سبقت انقطاعات الخدمة الكهربائية التي شهدتها مدن وقرى المملكة خلال الأسابيع القليلة الماضية، "التطمينات" السنوية التي اعتادت الشركة السعودية للكهرباء إطلاقها خلال السنوات الماضية ب"شأن" انقطاعات الخدمة، وتقاريرها وبياناتها عن استعداداتها قبل كل موسم صيف. وعلى الرغم من أن درجات الحرارة لم تصل لمعدلاتها السنوية القصوى في مواسم الصيف، فإن الانقطاعات بدأت تتكرر في أكثر من مدينة ومحافظة وقرية.
وأثارت الانقطاعات التي بدأت تتكرر مخاوف المواطنين خاصة مع بدء الارتفاع التدريجي لدرجات الحرارة واقتراب شهر رمضان المبارك الذي تسجل فيه زيادة الأحمال وتتزايد معها الانقطاعات كل عام.
"الانقطاعات المبكرة" تغيّب تصريحات "الاستعدادات" وقد اعتادت الشركة السعودية للكهرباء خلال الأعوام الماضية إطلاق بيانات وتصريحات تطمينية تؤكد فيها جاهزيتها لمواجهة أحمال الصيف، ففي العام الماضي وقبل دخول موسم الصيف أكد رئيس مجلس إدارة الشركة السعودية للكهرباء الدكتور صالح بن حسين العواجي، جاهزية الشبكة لمواجهة أحمال الصيف والحالات الطارئة.
وبيّن "العواجي" حينها أن مجلس الإدارة ناقش استعدادات الشركة وخطتها التشغيلية خلال أشهر فصل الصيف، من خلال تقرير مفصّل قدّمته الإدارة التنفيذية إلى الشركة بهذا الخصوص.
وعلى الرغم من تطمينات رئيس مجلس إدارة الشركة آنذاك فإن الانقطاعات تكررت خلال شهر رمضان المبارك الفائت وتصاعدت معها شكاوى المواطنين في عدة مدن ومحافظات.
وعلى غير العادة؛ لم تعلن الشركة السعودية للكهرباء خلال العام الحالي عن استعداداتها لموسم الصيف وزيادة الأحمال خلال شهر رمضان المبارك، وذلك بعد أن استبقت الانقطاعات المبكرة للكهرباء "تطمينات" الشركة.
الانقطاعات تتواصل في عدة مناطق.. والمواطنون يشكون وخلال الأسابيع القليلة الماضية؛ تضرر آلاف المشتركين من انقطاعات للخدمة الكهربائية سجلت في الكثير من مدن ومحافظات وقرى المملكة، منها أحياء في الرياض ومدن في تبوك والمدينة المنورة والطائف وأبها وقرى الرين وتثليث والنبهانية وظلم وغيرها من المدن والمحافظات.
ويقول المواطن حمدي أحمد المظيبري: "نعاني في محافظة النبهانية وقطاع أبانات بمنطقة القصيم من انقطاعات التيار الكهربائي، نشكو من سوء الخدمة الكهربائية والانقطاع المتكرر الذي تسبب في أعطال وتلف ممتلكاتنا من أجهزة وأغذية مثلجة ومبردة، لذلك نتمنى تدخل المسؤولين للنظر في تلك الإشكالية وإصلاحها لتلافي تكرار الانقطاعات".
ومن مركز ظلم بمحافظة المويه؛ يقول المواطن مطلق صقر الخراصي: "في مركز ظلم تكررت هذا العام الانقطاعات وضعف الأحمال تسبب في أعطال الأجهزة الكهربائية، والمؤسف أنه وعند الرفع بالشكاوى من سوء الخدمة الكهربائية نفاجأ بالرد بأننا كثيرو الشكاوى!".
ويضيف: "رغم أن مركز ظلم من أكبر المراكز التابعة للمويه وأهمها موقعاً وأكثر المراكز في عدد السكان إلا أنها لم تجد الاهتمام من كهرباء المويه حيث لا يتوفر في مركز ظلم مكتب للكهرباء أو فرقة للطوارئ وعند حدوث الأعطال يتجرع السكان المعاناة لحين وصول الآليات من محافظة المويه التي تبعد عن ظلم بأكثر من 50 كيلومتراً".
وطالب "الخراصي" مسؤولي الشركة بتوفير فرقة طوارئ مجهزة بمركز ظلم للتعامل الفوري مع الأعطال المتكررة، مشيراً إلى أن السكان يطالبون بهذا الطلب منذ سنوات دون جدوى رغم تكرر الانقطاعات.
وقال المواطن نهار بن وصل الله العازمي: "الكثيرون من سكان ظلم يعملون في قطاعات عسكرية وهم بعيدون عن عوائلهم التي تسكن مركز ظلم وتعاني من تكرار الانقطاعات".
وأضاف: "عند محاولاتنا الاتصال على طوارئ كهرباء المويه للإبلاغ عن الأعطال التي تضررت منها عوائلنا يفاجئوننا بعبارة "أنتم كثيرو الشكاوى يا أهل ظلم"، وكأننا نطلب منهم أموراً خاصة، رغم أننا نطالب بإصلاح الأعطال وتقديم الخدمة التي ندفع لها مقابلاً مالياً نهاية كل شهر".
وأردف: "الشركة تسببت في خسائر عديدة لنا منها تلف المواد الغذائية والأجهزة الكهربائية عند كل انقطاع ما يبرز الحاجة إلى توفير فرقة طوارئ بمركز ظلم وصيانة كاملة للشبكة لمنع تكرار الأعطال".
وكانت "سبق" قد نشرت شكاوى مواطنين وتقارير مفصلة عن الانقطاعات الأخيرة التي شهدها عدد من مناطق المملكة ما كشف عن تجدد الانقطاعات الكهربائية مع بدء موسم الصيف.
تبريرات الكهرباء: عواصف ومقاولون وأعطال طارئة وبررت الشركة السعودية للكهرباء خلال الأسابيع الماضية تلك الانقطاعات التي شهدتها بعض المناطق وتنوعت تبريراتها ما بين تأثير العواصف وأعمال مقاولين تسببت في قطع الكيابل إضافة للأعطال الفنية الطارئة.
المواطنون: أين التعويضات؟ الاعتذار لا يكفي وفي كل البيانات تكتفي "الشركة" بتقديم الاعتذار للمشتركين والإشارة إلى عمل فرقها على إصلاح الأعطال، دون أن تتطرق لأي تعويضات للمتضررين من تلك الانقطاعات، رغم كثرة الشكاوى والمطالبات بضرورة دفع التعويضات سيما أن الشركة تلزم المشتركين بدفع الفواتير الشهرية التي ترتفع صيفاً لمبالغ كبيرة رغم الانقطاعات وما ينتج عنها من خسائر للمشتركين.
مخاوف من مسلسل الانقطاعات الرمضانية وزادت الانقطاعات الأخيرة للخدمة الكهربائية وما قابلها من غياب حديث "السعودية للكهرباء" عن استعداداتها لشهر رمضان، مخاوف المواطنين من مسلسل الانقطاعات الرمضاني الذي تكرر كثيراً وتنقل بين مدن المملكة خلال العامين الماضيين.
وعبّر الكثير من المواطنين عن مخاوفهم خاصة أن الشركة هذا العام التزمت بالصمت في ما يخص استعداداتها لشهر رمضان.
ويقول مسلط الروقي ومحمد الحربي: "مع بدء الانقطاعات الكهربائية بشكل مبكر خلال موسم الصيف الحالي وغياب تصريحات "الكهرباء" عن استعداداتها لشهر رمضان، نقول الله يستر من العواقب، نتمنى أن لا تسجل زيادة في الانقطاعات، الضرورة ملحة للصيانة الشاملة والتوعية بتخفيف الأحمال واتخاذ حلول عاجلة تمنع تعكير فترة الصيام".
ونشرت "سبق" العام الماضي تقارير عدة عن الكثير من الانقطاعات التي شهدتها مدن المملكة خلال شهر رمضان المبارك وتضمنت شكاوى المواطنين ومطالباتهم السنوية لتلافي الأزمات الكهربائية المعتادة.
وكان شهر أغسطس من العام الماضي قد سجّل أحمالاً تاريخية غير مسبوقة في استهلاك الكهرباء في المملكة العربية السعودية، حيث قفزت الأحمال الكهربائية الذروية يوم الأحد الموافق 31 أغسطس 2014 م -بحسب مركز التحكم للنظام الكهربائي في المملكة- إلى 56.500 ميجا وات، بزيادة 7.7% عن الأحمال الذروية المسجلة خلال صيف العام قبل الماضي 2013م.
وتقول آخر الإحصاءات إن قطاع المباني في المملكة يستهلك وحده أكثر من 80% من إجمالي الطاقة الكهربائية المنتَجة، يشكّل استهلاك أجهزة التكييف منها نحو 70%، بنسبة نمو سنوي تصل إلى 12%، كما أن نحو 70% من المباني في المملكة غير معزولة حرارياً.
"الشركة" بين أزمتين: مطالبات الموظفين وشكاوى العملاء الأزمة الخارجية التي تعيشها "السعودية للكهرباء" هذه الأيام بينها وبين المشتركين ليست الوحيدة، حيث تعاني من أزمة أخرى داخلية بينها وبين موظفيها.
ففي وقت تستعد فيه "السعودية للكهرباء" لمواجهة التحدي السنوي مع انقطاعات الصيف ورمضان، ظهرت هذا العام أزمة مطالبات موظفيها التي نشروها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وعلى مدار أسبوعين تلقت "سبق" أيضاً عشرات الإيميلات والرسائل من موظفي الشركة الذين طالبوا بإيصال مطالبهم للمسؤولين في الشركة وقالوا فيها: "نحن موظفو الشركة السعودية للكهرباء بجميع مناطق المملكة تطلعنا دوماً للرقي في أعمال الشركة وما حدث بها من تطوير منذ رئاسة المهندس زياد بن محمد الشيحة من إجراءات كفلت بالشركة لأن تصل إلى العالمية كما هو مخطط له في برنامج التحول الاستراتيجي منذ عام 2011 م".
وأضافوا: "الشركة بقيادة الشيحة حاربت الفساد ونزلت للموظفين ومنها الزيارات والأنظمة التي جعلت الشركة تتغير بالكامل عما كانت عليه قبل رئاسته.. تطلعنا للكثير وحدث الجميل، لكن إلى الآن الموظفون لم يروا تغييرات تصل بهم للانتماء الفعلي للشركة".
الموظفون للشركة: حققنا المزيد من الأرباح لكن ما مصير مطالبنا؟ وقال الموظفون: "مجلس الإدارة ما زال يطالب بتحقيق الأرباح وحققنا الكثير بفضل الله ثم بدعم الدولة أيدها الله ثم بدعم الفنيين والمهندسين وجميع طاقم الشركة، ونحن نطالب الشركة بشرح ما تأخر فيما يلي: تأخير الهيكلة منذ عام 2013م، تأخر المواءمة التقاعد المبكر، تأخر اعتماد سلم الرواتب الذي يدرس منذ عام، تأخر اعتماد بونص رمضان الذي يدرس منذ عام وأكثر، تأخر تحسين الخدمات الصحية، تأخر اعتماد تحسين العوائد والتعويضات، تأخر موضوع التنقل بالحافلات، تأخر صرف سيارات لقراء العدادات والموزعين للقيام بواجبهم، ما حصل للقدامى العاملين في الشركة من قلة رواتبهم الأساسية مقارنة بالجدد".
ونقلت "سبق" المطالبات للمسؤولين في العلاقات العامة بالشركة قبل نحو تسعة أيام ولكنها لم تتلق أي رد أو توضيح حتى اليوم.