خصص إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ صالح بن محمد آل طالب الجزء الأكبر من خطبته اليوم الجمعة إلى الاهتمام بالأطفال ورعايتهم وتنشأتهم نشأه صالحة محذرا من تخويفهم وتعنيفهم لأنها تورث شخصية مضطربة ونفسية مهزوزة. وقال فضيلته: "إن في دورنا وتحت سقف منازلنا أبشار غضة وأجنحة كسيرة وبراعم طرية إنها براعم لم تزهر وزهور لم تثمر أولئك هم الأطفال ثمرات القلوب وقطع الأكباد وأطفالنا عجزة تحت قدرتنا وهم مستقبل مرهون بحاضرنا وحياة تتشكل بتربيتنا وتصاغ بها وهم بعد ذلك كله بعض الحاضر وكل المستقبل، والطفولة كهف يأوي إليه الكبار فيغسل الهم في براءة أطفاله". وأوضح فضيلته أن أفضل تعبير يستنطق الحياة تأتأة طفل وأبلغ نداء يستجيش الحب لثغة صغير وأن الأطفال نعمة بين أيدينا سانحة ومنة غالية علينا و جاءت شريعة الله راعية للطفولة حقها محيطة بحقوق الطفل المعنوية والحسية من حين كونه جنينا لم يبلغ مبلغ الرجال . وأردف فضيلته إن العناية بالجانب النفسي والحسي للطفل تميزت في سيرة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام وتوجيهاته فكان يمازح الصبيان ويأكل مع الأيتام ويمسح على رؤوسهم وقال عليه الصلاة والسلام: "أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين وأشار بأصبعي". كما استعجل صلى الله عليه وسلم الصلاة عندما سمع بكاء طفل ونهى أن يفرق بين الأم وابنها في البيع بل وسعت شريعته عليه السلام حتى أولاد البهائم كما ورد النهي عن التفريق بين الشاة وولدها كما أنه وفي أهم فروض الدين وأشدها تعظيما كان عليه الصلاة والسلام يصلي وهو حامل أمامه ابن ابنته زينب رضي الله عنهما ويصلي وهو حامل الحسن ابن ابنته فاطمة رضي الله عنهما.
وتساءل فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام هل الطفولة والأطفال بحاجة إلى التذكير بحقهم واستثارة المشاعر نحوهم رغم أن الفطرة داعية لذلك والطبع منساق وميال كذلك لافتا الانتباه إلى أنه رغم ما أنتجته المدنية من خير إلا أن الأنماط السلوكية والظواهر لم تعد خفية أصبحنا نتبناها في مجتمعنا وما كانت فيها من قبل ففتحت ضغوط الحياة اليومية وكثرة الأمراض النفسية والجراءة على تعاطي المؤثرات العقلية فوجد فئة من الآباء والأمهات غاب نبع الحب في قلوبهم وأسقط خريف الحب والحنان من نفوسهم فاستنت من بين جوانحهم إنسانيتهم فكان أول ضحايا ذلك الاستلاب هم الأطفال.
وأفاد فضيلة الشيخ صالح بن محمد آل طالب أنه توجد بين أسوار البيوت والمدارس حالات طفولة منتهكة وبراءة مغتالة يتعرض الأطفال في صورها إلى الضغط النفسي والعنف البدني والتعذيب الجسدي موضحا أن ابن الخمسة أعوام يقلب النظرات وهو يشاهد والده أن يلاقي من أبيه ضمة أو قبله فإذا لسع النار يفاجئه أو الضرب العنيف يتلقفه وقد غاب المعين والناصر. وأشاد إمام وخطيب المسجد الحرام بالمراكز التي تعني بالطفل وتوعية الآباء والأمهات مؤكدا أن للقائمين عليها لهم خيرا عظيما وينبغي دعمهم والتواصل معهم والإشادة بهم. وقال فضيلته إنه يجب أن ترى الأم طفلها والاتصال به متى أراد دون محاسبة أو مضايقة ولا يكون الانفصال بين الوالدين داعيا لعقوق أحدهما أو عدم الإحسان إلى الآخر فكم من والد يقلل من نفقة أولاده ليغيض أمهم فكيف يرجو بر أولاده ويتأمل دعاءهم وصدقتهم عنه حين يكبرون. المدينةالمنورة: عواقب الرشوة والمال الحرام
وفي المدينةالمنورة خصص إمام وخطيب المسجد النبوي فضيلة الشيخ حسين آل الشيخ خطبة جمعة اليوم لموضوع أكل المال الحرام وافتتحها بقوله أن أكل الحرام سبب للشقاء والعناء، مستشهدا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به"، وأضاف: "مما جاء فيه النهي الأكيد والزجر الشديد جريمة الرشوة أخذاً وإعطاء وتوسطا ، يقول ربنا جل وعلا: "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون". وبين إمام وخطيب المسجد النبوي أن الرشوة مغضبة للرب جالبة للعذاب ، ففي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الراشي والمرتشي والوسيط بينهما، محذرا فضيلته المسلمين أشد الحذر من الرشوة فهي من أكبر الذنوب وأعظم الجرائم ولذا عدها أهل العلم كبيرة من كبائر الذنوب لما جاء فيها من النصوص الشرعية الصريحة. وقال " إن الرشوة داء وبيل ومرض خطير يحل بسببها من الشرور بالبلاد ما لا يحصى ومن الأضرار بالعباد ما لا يستقصى فما وقع فيها امرؤ إلا ومحقت منه البركة في صحته وفي وقته ورزقه وعياله وعمره وما تدنس بها أحد إلا حجبت دعوته وذهبت مروءته وفسدت أخلاقه ونزع حياؤه وساء منبته ". ومضى فضيلته يقول " إن حقيقة الرشوة هي كل ما يدفعه المرء من مال ونحوه لمن تولى عملا من أعمال المسلمين ليتوصل به المعطي إلى ما لا يحل له ، ومن أعظم أنواعها ما يعطى لإبطال حق أو إحقاق باطل أو لظلم أحد ، ومن الرشوة ما يأخذه الموظف من أهل المصالح ليسهل لهم حاجاتهم التي يجب عليه قضاؤها من دون دفع هذا المال ، فمن استغل وظيفته ليساوم الناس على إنهاء مصالحهم التي لا تنتهي إلا من قبل وظيفته فهو ملعون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ".وناشد إمام وخطيب المسجد النبوي من وقع في ذلك من المسلمين أن يتقي الله قبل أن يفاجئه الموت فلا ينفعه حينئذ مال ولا بنون ، موضحا فضيلته أن من مقررات دين الإسلام أن هدايا العمال غلول، والمراد بالعمال كل من تولى عملا للمسلمين ، كما أن من صور الرشوة من رشا ليعطي ما ليس له ولو كان مما تعود ملكيته للمال العام أو ليدفع حقا قد لزمه أو رشا ليفضل على غيره من المسلمين أو يقدم على سواه من المستحقين في وظيفة ونحوها. وقال فضيلة الشيخ حسين آل الشيخ " إن الرشوة محرمة بأي صورة كانت وبأي اسم سميت ، سواء سميت هدية أم مكافأة أم غير ذلك ، فالأسماء في شريعة الإسلام لا تغير من الحقائق في شيء فالعبرة للحقائق والمعاني لا للألفاظ والمباني ، ونقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله " هدايا العمال غلول".