- أنا والغذامي استنزفنا كل ما لدينا وطرحنا رؤيتنا، وتجديد المعركة من باب التكرار. - كل مفكر يجب أن يكون منتمياً ويجب أن يكون ملتزماً، حتى اللامنتمي هو منتم إلى اللاانتماء. - الفكر الليبرالي يدعو إلى الحرية والسفور والاختلاط والخلوة والتبرج والعري. - لا يعنيني أدونيس سواء فاز أو لم يفز بجائزة نوبل، فالجائزة ليست عربية والفائز لا يحمل هماً عربياً. - غازي القصيبي مجدد وأنا لست مرتهناً لأحد ولا أقبل أن أدخل تحت عباءة أحد. - أؤيد الرقابة لكن لا أريدها أن تكون متشددة تمنع كل إبداع لمجرد الحساسية. - الحداثة والليبرالية موضات وموجات فكرية وأخلاقية وأدبية تجتاح المشهد العربي من الخارج. - من الممكن أن يكون للتنويريين دور يحقق نتائج طيبة ويفك الاختناقات الموجودة والأزمات القائمة. - من الضروري أن تتطور المؤسسات الدينية لتواكب المستجدات. - استخدام الجنس في الرواية تعويض عن النقص الفني أو النقص اللغوي أو التسطيح الدلالي. - مسؤولية الرواية الإصلاح، وكشف المستور من باب إشاعة الفاحشة. - الفن خاضع لثلاث سلطات وليس ثلاثة تسلطات، سلطة سياسية ودينية ومجتمعية. - الليبرالية لا تدعو إلى رفع السلطات بل تدعو إلى الحرية المطلقة، أي الحرية غير المسؤولة. - يجب أن ترتبط كل الحركات الفكرية والسياسية في السعودية بمقاصد الشريعة الإسلامية. - الأديب لا ينخرط ضمن مدرسة دينية مؤدلجة.
حوار : تركي العبدالحي – سبق – الخبر : دعا الأديب السعودي الدكتور حسن الهويمل إلى تطوير المؤسسات الدينية لتواكب المستجدات وقال إنه لا يمكن أن تقول إن المؤسسة الدينية يمكن أن تمارس مهماتها بشكلها ما قبل 30 أو 40 سنة. وقال الهويمل في حوار مع "سبق" من الممكن أن يكون للتيار التنويري في السعودية دور ويحقق نتائج طيبة ويفك الاختناقات الموجودة الآن والأزمات القائمة بسبب تعددية الخطاب داخل المجتمع الواحد. وأضاف: "نحن بحاجة إلى تهدئة الأوضاع". وشن الهويمل هجوماً على الحداثة والليبرالية قائلاً: "الحداثة والليبرالية موضات وموجات فكرية وأخلاقية وأدبية تجتاح المشهد العربي من الخارج وهناك نوع من الفراغ والتبعية، فتأتي طائفة من الشباب ويبدؤون يلحون على وجودها" إلا أن الهويمل أشار إلى التنوع الفكري داخل المجتمع السعودي تنوعاً صحياً بشروط. وحول الرقابة على الكتب في السعودية يؤيد الهويمل الرقابة عليها يقول: "أؤيد الرقابة لكن لا أريدها أن تكون متشددة بحيث تمنع كل عمل إبداعي وفكري ونقدي لمجرد الحساسية والتخوف والاحتياط وسد الذرائع". وشن الهويمل هجوماً على الروايات التي تحمل العهر والكفر، على حد قوله قائلاً: "ليس من محققات الإبداع العهر والكفر، بعضهم يتصور أنه يجب عليه أن يتحلل من الدين والأخلاق لكي يكون مبدعاً، الإبداع تجربة وموقف وإحساس وقدرة وثروة لغوية تمكنك أن تمارس الكتابة دون أن تتعمد". ورفض الهويمل وضعه في صف أحد الفريقين في السعودية حينما سألته "سبق" عن وصفه القصيبي بالمجدد، وقال : "أنا لست مرتهناً لأحد، هذه رؤيتي الشخصية وأنا لا أقبل أن أدخل في عباءة محافظ معين أو إسلامي أو ليبرالي، أنا لي رؤيتي الخاصة التي أؤمن بها وأتحمل مسؤوليتها". وتحدث الهويمل عن محاور عديدة، من ضمنها حديث عن 27 سنة قضاها في النادي الأدبي بالقصيم وقصة التعيين والانتخاب ومعركته مع الأديب عبدالله الغذامي التي استنزفت كل ما لديه، ورأيه في أدونيس وجائزة نوبل، ورأيه حول التعددية والتيارات الفكرية داخل المجتمع السعودي، بالإضافة إلى حديث حول الرقابة والكتاب. وإلى نص الحوار: * أبدأ معك دكتور حسن مع آخر مواقفك من الرواية السعودية في منتدى العمري، خصوصاً نقدك رواية رجاء عالم وعبده خال، أليس حصول رواية سعودية على جائزة البوكر يفند كل مواقفك السلبية؟ - الفوز بجائزة أي منظمة يخضع لشروط ومسوغات قد لا تكون منسجمة مع ما تضمره ثقافة أخرى أو نسق ثقافي، كالثقافة في المملكة العربية السعودية، ولا ينسجم مع الذائقة في المملكة، طبعاً هذا لا ينقص من قيمة المبدع الروائي ولكنه يختلف معه في التوجهات، فموقفي من الرواية ليس طعناً في أهليتها ولكن استدراكاً لبعض النواقص فيها سواء فيما يتعلق باللغة أو الفن أو الدلالة. * هل المعايير التي تتبعها البوكر مثلاً لا تتناسب مع النسق الثقافي السعودي أو "الخصوصية السعودية"؟ - بالطبع قد لا تتناسب لأن كل مجتمع له خصوصية ثقافية ونسق ثقافي ورؤية ثقافية وهم ثقافي وأوليات، فبالتالي ليس شرطاً أن تتفق مع المعايير والمقاييس مع مؤسسة تمنح جائزة. * تحدثت عن غياب الإبداع في الرواية السعودية، كيف ترى استخدام الجنس ومصطلحات الاستفزاز الديني في الرواية؟ - أعتبر هذا تعويضاً عن النقص الفني أو النقص اللغوي أو التسطيح الدلالي لأن الروائي يعرف مدى وصوله إلى المتلقي، فإذا لم يستطع من خلال إمكانياته ومن خلال موهبته ولغته وثقافته فهو يعوض هذا باجتراح المسكوت عنه. * تقصد التابو "الجنس – السياسة – الدين"؟ - نعم هو التابو أو الأشياء الممنوعة. * النقد الأخلاقي للرواية السعودية ناديت به في عدة منتديات، يقولون: هذه وسيلة تقليدية منغلقة لتكبيل الإبداع باسم الأخلاق في الرواية السعودية، وهذا يمنع اختراق التابو المسكوت عنه مما نتج عنه أن "الدين – الجنس – السياسة" تقع في أخطاء ولا أحد يستطيع من الأدباء نقدها خوفاً من الدخول في دهاليز ومشكلة الأخلاق؟ - لا أبداً النقد والتقويم والملاحظة والإصلاح لا تتعارض مع النقد الأخلاقي، النقد الأخلاقي يسلط الضوء على الذين يمارسون الجنس لذاته ويمارسون التجريح في القيم لذات الاستفزاز ولا يكون هدفهم الإصلاح، وإلا فكلمة إصلاح تعني أن هناك فساداً. * هل مسؤولية الرواية الإصلاح أم كشف المستور؟ - مسؤوليتها الإصلاح، أما كشف المستور فهذا من باب إشاعة الخطيئة، والإسلام يعلمنا أن الأمة معافاة إلا المجاهرين. * هذه نظرة دينية للرواية! - ولا يمكن أن يتخلى المجتمع عن الدين، الدين داخل في كل أوضاع المجتمع. * حتى في الأدب؟ - حتى في الأدب والسياسة والاقتصاد، الإسلام شامل وله قوانينه وأسسه وتوجيهاته على كل الأوضاع فلا يجوز تنحية الدين عن الأدب أو السياسة أو الاقتصاد أو تنحية الدين عن المجتمع تحت أي حجة. * لماذا يحاول الدكتور حسن الهويمل ربط الرواية والعمل الأدبي بالنظام السياسي للمملكة العربية السعودية، وهذا ما ذكرته في أحد الملتقيات الثقافية، تفرض أنت كل هذه القيود ومنها القيد السياسي وهذا تسييس متعمد للرواية وتقييد لها بالإضافة إلى الأدلجة المتعمدة للنص الأدبي، هذا يصادم تحرر الرواية يا دكتور. - أنا