القراءة الدقيقة والمتفحصة للائحة التنظيمية لنشاط النشر الإلكتروني, التي اعتمدها وزير الثقافة والإعلام، الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة, يدرك تماماً أهمية توقيتها وبنودها, والرغبة الصادقة والأمينة في الارتقاء بالإعلام الجديد وتطوير أدائه, والفرز بين "المتميز" و"المسؤول", و"غير المنضبط" الذي يهدف إلى الإثارة . فاللائحة في بنودها ومضامينها تمثل نقلة جديدة للإعلام الإلكتروني تعتمد على مبدأي "الواجبات" و"المسؤوليات", والانتقال من مرحلة "الفردية" ل "المؤسسية" والاحتكام إلى اللوائح والنظم بدلاً , الأمر الذي سينعكس حتماً على تطوير الصحف الإلكترونية, ويرتقي بمستوى أدائها, خصوصاً بعد أن استطاعت استقطاب شريحة كبيرة من المجتمع, وتنم عن فكر راقٍ, وسعة أفق, ورؤية دقيقة لخصوصية هذا الإعلام الجديد. وتعد صحيفة "سبق" صدور هذه اللائحة التي كانت تتوق إلى إصدارها، خطوة مهمة للارتقاء بالنشر الإلكتروني, ليقوم بدوره المنوط به كوسائل إعلامية جديدة فرضتها التقنية ومستجدات العصر, وقد بذل المسؤولون بالوزارة جهوداً كبيرة في الإعداد لها, للوصول إلى صيغة للائحة "عصرية" تواكب طموحات العاملين في مجال النشر الإلكتروني, وتحافظ على ثوابت المجتمع, وقد سبق صدورها لقاءات وورش عمل نظمتها الوزارة, شارك فيها عدد من أصحاب الصحف الإلكترونية, ورؤساء تحريرها والأكاديميين والمختصين. وقد تشرفت "سبق" بتقديم ورقة عمل تضمنت رؤيتها لتنظيم النشر الإلكتروني. وأكد رئيس التحرير الزميل محمد بن حسن الشهري في أكثر من مناسبة ضرورة إصدار هذه اللائحة والتعجيل بذلك, لضمان استقرار الصحف الإلكترونية والعاملين فيها, والتأسيس لإعلام جديد قوي, يقوم بدوره إلى جانب الإعلام المطبوع والمسموع والمرئي في خدمة العملية التنموية. واللائحة التي جاءت في عشرين مادة حددت آليات التعامل مع أنشطة النشر الإلكتروني بجميع أنواعها، ومن بينها الصحف الإلكترونية، والمنتديات، والمدونات, وأكدت مبدأ مهماً وهو "لا يخضع النشر الإلكتروني بكل أشكاله للرقابة من قبل الإدارة المعنية"، وهذا كان المطلب الأساسي للقائمين على الصحف الإلكترونية, فمساحة الحرية التي تمتعت بها الصحف الإلكترونية كانت وراء الثقة بها من الشريحة التي اجتذبتها من القراء والمتابعين, وهو ما جاءت اللائحة لتؤكد عليه "دون الإخلال بالمسؤولية لما يتم نشره". ولم تكتف الوزارة بإصدار اللائحة، بل فتحت مجالاً للحوار المفتوح حولها, في لقاء بالنادي الأدبي بالرياض للمتحدث الرسمي باسم الوزارة، الأستاذ عبدالرحمن الهزاع، يوم الإثنين المقبل، لمناقشة أي اقتراحات أو تعديلات على اللائحة. إن تأكيد اللائحة دعم الإعلام الإلكتروني الهادف, وتنظيم مزاولته, وحماية المجتمع من الممارسات الخاطئة في النشر الإلكتروني, وبيان حقوق العاملين فيه وواجباتهم, وحفظ حقوق الأشخاص في إنشاء وتسجيل أي شكل من أشكال النشر الإلكتروني, وحفظ حقوق الأشخاص في الدعوى لدى الإدارة المعنية في حال الشكوى, ودعم الوزارة ورعايتها للمواقع الإلكترونية والعاملين فيها بتقديم تسهيلات تساعدهم على القيام بعملهم, كلها مطالب ستسهم، بإذن الله، في الارتقاء بهذا الإعلام ليقوم بدوره في التوعية والإرشاد والتقويم والنقد الهادف, لرفعة البلاد ورقيها ونهضتها, والمساهمة في مسيرة الإصلاح التي يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز.