرق؛ حيث استخدمت الحضارات القديمة هذه الظاهرة على كثير من معابدها، ولعل أشهرها عند الفراعنة بتعامد الشمس أفقياً على عرش رمسيس الثاني في يوم توليه المُلك 22 فبراير ويوم مولده 22 أكتوبر، مؤكداً أن هذه الظاهرة تدل على دقة حركة الأجرام السماوية وقدرة الحساب الفلكي على حسابها مصداقاً لجعل رب العزة الشمس والقمر بحسبان.