رفَض أهالي محافظة الطائف وكل المستفيدين، عملية بدء إغلاق مستشفى الأمراض الصدرية، الذي يُعَدّ من أقدم المستشفيات بالمملكة، وأعربوا عن استيائهم بسبب الاستغناء عن ذلك المبنى وتوزيع المرضى على المستشفيات الأخرى؛ سواء الأقسام المتخصصة أو من خلال العيادات؛ مشيرين إلى أن ذلك الإجراء يزيد العبء ويخيف المرضى الآخرين من احتمال تفشّي مرضى "الدرن" بينهم. وقال الأهالي: "القرار اتُّخِذَ لتغطية قلة الإمكانات، والتعمية على الملاحظات التي كَشَفَتها "نزاهة"، وكذلك بسبب عجز "الصحة" عن الاهتمام بذلك المستشفى، وليس بدافع أن المباني متهالكة".
وكانت "صحة الطائف" قد أكدت، في تصريحات سابقة وعلى لسان ناطقها الإعلامي سراج الحميدان، تعليقاً على قُرب إغلاق مستشفى الصدرية والإبقاء عليه مركزاً للدرن، بالقول: "هناك توصية من الوزارة بالاستفادة من الإمكانيات والتجهيزات الموجودة في المستشفيات العامة والتخصصية لمراجعي الأمراض الصدرية، وهو ما تعمل على تنفيذه "صحة الطائف"؛ حيث تدرس آلية الاستفادة من التجهيزات الطبية والكوادر الموجودة وما به من أجهزة في مستشفى الملك عبدالعزيز التخصصي، ومستشفى الملك فيصل؛ لرعاية مَن يعانون من أمراض صدرية؛ بهدف مساندة مستشفى الصدرية".
وأضاف: "هذه الخطوة ترمي إلى التسهيل على مرضى الصدر ممن يحتاجون عناية طبية في مستشفيات عامة، وفي تخصصات أخرى، مع وجود استشاريين وأخصائيين في تلك المستشفيات يقومون بمتابعة أمراض الصدر؛ علماً بأن مستشفى الصدرية بكامل طواقمه ووضعه الحالي قائم ويُعتبر مرجعاً طبياً بمنطقة مكةالمكرمة، وكان قد حقق نسبة شفاء بين مرضى الدرن، تجاوزت ال91%، ولا يوجد نية لإحلاله أو ما شابه ذلك".
وعلى مدى الأيام القليلة الماضية، تزايَدَ الحديث عن إغلاق مستشفى الأمراض الصدرية بمحافظة الطائف، وتحويله إلى مركز ل"الدرن" فقط، ويأتي ذلك في سياق ما أُثير حول هذا المستشفى في الأعوام السابقة، من مشكلات تتعلق بفساد مالي وإداري، ترتّب عليها تعاقب ثلاثة مديرين للمستشفى خلال السنوات الأربع الماضية؛ أحدهم كفّت يده عن المناصب الإدارية، والآخر قدّم إعفاءه، والثالث طُلِبَ منه تقديم إعفائه.
ونشرت "سبق" تفاصيل عديدة عن مستشفى الأمراض الصدرية بالطائف؛ من أبرزها: أسباب كفّ يد المدير الأسبق للمستشفى (ع. ع)، وهذا القرار صدر من المباحث الإدارية بالطائف، وتم تأييده من قِبَل إمارة منطقة مكةالمكرمة، وهذا رابط ما نُشر في وقته:http://sabq.org/snWede، وأسباب تقديم المدير السابق للمستشفى (ب. غ) لإعفائه، وهذا رابط ما نُشر في وقته: http://sabq.org/Glwfde، ثم تقرير الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد "نزاهة" حول وضع هذا المستشفى وما به من مخالفات تم رصدها من قِبَل الهيئة: http://sabq.org/AS5fde.
وزاد اللغط حول إغلاق المستشفى وتحويله إلى مركز ل"الدرن" فقط، عقب تشكيل لجنة برئاسة المدير الأسبق للمستشفى (ع. ع) -المكفوفة يده عن المناصب الإدارية- لدراسة وضع مستشفاه السابق وتقديم تقريره عنه.
وتناقلت الأوساط الصحية أنه قد أوصى بإغلاق أقسام الصدر والعيادات الخارجية والطوارئ وأقسام تنويم مرضى الصدرية (رجال، ونساء)، وكذلك قصر الخدمات المساعدة "المختبر والأشعة" على الفترة الصباحية فقط، وكأن مرضى "الدرن" لا يحتاجون هذه الخدمة إلا في النهار!! وهذا عكس رأيه حال إدارته للمستشفى سابقاً.
وكان عدد مراجعي الطوارئ والعيادات الخارجية للعام المنصرم بمستشفى الصدرية بالطائف، قرابة 69 ألفاً؛ شاملة مرضى الربو، والتهابات الصدر المختلفة.. والعام الذي قبله راجع المستشفى 62 ألفاً.. وهو المستشفى الوحيد الذي يخدم مرضى الصدرية بمنطقة مكةالمكرمة، كما أن الشؤون الصحية بالطائف أصدرت العديد من القرارات في الآونة الأخيرة، حازت على رضا طبقات واسعة من موظفي الشؤون الصحية ومواطني الطائف، والمرجوّ منها دعم الخدمات الصحية في المنطقة وتعزيزها وتطويرها، في ظل الدعم غير المحدود من مقام خادم الحرمين الشريفين وحكومته الرشيدة.
وأبدى عدد كبير من المواطنين والمتابعين بالطائف تذمرهم من القرار حيال إلغاء المستشفى وتوزيع مرضاه على المستشفيات الحكومية الأخرى، التي تئن بسبب عدم وجود أَسِرّة للمرضى، كما أن مستشفى الملك فيصل الجديد لم يتم تشغيل معظم الأَسِرّة لديه حتى الآن؛ فكيف بقرار ظالم وغير مدروس يتم من قِبَل أحد القياديين السابقين لهذا المستشفى، والذي تمت إقالته ومنع استلامه أي إدارة؛ حيث هو من يعمل على تنفيذ ذلك التوجه، والذي سيدمر هذا المستشفى القديم والذي يخدم أهالي المحافظة؛ فبدلاً من تطويره وتدعيمه يتم قفله؛ كتغطية لما تم رصده من ملاحظات وفساد مالي وإداري.
وتزايدت المطالبات بإلغاء ذلك التوجه، والحفاظ على مكانة المستشفى العريق دون إلغائه، والمطالبات بتدخّل وزير الصحة المكلف والمسؤولين في وقف ذلك التوجه الذي لا يخدم المواطنين.
وقال الأهالي: "بدأت "صحة الطائف" تنفيذ هذا التوجّه لمدير الشؤون الصحية بالطائف الدكتور معتوق العصيمي؛ وذلك بإغلاق مستشفى الصدرية، ويأملون من خلاله تحقيق نقلة نوعية في الخدمة المُقَدّمة للمرضى بمحافظة الطائف، وكأنهم يرون في ذلك إنجازاً، وهو في حقيقة الأمر يُعَدّ "تدميراً"؛ لكونهم يُلغون مستشفى قائماً بذاته وخدماته، ويلتفون لتنفيذ ذلك الأمر بعد تعاقب العديد من المديرين، دون أن يكون لهم جهد أو تميز يقدمونه لهذه الفئة من المرضى".
وأضافوا: "تضمن الآلية المقترحة -فيما يخص مستشفى الملك عبدالعزيز التخصصي- إنشاء قسم للأمراض الصدرية يتبع تنظيمياً لمساعد مدير البرنامج للخدمات الطبية أو للمدير الطبي، ويقوم قسم الأمراض الصدرية باستقبال المرضى المحولين من مستشفيات المحافظة، وتغطية العمل في المستشفى على مدار الساعة يومياً، وعلى رئيس القسم إعداد سياسات ومجال الخدمة للقسم، وكذلك إعداد الوصف الوظيفي للعاملين بالقسم، ويخصص لقسم الأمراض الصدرية بعد انتقال أقسام النساء والولادة للمبنى الجديد جناح تنويم للرجال، وآخر للنساء في نفس الدور إن أمكن؛ على أن تشمل غرفاً للعزل وللحالات الحرجة، بالإضافة لغرف المرضى ومكاتب للأطباء، والتوسع في عدد عيادات الصدر حسب الحاجة، وأن تتكون القوى العاملة من ثلاثة استشاريين وثلاثة أخصائيين وثلاثة مقيمين".
وأردف الأهالي: "الآلية المقترحة لمستشفى الملك فيصل تشبه ما سبق بمستشفى الملك عبدالعزيز؛ إلا أن الزيادة في القوى العاملة التي تتضمن ثلاثة أطباء استشاريين وستة أخصائيين وستة مقيمين؛ على أن يبدأ القسم بعيادتين يومياً؛ على أن يتم الوضع لاحقاً لزيادة أو إغلاق بعض العيادات، وتخصيص عيادتين للصدر وغرفة لاختبار وظائف الرئة".
وكانت الشؤون الصحية بالطائف قد قررت البدء في إغلاق مستشفى الأمراض الصدرية بشكل تدريجي؛ نتيجة خطورة بعض المباني.
وأصدرت الشؤون الصحية بياناً قالت فيه: "إن وزارة الصحة -ممثلة في مديرية الشؤون الصحية بمحافظة الطائف- أكدت حرصها على تطوير وتحسين الخدمات الصحية ومرافقها.. وحرصاً منها على تطبيق مبدأ الشفافية الذي تنتهجه الوزارة دائماً؛ فقد تم تشكيل لجنة مكوّنة من عدة جهات حكومية؛ للكشف على مباني مستشفى الأمراض الصدرية بالطائف، وكانت مرئيات اللجنة إخلاء المباني لقِدَمها وتهالكها؛ بناء على تقارير هندسية من مؤسسة متخصصة ومعتمدة من قِبَل وزارة الصحة".
وأضاف البيان أنه: بعد مراجعة ودراسة توصيات اللجنة، صدرت توجيهات المسؤولين بوزارة الصحة، بضرورة إخلاء مباني المستشفى، وسرعة البحث عن مبانٍ بديلة؛ حرصاً على سلامة المرضى والمراجعين.
وتابع: "المجلس التنفيذي ل"صحة الطائف" باشَرَ التنفيذ فوراً خلال الاجتماع الذي عُقِدَ يوم الاثنين الموافق 15/ 10/ 1435ه؛ حيث تم تكليف مدير إدارة المستشفيات، لرئاسة وتكوين فريق عمل من الإدارات المختلفة وذات العلاقة؛ لرسم خطة الإخلاء والإشراف على تنفيذها".
وأوضح البيان أن عملية الإخلاء بدأت فعلياً من 28/ 9/ 1435ه؛ بناء على تعميم مدير عام الشؤون الصحية بمنطقة مكةالمكرمة، القاضي بعدم تحويل المرضى من مستشفيات المنطقة إلى مستشفى الأمراض الصدرية؛ مشيراً إلى أنه تم التعميم على جميع الفِرَق الإسعافية داخل المحافظة بعدم نقل أي حالة طارئة لمستشفى الأمراض الصدرية، وتحول جميع الحالات إلى مستشفى الملك فيصل اعتباراً من 15/ 10/ 1435ه.
وأكد البيان أنه سيتم استيعاب المرضى في مستشفى الملك عبدالعزيز التخصصي ومستشفى الملك فيصل؛ حيث تم توفير الاحتياجات اللازمة، وفتح عيادات للأمراض الصدرية، وسيتم إيقاف العمل في استقبال أي حالات في طوارئ الصدرية؛ اعتباراً من 12/ 11/ 1435ه.
وكان مصدر مسؤول بالهيئة الوطنية لمكافحة الفساد "نزاهة"، قد صرّح بأن الهيئة تلقّت بلاغاً من أحد المواطنين، مفاده: وجود عدد من الملاحظات على مستشفى الأمراض الصدرية بمحافظة الطائف، واستناداً لاختصاصات الهيئة المنصوص عليها في تنظيمها الصادر بقرار مجلس الوزراء رقم (165) وتاريخ 28/ 5/ 1432ه، وفي ضوء الأمر السامي رقم (25686) وتاريخ 23/ 5/ 1433ه، الذي أوكل للهيئة مهمة متابعة توفير الخدمات للمواطنين، وأن تصل إليهم على أفضل مستوى، والأمر السامي رقم (21013) وتاريخ 19/ 4/ 1433ه القاضي بالتأكيد على جميع الأجهزة الحكومية، بالحرص على تطوير الخدمات، وتقديمها لكل محتاج من المواطنين، وتلافي أي قصور؛ فقد تم تكليف ممثل عن الهيئة للوقوف على وضع المستشفى.
واتضح للهيئة قِدَم مباني المستشفى وتهالكها؛ حيث مضى عليها أكثر من 60 سنة؛ حيث سبق لمدير الشؤون الصحية للخدمات العلاجية بالطائف أن طَلَب إخلاء أحد المباني لخطورته؛ إلا أن ذلك لم يتم، كما أن سيارة الإسعاف بالمستشفى متعطلة منذ فترة طويلة، ولم يتم إصلاحها، ولوحظ انتشار الحشرات والقطط داخل المستشفى، ونقص بعض الأجهزة الكهربائية، وعدم صيانتها؛ مثل: المكيفات، والثلاجات، والغسالات، وقلة مقاعد الانتظار، إضافة إلى قلة الكوادر الطبية المختلفة من أطباء وممرضين.
واتضح أن قسم النقاهة الخاص ب"الدرن" (رجال) سبق نقْله من مستشفى الملك فيصل بشكل مؤقت منذ عام 1426ه، ولا يزال موجوداً إلى هذا الوقت، كما لوحظ عدم توفر وسائل السلامة في المستشفى؛ مثل نظام إنذار للحريق، إضافة لعدم وجود وسائل نداء في غرف المرضى لطلب المساعدة من قسم التمريض؛ نظراً لقِدَم المبنى، وأن معظم الأجهزة الطبية قديمة وكثيرة الأعطال، مثل جهاز الأشعة، وجهاز اختبار التنفس، مع عدم وجود قسم للإعاشة في المستشفى؛ حيث يتم إحضار الطعام للمستشفى بشكل يومي من مستشفى الملك فيصل.
وقد طلبت الهيئة من وزارة الصحة، التحقيق مع المتسببين في الإهمال والنقص الملحوظ، ومجازاتهم وفق الأنظمة، ومعالجة وضع المستشفى، بما يكفل توفير الخدمات الصحية للمواطنين بالمستوى المطلوب، وإفادة الهيئة بكل خطوة.
وفوجئ أهالي الطائف والمستفيدون من خدمات مستشفى الأمراض الصدرية، بقرار الإغلاق بدلاً من التطوير والمعالجة، وطالبوا -عبر "سبق"- بأن يصل صوتهم إلى مقام خادم الحرمين الشريفين ووزير الصحة المكلف، والنظر في قرار إلغاء المستشفى، وتشكيل لجان للتحقيق ومعرفة الأسباب.