بث التلفزيون السعودي حلقة جديدة من برنامج "همومنا"، واصل فيها الدكتور عبدالعزيز الحميدي، الباحث الشرعي والمتخصص في العقيدة في مسألة الجهاد وضوابطه وغاياته، موضوع الجهاد، مبيناً أنه شعيرة مشروعة تخضع كغيرها من العبادات الكبرى إلى شرع الله وضوابطه وتحقيق مصالحه؛ فليس القتل لذاته مقصوداً في الجهاد، فضلاً عن التدمير والقتل العشوائي وإحداث الرعب؛ إذ إن الجهاد وسيلة من وسائل إيصال الخير والهدى والحق للناس. ويرى الحميدي أن من أعظم الأمور التي يجب مراعاتها في الجهاد "حدود الله" في كل أمر؛ فقد قال تعالى "والحافظون لحدود الله" عند ذكر الجهاد والمجاهدين في آية "إن الله اشترى"، وذكر شيئاً من صفاتهم "التوبة"، وكذا ذكر فئة أخرى هي القيّمة على أعمال هؤلاء، والموجهة لها، والمبينة لها، وهم العلماء الحافظون لشرع الله ودينه وشروط الأعمال التعبدية، كما يحفظون تفاصيل الصلاة وما ينقضها وما يبين صحتها، وأمور الصيام وأمور الحج، فإذا استرشد أولئك المجاهدون وضبطوا أفعالهم بتوجيه أهل الكتاب الهادي الحافظين لحدود الله حصلت المقاصد الكبرى. ونبّه الحميدي إلى قضية مهمة جداً هي أن الإنسان، بوصفه إنساناً، تتحكم فيه دوافع ونوازع تتفرع من ثلاثة دوافع أساسية، يسمونها "القوة الشهوانية" و"القوة الغضبية" و"القوة العقلية". فالقوة الشهوانية مثل حب المال والنساء والشهرة، إذا تحكمت فيه صارت مسيطرة عليه، وأصبح لا يرعى شرعاً ولا يرعى حرمة لله ولا حدود الله. وكذلك القوة الغضبية إذا لم تنضبط بالحفاظ على حدود الله تصبح مثل القوة الشهوانية، وتدفع الإنسان إلى تجاوز حرمات الله. وبيّن الدكتور الحميدي أن اجتماع القوة الشهوانية مع القوة العقلية يدفع إلى الإعجاب بالرأي، ويقود إلى القوة الغضبية؛ وبالتالي سينغلق عليه الهدف الحقيقي من الجهاد؛ فتتحول نوازعه النفسية إلى الانتقام بالقسوة وبإحداث أكبر قدر ممكن من الرعب مثلاً، وبإثبات الوجود للموجودين، ويخرج هنا بالجهاد عن هدفه الأسمى. وأوضح الحميدي في هذه الحلقة بعض القصص النبوي ودلالاته فيما يتعلق بالجهاد وقتل الأنفس التي حرم الله إلا بالحق. وقد حظيت حلقات برنامج "همومنا" بمتابعات ونقاشات مكثفة على شبكة الإنترنت، وطالبه بعض المهتمين بمواصلة التحليل والتفسير لهذه الموضوعات التي تجاذبتها تيارات العنف والتطرف؛ فوعد الشيخ الحميدي بتنقيح هذه الحلقات التلفزيونية وطرحها في إصدار مطبوع يتوقع أن يرى النور مطلع العام القادم.