احتدم الخلاف بين أعضاء المجلس البلدي في جدة ونظرائهم مسؤولي أمانة المحافظة حول الأخطاء التي وقعت فيها الأمانة وهي تنشئ السد الاحترازي لمخطط أم الخير الذي انهار مع أول اختبار سيول حقيقي، مؤكدين أن كل الأعذار والمبررات التي ساقها أعضاء الأمانة غير كافية، خصوصاً أن القضية كلفت إزهاق أرواح أكثر من 110 قتلى ومصابين. وتحولت جلسة أول من أمس من جلسة اعتيادية إلى جلسة مساءلة لمسؤولي الأمانة التي غاب عنها أمين المحافظة المهندس هاني أبو راس، وأناب عنه وكيله خالد عقيل، إذ شهدت عدداً من المناقشات الساخنة، خصوصاً النقاش حول السد الاحترازي لمخطط أم الخير. ووفقا لتقرير أعده الزميل بدر محفوظ ونشرته "الحياة"، بدا أن ردود نائب أمين جدة خالد عقيل عن تساؤلات أعضاء المجلس بشأن غرق جميع الأنفاق ووجود أضرار كبيرة في الممتلكات في عدد من الأحياء والمخططات لم تكن ذات جدوى ما أوصل النقاش إلى ذروته، وزاد في ساعات الجلسة التي وصلت لأكثر من أربع ساعات تقريباً. وكان رئيس وأعضاء المجلس البلدي بجدة قد أستبقوا جلستهم الاعتيادية رقم (77) أول من أمس بجولة جوية على متن طائرة عمودية تابعوا خلالها الآثار التي خلفتها سيول الأربعاء الماضي، وسجلوا ملاحظاتهم ومقترحاتهم قبل الجلوس على طاولة واحدة مع مسؤولي أمانة المحافظة والمطالبة بالتعاقد مع شركات عالمية لإنهاء الصداع المزمن لسكان العروس مع مخاطر السيول وتصريف مياه الأمطار. وأكد رئيس المجلس البلدي في محافظة جدة حسين باعقيل أن الجلسة شهدت في البداية استعراضاً للجهود التي بذلتها لجنة درء مخاطر الأمطار والسيول، من طريق شرح وافٍ قدمه نائب المجلس المهندس حسن الزهراني عن الجولات الميدانية التي قاموا بها لمختلف أحياء جدة المتضررة من السيول، وعرض العضو بسام أخضر فيلماً تسجيلياً يروي قصة انهيار السد الاحترازي في مخطط أم الخير السكني، وكشف خلاله أن وجود سيارات جرفها السيل أدى إلى غلق فتحة تصريف المياه، الأمر الذي أدى بدوره إلى ارتفاع منسوب المياه بشكل كبير والضغط بقوة على السد الاحترازي الذي لم يشهد أي تحسينات على مدار 40 عاماً. وأضاف: «طرح الأعضاء مختلف ملاحظاتهم وتساؤلاتهم أمام المهندس خالد عقيل نائب أمين جدة الذي أشار من جانبه إلى أن الارتفاع الكبير لمنسوب المياه خلال السيول الأخيرة كان فوق كل احتمال، إذ لم تتمكن الفتحات الصغيرة للتصريف من استيعاب الكميات الكبيرة الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الأمطار بنسبة خمسة أمتار في مخطط النخيل، وأكد على أن المشكلة ليست في سد أم الخير فقط، بل في عدم حماية جدة من السيول المنقولة، إذ إن الوضع خطر من هذه الناحية، وأن السيول التي تدهم المدينة تتسبب في أضرار كبيرة لأحياء شرق الخط السريع وطريق الحرمين، وأن نائب الأمين أشار إلى أن المضخات الموجودة في الأنفاق لم تستوعب كمية الأمطار الأخيرة بسبب المياه المنقولة إليها، مستشهداً بنفق طريق الملك فهد مع شارع الأمير محمد بن عبد العزيز الذي لم يتأثر بشكل كبير من الأمطار بسبب عدم وجود مياه أمطار منقولة. واتفق أعضاء المجلس مع نائب الأمين، حسب باعقيل،على ضرورة تنفيذ الأوامر السامية بإيجاد حلول شاملة لتصريف مياه الأمطار والسيول في جدة عبر حماية المدينة من السيول المنقولة من الشرق من سدود وحواجز، وتنفيذ مشاريع شبكات تصريف المياه داخل المدينة، خصوصاً أن الإحصاءات أثبتت أن الأمطار التي هطلت خلال العام الحالي لم تشهدها جدة منذ 15عاماً بهذا المعدل، إذ وصلت إلى 250 مليمتراً، بسبب التغير المناخي الكبير وضعف الشبكات الموجودة في الوقت الحالي. ورأى المجلس أن الحلول الموقتة التي جرى تنفيذها في مخطط أم الخير غير كافية، مطالباً أن تكون الحلول من مكاتب استشارية وطبقاً لمعايير عالمية، وطالب الأعضاء باستكمال السدود الجاري عملها الآن، وسرعة إنجاز شبكات التصريف الحالية، وشهدت الجلسة عرضاً من الأمانة عن الطاقة الاستيعابية للشبكة الموجودة حالياً، وأكد المهندس خالد عقيل أنه في حال تكرار الأمطار بعد أسبوع ستعاني جدة من نفس المشكلة بسبب عدم كفاية المشاريع الحالية، مشيراً إلى أن التوجيهات السامية ستسهم في حل الكثير من المشكلات وتسرع عجلة المشاريع.