أتصور أن الفن أيا كان نوعه سواء كان فناً قولياً أو فناً فعلياً أو تمثيلاً أو رسماً أو موسيقى أو إبداعاً، مرتهن، أو على الأقل، خاضع لثلاث سلطات وليس ثلاثة تسلطات: سلطة سياسية , سلطة دينية, سلطة مجتمعية، لأن المبدع جزء من هذا المجتمع ولا يمكن أن ينفصل من هذا المجتمع والمجتمع ليس مجسمات حسية المجتمع قيم أخلاقية وقيم دينية وسياسية ومصالح وطنية فلا يجوز أن ينفصل المبدع عن مقتضى هذه السلطات الثلاث ومحققات هذه السلطات الثلاث.
* اليوم الليبرالية تدعو إلى رفع هذه السلطات الثلاث من على كاهل المثقفين والمجتمع وأنت تدعو إلى تكريسها؟ - الليبرالية لا تدعو إلى رفع هذه السلطات، الليبرالية تدعو إلى الحرية المطلقة أي الحرية غير المسؤولة، بينما أنا أؤمن بالحرية لكنها حرية منضبطة ومسؤولة وتستمد لحمتها من القيم السائدة الصالحة للتفاعل. * المرأة في الرواية السعودية مظلومة وتحتاج إلى من ينتشلها من واقعها ويعطيها واقعها هل أنصف النص الأدبي المرأة السعودية؟ - أنا لا أستطيع أن أقطع أن المرأة السعودية مظلومة أو غير مظلومة، فهي كالرجل لها وعليها وتخوض هذا المعترك، تجالد عن حقوقها وتنافح عن حقوقها وتطرح رؤيتها لكن أن نكرس النوعية أن هذه امرأة وهذا رجل ونكرس انقسام المجتمع بين المرأة والرجل هذا يعمق الخلاف ويضخم المشاكل، النساء شقائق الرجال يخوضون معترك الحياة وفق ضوابط سواء الرجل ظلم أو المرأة ظلمت فمن حقه أن يطالب بالكلمة الأدبية أو الشعرية أو أي نوع من أنواع التعبير. * وكيف تناولت الرواية السعودية المرأة برأيك، تناول سلبي أم إيجابي؟ - هي تراوح بين السلبية والإيجابية لا أستطيع أن أعمم وأقول إنها استخدمت الجسد عند المرأة أو الجنس فالمرأة تكون طبيبة وعاملة في الرواية وتكون زوجة سعيدة أو معذبة تكون متبرجة أو مطالبة للحرية، المرأة في الرواية السعودية لم توضع في جانب معين تعدد مواضعها وسماتها وأغراضها. * كيف ترون قرار وزير الثقافة والإعلام الأخير بأن تكون جميع مجالس إدارات الأندية الأدبية منتخبة بعد تشكيل مجالسها العمومية؟ - هذا هو الواجب أن يكون هناك انتخاب، فالوزارة أقالت أعضاء المجالس الأدبية المنتخبة والمعينة، وكان يجب بعد إقالة أعضاء مجلس الإدارة المنتخبين والمعينين أن تكون آلية الوصول لإدارة النادي آلية انتخابية. * لكنك بقيت معيناً 25 سنة يا دكتور حسن؟ - أنا بقيت بالانتخاب وليس بالتعيين 27 سنة. * لكنك انتخبت مرة واحدة ولم يجدد لك بالانتخاب واستمررت بالتعيين؟ - لم تطلب الجهة الحكومية المسؤولة أن يجرى انتخاب، هل تريدنا أن نعرض نحن الانتخاب؟ * ولماذا لم ترفض ذلك؟ - لو رفضت لما قبل، الجهة الرسمية هي التي تصدر أوامرها وتعاميمها على الأندية والأندية ليس أمامها إلا الامتثال. * هل لو عينوك رئيساً للنادي الأدبي كنت ستقبل بنظام التعيين؟ - لكل مقام مقال، خلهم يعينوني لكي أتصرف، هم أقالوني وأنا منتخب. * يا دكتور أقالوك وأنت منتخب منذ 27 سنة!! - يا تركي نعم أقالوني وأنا منتخب ويجب أن يكون هناك انتخاب ولا يكون هناك تعيين. * هل ستشارك في الانتخابات القادمة؟ - سأشارك كمرشح "بكسر الشين" وليس مرشحاً "بفتح الشين" . * هل الاستمرار بسياسة التعيين لا الانتخاب كانت من منطلق ثقافي وفكري يحافظ على أسماء معينة وذات أفكار معينة في سدة النوادي الأدبية؟ - تصوري أن الأندية الأدبية عاشت في أوضاع يجب أن تحاكم إليها وهي أن تبقى مستمرة على ما هي عليه لا أعضاء مجالس الإدارة طالبوا بالبقاء ولا الجهة التي يرجعون إليها طالبتهم بإعداد لوائح انتخابية وجمعيات عمومية ويجرون الانتخابات، فالجهة التي ينتمون إليها ساكتة وهم يديرون عملهم بالتي هي أحسن ولم يكن هناك إشكالية. * فترة رئاستكم للنادي الأدبي 27 سنة كنتم تدفعون نحو تكريس التعيين لأنكم رفضتم حينما ألغيت الانتخابات أن تستقيلوا وتطالبوا بإعادة الانتخاب كشكل من أشكال الرفض لعملية التعيين التي حدثت. - رئيس النادي المنتخب والذي هو على رأس العمل لا يمكن أن يقدم على الاستقالة ليأتي خلفاً عنه فهو يرى أنه كفاءة أدبية وهو الذي أنشأ النادي من لا شيء وهو الذي دعمه وبذل وجمع التبرعات وهو الذي سلم للمجلس الذي خلفه مبنى بثلاثة ملايين وسبعة ملايين إضافية كرصيد في البنك، لماذا أستقيل وأنا بهذه النجاحات وبهذا الأداء؟ وهل أحد طالب عبر القنوات الإدارية بالإقالة ورفضنا الإقالة؟ وأصلاً ليس من حق رئيس النادي أن يرفض الإقالة، فوزارة الثقافة والإعلام حينما رأت إقالة أعضاء مجالس إدارات الأندية لم تلتفت إلى رؤساء الأندية، وأصدرت أمراً بتشكيل مجالس جديدة واستلمت بدون إزعاج. * هل انقضت معركة الغذامي والهويمل الآن بعد مواقف جديدة للدكتور الغذامي؟ - اتضحت معالم رؤية عبد الله الغذامي ومعالم ورؤية حسن الهويمل، أنا استنزفت كل ما لدي وطرحت رؤيتي والغذامي استنزف كل ما لديه وطرح رؤيته ولم تبق هناك مسألة غير واضحة بين الطرفين، وتجديد المعارك من باب التكرار، ليس هناك قيمة للمعارك عندما تتضح الرؤية، الغذامي في مشروعه والهويمل في مشروعه، لم يعد هناك زوايا مجهولة أو معتمة يريد أحد الطرفين أن يوضحها، لكن لا يعني هذا عدم وجود اختلاف بين الخطابين والمشروعين.
* المطالبة بالتعددية الفكرية يرتفع صوتها اليوم في ظل صوت إسلامي ما زال يتحدث عن الأحادية مدعياً أن الحق لديه فقط ومنهم أنت يا دكتور؟ - ليست عملية أحادية أو ثنائية، المملكة العربية السعودية دولة إسلامية ويجب أن ترتبط كل الحركات الفكرية والأدبية والثقافية والاقتصادية والسياسية بمقاصد الشريعة الإسلامية، فأنا حينما أنادي بخطاب إسلامي لا يعني أنني أريد الأحادية، أنا أريد السعودية التي تطرح مشروعها الإسلامي والنظام الأساسي للحكم ينص أن الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغة الدولة والأسرة هي نواة المجتمع، يجب أن يتقيد المفكر والكاتب والشاعر والروائي بهذه القيم. * إذا تقيد بكل هذه القيود لم يعد مفكراً؟ - لا ليس شرطاً أن ينفلت، ليس شرط التفكير الانفلات، بل شرط التفكير الالتزام. * هل شرط التفكير الالتزام بكل هذه القيود التي ذكرتها؟ - نعم شرط التفكير الالتزام، كل مفكر منتم ويجب أن يكون ملتزماً، حتى اللامنتمي هو منتم إلى اللاانتماء وهو ينافح عن اللاانتماء واللاانتماء كيان ومذهب وقضية وتيار فكري. * في المحصلة أنت تدعو إلى خط إسلامي واحد في السعودية؟ - نعم ولا شك في ذلك، لا يمكن للمسلم ألا يدعو إلى الخط الإسلامي. * إذن هذه أحادية واضحة يا دكتور؟ - ليست أحادية بل هذا خط يجب أن يسلكه كل المفكرين الذين ينتمون إلى هذا الكيان، يا سيدي حتى الليبرالي يبحث عن الأحادية الليبرالية وحتى العلماني يبحث عن الأحادية العلمانية. * من أدبيات ومبادئ الليبرالية الدعوة إلى التعددية؟ - لا أبداً لا يدعون إلى التعددية لماذا يرفضون الإسلامي؟ لماذا يرفضني أنا وأنا جزء من هذا التعدد؟ * لا يرفضك وإنما يقول لك من حقك أن تعمل ومن حقي أن أعمل؟ - وأنا لا أمنعه، أنا أبين عواره فقط لا أكثر ولا أقل. * ألا تدعو إلى استخدام السلطة لقمعه؟ - السلطة لها شروط، والسلطة لا تكون حتى يكون لها حدود ومنهج وشخصية ومقتضيات ومحققات، لا يمكن تكون هناك سلطة من دون قمع لا يمكن أبداً، كيف يمكن أن تكون أنت أباً ولا تمنع ابنك من المخدرات، هذا يعني أنك قمعته. * لكن نحن نتحدث في جانب الأفكار وليس الجوانب الجنائية؟ - حتى الأفكار هي سبيل الأمور الأخرى، الفكر عندما تقول هذا فكر ليبرالي ماذا يدعو إليه؟ يدعو إلى الحرية والسفور والاختلاط والخلوة والتبرج والعري. * لماذا تتحدث عن هذا الجانب الأخلاقي في الليبرالية، هناك جانب سياسي ليبرالي واقتصادي؟ - لا مانع عندي أن يمارس نقده للجانب السياسي والاقتصادي، لكن يجب أن ينقد في إطار الأطر السائدة في المجتمع, فالمجتمع لا يمكن ان يكون فوضى، مجتمعنا له سمه وخصوصية وله محققات يجب أن أحافظ عليها، متى أكون أنا مواطناً سعودياً؟ هل فقط لأني أحمل كلمة "س ع و د ي"؟ هذه الكلمة لها محققات يجب أن أنافح عنها وأول هذه المحققات الإسلام. * هل هناك أيدلوجية معينة يشترط أن يؤمن بها الإنسان ليصبح سعودياً؟ - الأيدلوجية علم الأفكار والمفكر يؤمن بفكر، أي إنسان يتعاطى مع إي فكرة هو أيدلوجي. * كيف أصبح المشهد الفكري والأدبي اليوم في "ما بعد الحداثة" و "ما بعد الصحوة"؟ - هناك ارتباط فكري واضح، وهناك تيارات متعددة وليس هناك رؤية واضحة يستطيع الإنسان أن يقول من خلالها هذا هو المشهد بقضه وقضيضه وملامحه وأسسه، هناك نوع من الارتباك موجود ليس في السعودية فقط بل في كل العالم العربي بعد القنوات الفضائية والمواقع وتمكن الإنسان من الوصول إلى أي فكر أو خطاب أو أيدلوجية معينة وفهمها والتعاطي معها والتأثر بها. * هل من الممكن تسييس الأدب والأديب ليصبحوا أسلحة لقيادة تغيير سياسي، إيجابياً كان أو سلبياً؟ - ما في شك أن أي لعبة سياسية لا يمكن أن تنزل على الأمة وعلى الدولة كالشهب، لا بد أن يكون هناك أشخاص يروجون لهذا. * أنا أريد أن أعرف موقع الأديب والمفكر في العملية السياسية اليوم؟ - كل شيء مسيس الآن. * هل ندمت على الجلاد مع الحداثيين بالذخائر الحية خصوصاً أن بعضهم غير جلده؟ - أنا لا أتصور أنه بهذا المفهوم الذي أثارته جريدة عكاظ وهذه المصطلحات "ذخيرة حية". * هذا كلامك لعكاظ ؟ - هو جدل فكري حول قضايا معينة أنا متمسك برؤيتي العربية الإسلامية وهم متمسكون برؤيتهم الغربية أو الشرقية، لا يمكن أن يكون لك وجود ممسوخ أنت لك وجود إسلامي وقومي وطائفي ولا بد أن تنافح وتجالد من أجل هذه القناعة الفكرية ولا يعيب الإنسان أن يجالد من أجل ما يؤمن به. * هل لدى الأدباء والمفكرين السعوديين اليوم هذا الهم، أم أن الخلافات الشخصية والفكرية البحتة غطت على هذا الهم؟ - هناك هم إصلاحي لكنه متفاوت حسب الخلفية الثقافية التي ينطلق منها الإنسان وحسب القدر الكافي من الإصلاح. * الشباب السعودي مهتم اليوم بقراءة المفكرين العرب كأركون والجابري وأبو زيد وغيرهم رغم اختلاف أطروحاتهم، هذا الانفتاح على المفكرين العرب هو انفتاح إيجابي أم سلبي؟ - هذا انفتاح إيجابي إذا استطاع المنفتح أن يؤصل لفكره وعقيدته ويدخل في حوار متكافئ لا يدخل معهم في استسلام وخضوع. * الساحة الثقافية اليوم تتحدث عن قيم الحرية والعدالة والديمقراطية، هل ترى البيئة اليوم قابلة لتتوفر فيها كل هذه القيم؟ - لا، تختلف، النظم السياسية متفاوتة في موضوع القبول في مثل هذه المطالبات، أنت تعلم أن النظم السياسية العربية تختلف ولذلك لا تستطيع أن تقطع بأن الأجواء العربية قابلة لمثل هذه المطالبات. * هناك شرعيون ومثقفون سعوديون يكتبون اليوم عن مثل هذه القيم كيف ترى بيئتنا السعودية خصوصاً في قبول هذه القيم؟ - تقبل هذه القيم لأن نشر هذه القيم هو مقتضى إسلامي، لكن هناك حدود معينة لتحقيق هذه المطالب، فمثلاً ما هو مفهوم الحرية التي يطالب بها الإنسان وما هو مفهوم العدالة؟ المشكلة أن المصطلح له عدة تصورات فقد يكون مقبولاً في تصور وليس مقبولاً في تصور آخر. * نشرت وكالات الأنباء العالمية عن أن علي أحمد سعيد "أدونيس" مرشح لجائزة نوبل للآداب هل ستبارك للعرب هذا الإنجاز فيما لو حصل عليه أدونيس أم أن خصومتك الفكرية ستمنعك من ذلك؟ - لا يعنيني أدونيس سواء فاز أو لم يفز فالجائزة ليست عربية والفائز لا يحمل هماً عربياً. * الفائز عربي. - نعم عربي لكنه لا يحمل هماً عربياً. * غازي القصيبي غائب حاضر، رحمه الله، أطلقت عليه مجدداً رغم أن الكثير من المحافظين لا يرونه كذلك ما الذي دفعك لمخالفتهم؟ - أنا لست مرتهناً لأحد، هذه رؤيتي الشخصية وأنا لا أقبل أن أدخل في عباءة محافظ معين أو إسلامي أو ليبرالي، أنا لي رؤيتي الخاصة التي أؤمن بها وأتحمل مسؤوليتها. * أنت لا تؤيد انخراط الأديب ضمن مدرسة دينية مؤدلجة أليس كذلك؟ - لا أبداً لا أؤيد. * في الوقت نفسه تصف نفسك ملتزماً إسلاميا؟ - طبعا ملتزم إسلامي لأنني منتم للإسلام ولست منتمياً لأيدلوجية معينة، وهل الإنسان إذا شهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله لا يقر بانتمائه إلى الإسلام؟ * لكنه يستخدم رؤيته الإسلامية الخاصة في النقد الأدبي؟ - نعم، أنا قلت لك إن الإسلام يحكم كل الأشياء بما فيها الأدب. * وماذا عمن يتحدث عن أن النصية الدينية ضد الإبداع دوماً؟ - هذا رأيهم وأنا أخالفهم في هذا، ولا يعنيني أن أخالف شخصا معيناً أو لا أخالفه المهم أن هذه هي رؤيتي. * هل هناك أعمال أدبية وشعرية التزمت النصية الدينية وأبدعت؟ - هناك أعمال روائية محتشمة متسامية أخلاقياً ليس العهر والكفر هو شرط النجاح والإبداع، ممكن أن تكون مستقيماً ومؤمناً وتبدع قصة ورواية. * أنت الآن تضع الرواية على طرفين إما عهر وكفر، وإما التزام وإيمان وحشمة؟ - أنت الذي وضعتها أنا لم أضعها. * أنت الآن قلت لي إن هناك أعمال محتشمة ومبدعة، وهناك أعمال فيها عهر وكفر؟ - أنا أقول ليس من محققات الإبداع العهر والكفر، بعضهم يتصور أنه يجب عليه أن يتحلل من الدين والأخلاق لكي يكون مبدعاً، الإبداع تجربة وموقف وإحساس وقدرة وثروة لغوية تمكنك أن تمارس الكتابة دون أن تتعمد العهر أو تتعمد الكفر هذا هو معنى كلامي. * اليوم تياران رئيسيان في السعودية "إسلامي وليبرالي" هل ترى هذا التنوع بالتحديد تنوعاً صحياً؟ - هو تنوع صحي إذا كان فيه نوع من القواسم المشتركة وفيه نوع من التوازن واحترام ثوابت الأمة، لكن إذا كانت القضية قضية خطأ وصواب فالإسلامي خطأ والليبرالية صواب، أو الليبرالية جملة خطأ والمنهج الإسلامي صواب، هذه الأطياف تتنافى وتمارس الإقصاء ضد بعضها البعض فهي لا تجنح إلى الحوار وتنمية القواسم المشتركة فيما بينهما.
* إذن أنت تدعو إلى أن تتقبل هذه الأطياف بعضها البعض؟ - أنا أدعو إلى الحوار وتنمية القواسم المشتركة نستطيع من خلالها أن نبني حضارة إسلامية عربية واضحة ومتميزة عن كل الحضارات الأخرى. * المنتمون للتيار الليبرالي اليوم يكتبون كتابات أدبية وفكرية كيف تجد هذا النتاج اليوم؟ - أنا لا أعرف أن هناك ليبرالياً بمعناه الغربي هناك تعشق لبعض الحريات والموضات. * هم ينسبون أنفسهم إلى الليبرالية؟ - حتى ولو ادعوا، وحتى الذين قالوا إنهم حداثيون ليسوا حداثيين إذا عرضنا نتاجهم على مقتضيات وأسس الحداثة ليسوا حداثيين، وكذلك الذين يتحدثون عن الليبرالية إذا أخذنا ما يقولونه وعرضناه على أسس الليبرالية ومقتضياتها ومبادئها ليسوا ليبراليين.
* يعني في السعودية لا يوجد ليبرالية ولا حتى حداثة؟ - لا يوجد بالمفهوم الغربي. * أقيمت على مدى السنوات الماضية معارض الكتاب في السعودية أبرزها معرض الكتاب الدولي بالرياض وتصادم الطرفان الإسلامي والليبرالي على آلية الرقابة هل تؤيد الرقابة من حيث المبدأ؟ - نعم، أؤيد الرقابة لكن لا أريدها أن تكون متشددة بحيث تمنع كل عمل إبداعي وفكري ونقدي لمجرد الحساسية والتخوف والاحتياط وسد الذرائع. * اليوم الرقابة جعلت الكثير من المؤلفين السعوديين يتوجهون إلى العديد من دور النشر خارج السعودية ويطبعون كتبهم هناك ويدخلون كتبهم خفية أو من خلال معرض الكتاب الدولي في الرياض، هذه الرقابة سيئة يا دكتور! - في نظرك سيئة. * بل في نظر الكثير من المؤلفين السعوديين الذي يعانون. - هم أحرار. * اليوم يا دكتور حسن نعيش في انفتاح معلوماتي وهذه ضريبة العولمة ما فائدة أن تمنع كتاباً تستطيع الحصول عليه في دقائق معدودة خلال الإنترنت؟ - الدولة لا تمنع حصولك كفرد ولهذا أنا عندما أسافر إلى بيروت وإلى المغرب أو أسافر إلى أي مكان ومعي حقيبة مليئة بالكتب لا يسألون عنها كشخص لكن كتسويق يمنعون. * أنت حينما تمنع بهذه الطريقة تجعل الجميع راغباً في الحصول على هذا الممنوع! - والله هذه رؤية أنا أؤيدها في كثير من المواقف لوجود شباب ليس لديهم التحصيل الفكري والأخلاقي لو وقعت مثل هذه الكتب المضللة في أيديهم قد تسيء إليهم وتسيء إلى المجتمع. * وماذا عن كتب الكثير من المفكرين الإسلاميين الممنوعة وبعضها عليه توصية نشر من الجامعات السعودية؟ - منعت لأنه ربما تحتوي على أشياء تخالف متطلبات المرحلة فكل مرحلة لها متطلبات فلا يجب أن نضع المراحل التي تمر بها الدولة في مستوى واحد، قد يكون كتاب إسلامي في فترة من الفترات مناسباً لأن يطرح للتداول وقد يكون في فترة غير مناسب. * وكل هذا بيد السلطة السياسية؟ - نعم بلا شك. * أنت ملكي أكثر من الملك يا دكتور! - لا ليست ملكية أكثر من الملك أنا ضد الفوضى وضد رفض السلطة، أنت عندما تبايع ملكاً ويأتي وزير أو رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو رئيس جامعة بلائحة تنظيمية وتأتي أنت لتقول لا تتحقق الحرية حتى أخالف اللائحة هذا يعني أننا دخلنا في الفوضى، مشكلة الحداثيين والليبراليين أنهم لا يفرقون بين السلطة المشروعة والتسلط المذموم هم يرون أنه كل ما خطر على بالي سأنفذه وإذا منعت فأنا إنسان مقموع. * هم يتحدثون أن تكون هذه التشريعات والأنظمة شورية يشترك فيها جميع المواطنين؟ - مشتركة لكن كيف أقبل أنا بالسلطة، لما وضع نظام ساهر قلت الحوادث وقلت الوفيات، لم يكن الناس يعون أدبيات المرور وأخلاقيات القيادة لا بد من وضع ضوابط وروادع تمنع الفوضى والجهل والتعدي. * سأنقل لك كلام خاص جداً لأحد الحداثيين المعروفين أن التيار الحداثي يغار من طرح بعض الليبراليين اليوم لقيم الانفتاح والحرية والعدالة ولذلك يسعى إلى تهميشهم، هل ترى فرقاً واضحاً بين الحداثيين قبل زمن وبين الليبراليين اليوم؟ - لا أتصور، هي كلها موضات وموجات فكرية وأخلاقية وأدبية تجتاح المشهد العربي من الخارج وهناك نوع من الفراغ والتبعية فتأتي طائفة من الشباب ويبدأون يلحون على وجودها. * أنت تبشر قريباً بمرحلة "ما بعد الليبرالية"؟ - أنا ضد البعديات "ما بعد الحداثية والبنوية والليبرالية" لا أظن أن هناك بعدية واضحة المعالم، هناك تطور وتغيير، مثل ما يتبدل جسم الإنسان وخلاياه، الحياة الفكرية تتبدل فليس هناك بعدية. * فئة بات يطلق عليهم اليوم في الإعلام بالتنويريين، كيف ترى وجودهم في الساحة الفكرية؟ - هناك مفاهيم مختلفة للمقتضيات الإسلامية منها ما يجنح إلى التسامح وإلى خلق مناخات حوار والاشتغال بالقواسم المشتركة ويسمون بالتنويريين بينما يرى الآخرون عدم التواصل مع التيارات المختلفة. * كيف ترى مستقبل هذا التيار؟ - من الممكن أن يكون له دور ويحقق نتائج طيبة ويفك الاختناقات الموجودة الآن والأزمات القائمة بسبب تعددية الخطاب داخل المجتمع الواحد، نحن بحاجة إلى تهدئة الأوضاع. * أعود للخطاب الشرعي التقليدي الآن في السعودية فقد مر بمراحل عديدة قد يوصف بالمتشدد، وتتهم الفتاوى الأخيرة باتهامات عديدة، كيف ترى هذا الخطاب ومستقبله؟ - أنا أتوقع أنه من الضروري أن تتطور المؤسسات الدينية لتواكب المستجدات لا يمكن أن تقول إن المؤسسة الدينية يمكن أن تمارس مهماتها بشكلها ما قبل 30 أو 40 سنة، والرسول أخبر أن على رأس كل 100 سنة يأتي من يجدد للأمة دينها، يعني هذا أنه لا بد أن تتجدد وتغير وتعدل المؤسسة الدينية من خطاها، ضروري جداً هذا التجديد.
* رابطة الأدب العالمي الإسلامي يتحدث الكثير أن هذه الرابطة مثل التحفة لا فائدة منها ولا أثر لها على ساحتنا الثقافية؟ - ليس صحيحاً، هي تصدر 7 مجلات ب 7 لغات ولها أكثر من 13 مكتباً وكل مكتب له موسم ثقافي ومحاضرات وندوات ومطبوعات، هل الذي أصدر هذا الحكم اطلع على نشاطاتها واطلع على إنجازاتها؟ وعدم العلم لا يعني العلم بالعدم، كونك لا تعلم لا يعني أنه غير موجود، الرابطة موجودة وصحيح أنها دون المؤمل نظراً لإمكانياتها المحدودة وهي تعيش على التبرعات والاشتراكات. * شكرا لك دكتور حسن على سعة صدرك. - شكرا لكم